شجبت جمعيات إسلامية فرنسية وأحزاب سياسية وصحف محلية كبرى تشبيه مارين لوبين -ابنة ونائبة رئيس حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف- لجوء بعض المسلمين للصلاة في الهواء الطلق خارج المساجد في فرنسا بالاحتلال النازي للبلاد في أربعينيات القرن الماضي. واعتبرت تلك الهيئات أن هذه المقارنة، التي وردت في كلمة ألقتها مارين لوبين يوم الجمعة الماضي أثناء تجمع خطابي في مدينة ليون بوسط فرنسا، تدخل في نطاق “التحريض على الحقد و الكراهية”، في حين أعلنت جمعية حقوقية فرنسية رفع دعوى قضائية بحق نائبة رئيس الحزب اليميني المتطرف. ووصف رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية محمد الموساوي تصريحات مارين لوبين بغير المسؤولة، مؤكدا في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه أنها “تسيء إلى كرامة المسلمين وذاكرة أجدادهم الذين ضحوا بحياتهم لضمان بقاء فرنسا ومبادئ جمهوريتنا”، في إشارة إلى عشرات الآلاف من أبناء المستعمرات الفرنسية السابقة في المغرب العربي وأفريقيا الغربية قضوا دفاعا عن فرنسا خلال الحربين العالميتين اللتين شهدهما القرن الماضي. وأضاف الموساوي أن تشبيه المصلين بالمحتلين النازيين يشكل “قذفا لمسلمي فرنسا وتحريضا على الحقد والعنف ضدهم”. ولفت إلى أن لجوء بعض المسلمين لأداء شعائرهم الدينية بالشوارع المحاذية لقاعات الصلاة ناجم عن النقص في عدد المساجد في فرنسا. وفي ذات السياق، أعلن رئيس الحركة من أجل مناهضة العنصرية ومن أجل الصداقة بين الشعوب مولود عونيت أن جمعيته قررت رفع دعوى قضائية ضد مارين لوبين بتهمة “التحريض على الكراهية والحقد الديني”، موضحا في تصريح للجزيرة نت أن “الشكوى ستقدم هذا الأسبوع لإحدى المحاكم المحلية”. كما انتقد جان فرانسوا كوبيه الأمين العام للاتحاد من أجل حركة شعبية، أكبر أحزاب الائتلاف الحاكم في فرنسا، تحامل مارين لوبين على المسلمين، لافتا إلى أن تصريحاتها قوضت جهودها الرامية إلى تلميع صورة اليمين المتطرف من خلال تشذيب خطابها الإعلامي في السنتين الأخيرتين. ورأى كوبيه أن مارين لوبين -التي تعد المرشح الأوفر حظا لخلافة والدها جان ماري لوبين الذي سيعلن تخليه عن رئاسة الحزب خلال مؤتمر يعقد منتصف الشهر المقبل- “لا تختلف عن أبيها مطلقا”، مؤكدا أن لديهما “نفس الشخصية وذات الأساليب ونفس الخلط في الخطاب”. أما اليسار الفرنسي فقد تبنى موقفا أكثر حزما في إدانته لتصريحات لوبين، إذ ندد ثلاثة من أعضاء المكتب الوطني للحزب الاشتراكي المعارض -وهم برونو لو رو وإستيفان لوفول وقادر عارف- بما أسموه “الهجوم الفاشي” على المسلمين الفرنسيين. واعتبروا في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه أن “مارين تجاوزت أباها في التطرف”، مؤكدين أن “النزعة اللوبينية نزعت قناعها وكشفت للملأ الوجه القبيح الذي تريد أن تعطيه لبلادنا”. من جانبها، نشرت يومية ليبراسيون -أكبر صحف اليسار الفرنسي- على صدر صفحتها الأولى رسما كاريكاتيريا يبرز الارتباط الفكري الوثيق بين مارين لوبين ووالدها. وخلصت الجريدة في مقالها الافتتاحي الاثنين إلى أن عداء السامية لدى زعيم اليمين المتطرف الفرنسي تحول إلى “تشهير صارخ وأعمى بالإسلام” لدى وريثته.