تم بالمركب الثقافي عبد الواحد القادري ، عصر اليوم الخميس 17أكتوبر الجاري، تقديم الإصدار الجديد المغنون ب "الباشادور" لعميد الرواية المغربية الدكتور حسن أوريد وذلك بحضور عدد غفير من المهتمين بالأدب والتاريخ المغربيين. وفي مستهل حديثه ، تحدث الدكتور حسن أوريد عن علاقته بالمرحوم الجنرال عبد الحق القادري عندما كان يشغل منصب ناطق رسمي للقصر الملكي ، قبل أن يعرج إلى الحديث عن هوسه بمدينة الجديدة الحاضرة في أعماله خاصة رواية المورسكي .. قبل أن ينتقل إلى الحديث ، عن رواية "الباشدور" التي تتحدث عن أبي القاسم الزياني، باعتباره "شخصية مهمة عاش في دواليب المخزن وعايش محطات حاسمة ليس فقط في تاريخ المغرب بل في تاريخ الحضارة الإسلامية، حتى أنه عايش أفول الإمبراطورية العثمانية ونقل رسائل من محمد بن عبد الوهاب إلى سيدي محمد بن عبد الله" ويأتي مؤلف "الباشادور" رغبة من أوريد في تسليط الضوء على جوانب من تاريخ المغرب، وعلى شخصيات بارزة في تاريخ المغرب، كما هو الحال الشخصية الرئيسية في الرواية، مشيرا إلى أن هذا العمل بدأ منذ 2010 ومستحضرا حوار دار بينه وبين الصحافي علي أنوزلا حول ما وصفها ب "مطمورة" الشخصيات التاريخية. في هذا السياق، قال أوريد: "قد لا يكون العمل روائيا 100% ولا تاريخيا 100%، لقد بلغنا النضج الذي يمكننا من النظر إلى التاريخ بموضوعية، بما هو كائن وليس بما يكان ينبغي أن يكون"، مضيفا: "إن الاهتمام، الملاحظ، للمغاربة بالتاريخ ينم عن أسئلة وجودية يطرحها المغرب... الشعوب التي تجهل تاريخها تكرر نفس الأخطاء". وعن ما تتضمنه رواية "الباشادور" قال حسن أوريد :" هُناك رسائل فقهية بالرواية قد تُزعج القارئ أو تُشعره بالملل، لكنني ارتأيت من الناحية التاريخية أنها قد تفيد، ويمكن أن تتصور إذا كان هذا العمل فيه جوانب مملة للقارئ، فكيف سيكون مُتعبا للكاتب، حقيقة أخذ مني هذا العمل قسطا كبيرا من الوقت والراحة". وقال عن عنوان الرواية "العنوان من أدبيات العصر، لو كتبت "السفير" لن يكون موفقا، إن لفظ "الباشادور" هو كناية على عمل السفارة الذي اضطلع به الزياني بالدولة العليا أي الإمبراطورية العثمانية حينما أوفده السلطان سيدي محمد بن عبد الله في رسم الجهاد في الدفاع عن بيضة الإسلام". وعن الأسلوب الذي كتبت به "الباشادور"، أوضح المتحدث أنه حاول اعتماد أسلوب العصر الذي تؤرخ له الرواية، قائلا: "لم أكتب بلغة العصر، بل بلغة فقيه فقيه مخزني"، مضيفا: "أما لو كتبت بالفرنسية". ولم يخف المفكر المغربي إبرازه للهاجس البيدغواجي كما هو الأمر حين اختياره أن تكون زيارة الزياني لإحدى الزوايا في قالب روائي، مع التركيز على طريق التدريس بتلك الزاوية من خلال قصيدة تتلى بها. يشار إلى أن رواية "الباشادور" للكاتب حسن أوريد تعد عملا أدبيا مميزا يروي رحلة زمنية تمتد لمائة عام من تاريخ المغرب والحضارة الإسلامية، من خلال التركيز على شخصية أبي القاسم الزياني شاهدا على التحولات التاريخية في المغرب من العصور القديمة وصولا إلى الاستعمار الفرنسي، زاوج فيها الروائي أوريد بين الروح الأدبية والبحث التاريخي. و كما جاء على لسان أوريد "الباشادور، أريد لهذا البوح أن يكون صدى لنفسي. أريده معبراً عما اعتور حياتي. أريده صورة للحقيقة. أليست الحقيقة كما الغانية؛ يستوي جمالها عاريةً أو متدثرة؟ أتيح لي أن أعرف دار الإسلام. درجت في رحاب دار المخزن بمغربنا الأقصى، وتقلبت في البلاد من مغربنا العامر، أقصاه وأوسطه وأدناه. وعشتُ بالمحروسة ردحا من شبابي، وأقمت بها شطرا من كهولتي، وجاورت بالمدينة المنورة بعد إذ أديت فريضة الحج، وحللت برحاب الدولة العلية وشددت الرحال إلى بيت المقدس. بلاد الإسلام معهودة لدي. وأشعر أن السدى الجامع للمسلمين أخذ ينحل، وعروتهم تنفصم، وأن مغربنا أضحى غرضا للطامعين مذ حل الإفرنج بالمغرب الأوسط واحتلوا أرضه. بيد أن شرورنا نحو أنفسنا أسوا من الأطماع المتربصة بنا. فما نفعله بأنفسنا أسوأ مما يفعله العدو بنا. نمكنه من أمرنا بتناحرنا وجهلنا وجهالتنا. نحجم عن رؤية الحقيقة، ونتحايل عليها بإلقاء اللوم على الغير".