عادل العواد: عضو الرابطة الوطنية للاطر العليا المعطلة إن دراسة المشكلات الاجتماعية التي يعاني منها الشباب العاطل تدخل في علاقات جدلية من حيث مستوياتها السيكولوجية والاقتصادية والسياسية، فالمعطل يعيش صراع داخلي بينه و بين ذاته (بسبب ملامح المستقبل غير الواضحة حاليا.)؛ وهذا بدوره يحرك مشاعر ووجدانيات سلبية لديه لان هناك كثير من الطاقة النفسية والجسدية لم تجد لها متنفسا؛ اذ تؤدي حالة البطالة عند الفرد إلى التعرض لكثير من مظاهر عدم التوافق النفسي والاجتماعي، إضافة إلى أن كثيراً من العاطلين عن العمل يتصفون بحالات من الاضطرابات النفسية والشخصية كالشعور بعدم السعادة وعدم الرضا والشعور بالعجز وعدم الكفاءة مما يؤدي إلى اعتلال في الصحة النفسية لديهم.، إضافة إلى أنهم يتعرضون للضغوط النفسية أكثر من غيرهم بسبب معاناتهم من الضائقة المالية، التي تنتج من جراء البطالة.كما ثبت ايضا أن العاطلين عن العمل يغلب عليهم الاتصاف بحالة من الملل والوحدة والشعور بالغضب نحو المجتمع، إضافة إلى الشعور بحالة من البؤس والعجز. ويذكر أن عدم التوافق النفسي أو الاضطرابات الشخصية التي يصاب أو يتعرض لها الفرد نتيجة البطالة قد لا يقتصر تأثيرها السلبي على الفرد بل كثيراً ما تؤثر على أسرته أيضاً، وتبرز المشكلة الأسرية، بصورة خاصة، إذا كان الفرد متزوجاً أو عائلاً، عندها تعيش الأسرة في أجواء يشوبها فترات من التواترات النفسية والعصبية وسوء التوافق النفسي والاجتماعي. ومن بين الامراض النفسية التي لها وقع كبير على الانسان العاطل نجد: 1 – الاكتئاب Depression: يعتبر الاكتئاب من أكثر الاضطرابات النفسية انتشاراً بعد القلق، ويعتبره البعض اضطراب العصر الحديث يصيب النفس بشكل تدريجي و يتسرب إليها كما يتسرب الظلام عند غروب الشمس وقد لا يشعر المريض نفسه بالتغيير الذي يطرأ عليه. و تظهر حالة الاكتئاب بنسب أكبر لدى العاطلين عن العمل مقارنة بأولئك ممن يلتزمون أداء أعمال ثابتة، وتتشابه اعراضه تقريباً بين الحزن والمشاعر الاكتئابية والاكتئاب النفسي والاكتئاب العقلي من الناحية الكيفية، إلا أنها تختلف من الناحية الكمية أى من حيث شدة الأعراض والمدة الزمنية . تنقسم أعراض الاكتئاب إلى أعراض وجدانية مثل: الشعور بالحزن، وفقد الحب، التشاؤم، فقدان الأمل، اليأس، عدم الاستمتاع بمباهج الحياة. وأعراض جسمية مثل: الشعور بتعب جسمي عام، صداع، أرق، اضطرابات النوم، فقدان الشهية والإمساك والصداع وتسرع القلب والآلام القطنية واضطرابات الطمث عند النساء وانخفاض المقوِّية العضلية. اما ألاعراض المعرفية فتتمثل بالشعور بالدونية، الشعور بالذنب، النظرة السلبية للذات والعالم والمستقبل، صعوبة التركيز، النسيان، عدم القدرة على الإبداع. وأعراض سلوكية مثل : عدم القدرة على التواصل، والخروج، وحضور المناسبات السعيدة والرحلات. وقد أكدت نتائج الدراسة التي قام بها 1983) Feather & Davenport) أن هناك علاقة ارتباطية عالية بين وضع أو حاجة الفرد إلى عمل وحالة الاكتئاب لديه. إذ “ثبت أن استمرار حالة البطالة وما يرافقها من حرمان ومعاناة، كثيراً ما يصيب الفرد بالاكتئاب والاغتراب الشئ الذي يدفعه الى ايذاء الذات و إلى الانتحار. 2 – تدني اعتبار الذات: يؤصر العمل لدى الإنسان روابط الانتماء الاجتماعي، مما يبعث نوعاً من الإحساس والشعور بالمسؤولية، ويرتبط هذا الإحساس بسعي الفرد نحو تحقيق ذاته من خلال العمل؛ لذا فإن انتماء الفرد إلى مؤسسة أو منظمة عمل بشكل رسمي يعزز ويدعم اعتبار الذات لديه، وعلى عكس ذلك فإن البطالة تؤدي بالفرد إلى حالة من العجز والضجر وعدم الرضا مما ينتج منه حالة من الشعور بتدني الذات أو عدم احترامها. لهذا فإن فقدان تحقيق الذات لدى الفرد قد يولد لديه شعوراً بعدم الارتباط والانتماء للمجتمع، وهذا بدوره يؤثر في روح المواطنة السليمة والصحيحة، التي تتطلب سلوكاً مستقيماً ينسجم مع أهداف المجتمع وقيمه. اما من جانب الصحة الجسمية والبدنية: فالتأثير السلبي للبطالة ينعكس على الصحة النفسية للفرد بالتأثير على الصحة الجسمية أيضاً؛ إذ إن الحالة النفسية والعزلة التي يعانيها كثير من العاطلين عن العمل تكون سبباً للإصابة بكثير من الأمراض وحالة الإعياء البدني. ولعل من أهم مظاهر الإعياء الجسدي والبدني، التي تصاحب العاطلين عن العمل: الإصابة بالتهاب المفاصل، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع نسبة الكلسترول، التي من الممكن أن تؤدي إلى أمراض القلب أو الإصابة بالذبحة الصدرية، إضافة إلى معاناة سوء التغذية أو اكتساب عادات تغذية سيئة وغير صحية. وقد أكد Argyle; 1989 )) في دراسته أن البطالة تؤدي دوراً أساسياً في الإصابة بمظاهر الإعياء الجسمي المختلفة.