أحال المركز القضائي لدى القيادة الجهوية للدرك الملكي بالجديدة، الأحد الماضي، في إطار البحث الذي أجراه تحت إشراف النيابة العامة المختصة، 10 أشخاص، تمت متابعة 5 منهم في حالة اعتقال، و5 آخرين في حالة سراح، على خلفية تزييف وثائق ومحررات رسمية وعرفية، واستعمالها في أغراض تدليسية واحتيالية، والخيانة الزوجية، كل حسب المنسوب إليه. القضية كانت في بادئ الأمر لا تتعدى نطاق شكاية بالخيانة الزوجية، تقدمت بها سيدة من مركز سيدي إسماعيل، إلى الفرقة الترابية لدرك سيدي إسماعيل. حيث فتحت بشأنها الضابطة القضائية بحثا قضائيا، استمعت فيه إلى المشتكى به، والذي مد المحققين بوثيقة ثبوت الزوجية، عبارة عن صورة شمسية. وعند التقديم، طلب وكيل الملك بابتدائية الجديدة، من المشتكى به الإدلاء بالوثيقة الأصلية. الأمر الذي تعذر عليه. ما حدا بالنيابة العامة إلى إحالة المسطرة المرجعية والمشتكى به، على المركز القضائي التابع لسرية الدرك الملكي بالجديدة، من أجل تعميق البحث. وقادت التحريات التي أجراها المركز القضائي إلى الكشف عن خيوط اللعبة، والوصول إلى الفاعل الرئيسي، العقل المدبر، الذي لم يجد بدا من الاعتراف، بعد أن حاصره المحققون بأسئلة ووقائع محرجة. حيث أقر بالأفعال المنسوبة إليه، وبظروف وملابسات ارتكابها، وكشف عن تورط عدة أشخاص. وأسفرت عملية التفتيش التي أجرتها الضابطة القضائية، وفق قانون المسطرة الجنائية، في محل سكنى الأخير بجماعة سيدي إسماعيل، عن ضبط وحجز مجموعة من الوثائق، منها الصحيحة والمزيفة، كان الفاعل الرئيسي يستعين بها في عمليات التزوير والنصب والاحتيال على ضحاياه، ضمنها وثيقتان تحملان شارة الأمن الوطني، وتحمل صفة (المفتش العام للأمن الوطني ع. ب.)، وختم الإدارة العامة للأمن الوطني، وحكم قضائي صادر عن ابتدائية الجديدة، واستمارة طلب بقعة أرضية، وتصريح بالشرف، وصور شمسية لوثيقة الزوجية، ورسم إراثة، ورسوم ثبوت الزوجية، ورسم إقرار البنوة، وبطاقة زائر (قاضي التحقيق) بالمحكمة الابتدائية بالجديدة. وقد كانت بداية الداهية في التزوير والنصب والاحتيال، في أواخر سنة 2014، عندما كان يمر وقتها بضائقة مالية. ففكر في طريقة ناجعة يكسب بها المال، سيما أنه متعلم وبارع في الرسم والأشغال اليدوية. وانصب تفكيره على استغلال مهاراته. فكانت أولى خطواته مع عملية تزييف الوثائق التي تتعلق به وبأبنائه، بإخضاعها للتجربة، التي أعطت نتائج إيجابية. ومن ثمة، دخل ميدان النصب والاحتيال من بابه الواسع، بعد أن جمع ما يكفي من الوثائق والمحررات الرسمية والعرفية، التي كان صادفها في طريقه، سواء باختلاسها، أو تمويه أصحابها.. والحصول بالتالي في غفلة منهم على نسخ منها. وكان ينجز الوثائق المزيفة عند كاتبة عمومية بمركز سيدي إسماعيل، كان تعرف عليها، سنة 2004. حيث كان يقصدها بغية نسخ الوثائق الإدارية، المتعلقة بمؤسسة اجتماعية، كان يشتغل لديها. ومنذ سنة 2014، أصبح يتردد عليها بين الفينة والأخرى، لتحرير ما كان يدونه بخط يده، لكي تقوم بإعادة كتابته بالآلة الناظمة، على شكل وثائق ومحررات رسمية وغيرها. وكان لا يطلعها عن غايته من ذلك .. وبدروها لم تكن تطرح عليه أية أسئلة بخصوصها، بعد أن كانت تتقاضى مقابلا ماليا عن عملها. ضحايا النصاب كانوا بالعشرات، منذ أن ولج، سنة 2014، إلى عالم التزوير والنصب والاحتيال. وقد ظل على هذا الحال، إلى أن أطاح به المركز القضائي، التابع لسرية الدرك الملكي بالجديدة. وكان ضحاياه يتوزعون على الراغبين في ثبوت الزوجية، للتنصل من جريمة الخيانة الزوجية، والراغبين في منفعة عامة، والباحثين عن وظيفة في سلك الأمن الوطني، وهم 5 ضحايا، كان أولهم عامل مياوم (صباغ)، أراد أن يشتغل موظفا في سلك الشرطة. لكن مستواه الدراسي لم يكن يتعد السنة الرابعة إعدادي. فوعده الفاعل بإحضار شهادة للبكالوريا تخصه، وباستدعاء من المديرية العامة للأمن الوطني، لاجتياز مباراة الولوج إلى المعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة. وطمأنه بكونه له علاقات مع جهات نافذة في سلك الشرطة. وحدد مقابل خدمته في مبلغ مالي قيمته 5000 درهم. وبالفعل أحضر للعامل المياوم الوثيقتين، بعد أن عمد إلى تزييفهما، باعتماده على المعلومات والبيانات الشخصية، التي تهمه، والمضمنة في بطاقة تعريفه الوطنية والوثائق الإدارية التي مكنه منها. وقد التحق الفاعل بالكاتبة العمومية، وطلب منها أن ترقن له بواسطة الناظمة الإلكترونية، ما دونه بخط يده على ورقة بيضاء. وهذا ما فعلت، مقابل أجر. وبما أنه كان يتوفر على الشعار الذي يخص الأمن الوطني، كان تحصل عليه من مطبوع رسمي، عندما كان بصدد إنجاز بطاقة التعريف الوطنية، وكذلك على استدعاء كان عثر عليه في حاوية القمامة، فقد قام بإلصاق شارة الشرطة على الورقة التي رقنتها الكاتبة العمومية، وبإلصاق الختم والتوقيع في أسفلها. وعمد إلى استنساخ الوثيقة المزيفة، والتي بدت وكأنها حقيقية. وبالطريقة ذاتها، قام بتزوير شهادة البكالوريا، بعد أن ضمن نسخة كان حصل عليها، بالبيانات الشخصية التي تهم العامل المياوم (هويته..). وبدورها، بدت الوثيقة المزورة لشهادة البكالوريا، وكأنها حقيقية. فقام بتسليم المعني بالأمر نسخة شمسية من الاستدعاء، مؤكدا له أن الأصل مازال لدى المديرية العامة للأمن الوطني. ومن ثمة، تسلم المبلغ المالي، المتفق عليه. ووقع على إشهاد مع قريب للعامل المياوم. وبالطريقة ذاتها، كان الفاعل الرئيسي يعمد إلى تزييف الوثائق الأخرى. وكان يتقاضى عنها مبالغ مالية من الضحايا الذين كان ينصب عليهم، ويدلي لهم في بادئ الأمر بنسخ شمسية منها، على اعتبار أن الأصلية مازالت عند إدارة المؤسسات العمومية، المعنية بها.