يعتبر علم التصميم الحضري من العلوم الأساسية في تخطيط المدن و يرتكز اساسا على تجميع و تشخيص المعطيات الخاصة بمجال جغرافي و فيزيائي محدد وفق اليات محددة و دقيقة ترتكز بداية على تفهم المجال المراد تطويعه حضريا و هو ما يسمى في علم التصميم الحضري بالقراءة الحضرية و هي مرحلة مهمة جدا فيما يخص أي تصور مستقبلي لمخططات التهيئة العمرانية للمدن و أي تذبذب في تكامل هذا التصور النموذجي سيؤدي لا محالة الى تشوه في التنزيل و التطبيق .المرحلة الثانية في علم التصميم الحضري هو التحليل الحضري و نعني به تجميع العناصر الجزئية المشكلة للمجال الطبوغرافي في خواصه و أبعاده و أنساقه المعمارية المناسبة .ثم المرحلة النهائية و هي مرحلة التصميم الحضري و هي تجميع لكل المعطيات و العناصر السابقة و التي تشكلت على إثرها قناعة تصميمية لا تحتاج إلا للتنزيل العملي التي لا بد لها من مراعاة مجموعة من العوامل الأخرى مثل السلوك الحضري للساكنة. وسائل النقل .التجهيزات. الإرث الطبيعي .الإرث العقاري .أماكن الترفيه . موقف السيارات .المساحات الخضراء .... هذه باختصار أهم مقومات و دعائم علم التخطيط أو التصميم الحضري . إن المحاولة النظرية لتنزيل أساسيات هذا العلم على مدينة الحسيمة يحيلنا مباشرة على الهوة البارزة بين طبيعة و أساسيات علم التصميم الحضري وواقع المجال الحضري للمدينة المتسم بعدم التناسق بين ابعاده الحضرية و عشوائية تدبير المجال العمراني حيث تغيب أي بوادر لمخططات مدروسة في تنزيل التصاميم و هذا ما شاهدناه كثيرا خلال السنوات الماضية من سرعة في التنفيذ و تذبذب في الأداء و إعادة للترميم في أكثر من موقع لم يؤسس بشكل جيد في مرحلته الأساسية ( كورنيش صباديا كمثال.كورنيش موروبيخو.إنهيارات طرقية . تفجر قنوات المياه ....) لقد ادى سوء التخطيط العمراني للمدينة في نزع الأناقة التي كانت تتسم به الحسيمة قديما حيث لا زالت الساكنة تتذكر التصاميم العمرانية للمدينة التي اقامها المهندسون الإسبان إبان تواجدهم بالمدينة حيث انتشرت المساحات الخضراء في كل ربوع المدينة و تم تخطيط الأرصفة و الشوارع بما يتناسب مع مورفولوجيا المدينة و طبوغرافيتها مما جعلها بحق جوهرة البحر الأبيض المتوسط و أحد أجمل المدن في المغرب بحسب المستشرق الفرنسي لوشانتيل .بعد رحيل الإسبان و تسلم مقاليد التدبير من قبل المنتخبين المحليين تغيرت الأوضاع العمرانية رأسا على عقب حيث عمدت هذه المجالس على تغيير جميع المعالم الجميلة في المدينة و عوضتها بمخططات بشعة زادت الخناق حول المدينة و أضاقت المجال على الإنسان الحسيمي . إن الشرط الأساسي في كل تصميم حضري لا يعدو أن يكون ابداعا تخطيطيا يلائم الإمكانات الموجودة و فق تصور شمولي يراعي حاجيات الإنسان و أبعاده المجالية و الجمالية و لا يمكن الإيفاء بهذا الشرط في ظل تغليب أبعاد أخرى أقل ما يقال فيها انها ثانوية .