على قمم الجبال يستنشق الإنسان الهواء النقي، يحس و كأنه على مسافة قريبة من السماء،تمتزج فيه الفرحة و الخوف من المنحذر، تارة يحس و كأنه هزم و تارة أخرى تتسرب إلى ذهنه فكرة السقوط في الوادي، إنها قمم الجبال يا شعب. للكلمات تاريخا طويلا، فهذه الأصوات هي المعبر المباشر عن الوجدان الثقافي لشعب ما، عن طريقة تفكيره و رؤيته للأمور.في اللغة العربية تأخذ هذه الكلمة (اقصد قمة) مجموعة من الدلالات حسب السياقات المستعملة فيها.يمكن للمرئ أن يقول: إنني فوق الجبل، كما يمكن له أن يقول إن القمة العربية فاشلة سياسيا، و يمكن أن يقول كذلك أريد الصعود إلى القمة.لكن الذي يهمنا هنا هو السياسة و الاجتماع بصفة خاصة.من المنطقي اذا وجدت القمة و جد بالمقابل الاسفل، وعند سماعنا لهذه التركيبة الصوتية يتبادر الى ذهننا فكرة الصعود نحو الأعلى، هل هذا كل ما تريد القمم فعله،هل هذه هي الوظيفة الوحيدة للقمم؟. انظروا إلى الدقة في التعبير و عكس المعنى : summet. تنقسم هذه الكلمة المركبة الى كلمتين لكل واحدة معناها. تدل كلمة sum على الاختصار اما كلمة met فهي مشتقة من meet او meeting وتعني الالتقاء او الاجتماع. انه اللقاء المختصر، هذا هو المعنى الدقيق في الغرب، لقاء الرئيس او الوزير يعبر عن مجموعة من الإرادات.أما في الوجدان العربي فهي فرصة لظهور قمم جديدة، كل واحد يريد ان يتفوق على الأخر حتى و لو على حساب إضعاف الكل. لماذا لا نختصر الحديث عن القمم و ننصح الذين يريدون أن يصعدوا إلى أعلى القمم بالذهاب إلى 'Everest'، حيث الهواء نقي و بارد، من هناك يمكن لهم أن يروا ما هو في الأسفل بشكل جلي.في علم اللسان و كذا الأخلاق يتضح لنا ذلك التطابق الممكن بين الكلمة و وظيفتها عند الإنسان،هل هي مشكل اللغة أم معضلة الانسان باعتباره المسؤول التاريخي عن المضمون و الشكل؟.يوجد في العربية مجموعة من الكلمات تتسم بعدم الدقة و الغموض، و هذا قد يؤثر فينا أثناء التواصل، سنستهلك طاقة أكثر من اللازم؟، لأنه عندما تعجز الكلمات عن إيصال المعنى الدقيق سنحتاج كلمات عديدة لتقريب المعنى و هكذا نصير جائعين بين فينة و أخرى. ما الذي تعنيه "أنا ملك ملوك إفريقيا" هل يمكن لهذه العبارة ان تترجم إلى اللغات الغربية على سبيل المثال؟. قد نقول the african of kings او the african super-king (مثل:superstar) انها خارجة عن إطار الفكر السياسي الحديث، فهي ان كانت تدل على شيئ ما فانها تعكس لنا تلك الإرادة الدفينة التي تدفع بالإنسان نحو القمم، لا يهم ان كان ذلك واقعا أو وهما، لكن الذي يهم هو أن تصدر من طرف رئيس دولة.إذن ففلسفة القمة و القمم هي المؤطر الرئيسي للزجدان العربي. لدينا في اللغة العربية مما يجب على اللسانيين و علماء الأخلاق التدقيق فيه و تفسيره كي نعطي لها معنى دقيق و معبر، كي تعكس الوجدان اللغوي و النفسي بشكل واضح. أما أن يقول البعض ان اللغة العربية لا تواكب العصر فهذه هي التفاهات، انه السقوط المباشر في "القلبية"، أي إصدار الحكم بمعزل عن التحكم، هذا ما يقوله الجناح الفرنكفوني على سبيل الذكر.