في إطار أجرأة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، أطلق المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أول أمس الأربعاء الجيل الأول من المشاريع المتعلقة ببرنامج جبر الضرر الجماعي تشمل المناطق التي وجدت بها مراكز الاعتقال أو الاحتجاز السري أو كانت مسرحا لأحداث تاريخية مرتبطة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والتي لا زالت ساكنتها تئن تحت وطأة ماض ثقيل ومسكون بذكريات الرعب والخوف، وقد همت هذه المجموعة الأولى من المشاريع: أقاليم ورزازات، الراشيدية، زاكورة، فكيك، الناظور، الحسيمة، والحي المحمدي بالدار البيضاء وخنيفرة. وقد اعتمد مجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في هذا الرنامج مقاربة تشاركية مع ممثلي السكان من خلال فعاليات المجتمع المدني بهده المناطق، حيث تم التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات تهم تنفيذ 32 مشروعا بين المجلس ومؤسسة صندوق الإيداع والتدبير و30 جمعية محلية وجهوية نشيطة بهذه المناطق المعنية بجبر الضرر الجماعي، وتروم هذه الاتفاقيات حسب أحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في كلمة له بالمناسبة، تعزيز قدرات الفاعلين المحليين في مجال الحكامة المحلية والنهوض بحقوق الإنسان والموطنة ومقاربة التنمية بالإضافة إلى الحفظ الإيجابي للذاكرة عبر تأهيل أماكن الذاكرة وإحداث فضاءات لحفظ الذاكرة وجمع المعطيات حول ماضي انتهاكات حقوق الإنسان، وكذا دعم الأنشطة المدرة للدخل لفائدة تلك المناطق المشمولة ببرنامج جبر الضرر الجماعي. وستعمل هذه الجمعيات النشيطة في مجال التنمية، ولها صلة مباشرة بالمواطنين سكان تلك المناطق، على تنفيذ مجموعة من المشاريع موضوع الاتفاقية والتي تهم ما أشار إيه حرزني في كلمته كتعزي القدرات (من قبيل إدماج المرأة في دينامية المجتمع المدني، إحداث مركز ثقافي، تعزيز القدرات التقنية للأطر والشباب، مركز فاضمة أوحرفو للتكوين والإعلام والتوجيه) وتنفيذ برامج مدرة للدخل كتحديث قطاع تربية النحل، وحفر آبار السقي واعتماد تقنية التقطير في سقي الأراضي والنهوض بالسياحة الإيكولوجية. وبخصوص البرامج المتعلقة بحفظ الذاكرة ستعمل هذه الجمعيات بمعية شركائها على تأهيل موقع للذاكرة بدوار حارة المرابطين، وإحداث مركز الريف لحفظ الذاكرة الجماعية، وانجاز مشروع كتابة تاريخ أحداث 1958-1959 بمنطقة الريف، إنجاز وثائقي عن الحي المحمدي ووثائقي عن أحداث الناظور 1984• ويعتزم المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان خلال الشهر الجاري إطلاق طلب العروض الثاني الخاص بالمناطق الثمانية التي شملها هذا البرنامج، كما ستم إطلاق طلب عروض أول بالنسبة يهم كل من إقليمطانطانوإقليم أزيلال ولإقيلم الخميسات هذه الأقليم كانت في وقت سابق موضوعة اتفاقيات وقعت بين المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ومؤسسة صندوق الإيداع والتدبير ووزارة الداخلية من أجل تنفيذ برنامج جبر الضرر الجماعي بها. ومعلوم أن صندوق الإيداع والتدبير أطلق في هذا الصدد خلال يوليوز 2008 طلب عروض موجه للجمعيات بغلاف مالي يبلغ 14 مليون درهم برسم سنة 2008، كما أن هذا البرنامج يحظى بدعم المفوضية الأوروبية، ومساهمة وكالة تنمية أقاليم الجهة الشرقية. زتجدر الإشارة إلى أن برنامج جبر الضرر الجماعي، الذي تم إطلاقه منذ سنتين، لفائدة 11 منطقة على الصعيد الوطني يكتسي بعدين رمزي ومادي، إذ يهم البعد المادي تنفيذ برامج للتنمية السوسيو اقتصادية لاتنحصر عند التعويض عن الضرر فحسب وإنما تتعداه إلى تبني مقاربة تدمج عدد مهم من حاجيات الساكنة المعنية، أما البعد الرمزي، فتتم ترجمته عبر اعتراف الدولة بالضرر الناجم عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة في الماضي، من خلال تنظيم أنشطة لإحياء الذكرى، تشييد النصب التذكارية، تأهيل أماكن الاحتجاز السرية وتحويلها لفضاءات لحفظ الذاكرة. عن بيان اليوم