منذ أن تم تفويت غابة اسفيحة للشركة العامة العقارية (CGI)، قصد إقامة مشروع عقاري/تجاري فوقها، بادرت لجنة الهيئات المدنية المتابعة لملف مدينة المزمة التاريخية إلى القيام بجملة من الخطوات والمبادرات والأنشطة، همت في مرحلة أولى التعريف بهذه المدينة عبر تنظيم زيارات ميدانية رفقة الساكنة والمهتمين إلى موقعها، وإنجاز بطاقات تعريفية بشأنها نشرت عبر مختلف وسائل الإعلام، وكذا إجراء لقاءات تحسيسية مع مختلف المسئولين إقليميا وجهويا ومركزيا، ثم بادرت اللجنة في مرحلة ثانية إلى توجيه مراسلات مختلفة إلى الإدارات المعنية خاصة وزارة الثقافة، تدعو مسؤوليها إلى إعادة الاعتبار للموقع عبر القيام بالحفريات الضرورية داخله وفي محيطه، قصد تحديده وتصنيفه والمحافظة عليه ومن ثمة العمل على إبرازه وتثمينه، متوجة أنشطتها هاته بتنظيم لقاء دراسي يوم 31 يناير 2009 بمدينة الحسيمة، حول موقع مدينة المزمة وقيمته التاريخية ودوره في التاريخ المحلي و الوطني والمتوسطي، حضره خبراء وباحثين في هذا المجال سيما خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، الذين سلطوا المزيد من الأضواء على هذه المدينة التاريخية وموقعها الأثري. و قد أثمرت تحركات وأنشطة اللجنة عن عقد عدة لقاءات مع المسؤولين في السلطة والشركة، أهمها اللقاء الموسع الذي انعقد يوم 9 شتنبر 2009 بمقر ولاية جهة تازةالحسيمة تاونات، تحت إشراف السيد والي الجهة/عامل الإقليم، وحضور كل من مدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث ومدير مديرية التراث الثقافي بالوزارة، فضلا عن رئيس قسم جرد التراث بالوزارة عينها، وممثلين عن الشركة العامة العقارية CGI يتقدمهم المدير العام المنتدب، وأعضاء من لجنة الهيئات المدنية المتابعة لهذا الملف، أسفر عن الاتفاق على تعيين فريق من الأركيولوجيين يتولون في مرحلة أولى مهمة تحديد الأسوار الخارجية للمدينة، ثم القيام في مرحلة ثانية بترميم الأجزاء السليمة من هذه الأسوار فضلا عن برج المزمة، كما أسفر اللقاء عن الاتفاق على توقيف كل أشغال الحفر وشق الطرقات داخل وحول محيط المدينة، على أن تشرف وزارة الثقافة على أشغال التنقيب والترميم و تتولى شركة CGI مهمة التمويل. وبالفعل، باشر الفريق الأركيولوجي الذي تم تشكيله عمله مستغرقا في ذلك (ثلاثة أشهرمتقطعة!)، وكشف عن الجزء الأكبر مما تبقى من الأسوار المحيطة بالمدينة، أما أشغال الترميم فبقيت معلقة دون أن تتولى وزارة الثقافة والشركة المعنية، مهمة تفعيل ما تم الاتفاق عليه خلال اللقاء المذكور. و أثناء زيارة تفقدية لموقع مدينة المزمة يوم 16 يوليوز 2010، قام بها أعضاء من لجنة الهيئات المدنية رفقة المهتمين والباحثين، فوجئ الجميع بأن الشركة ماضية في شق الطرقات وسط وحول موقع المدينة، وأن شاحناتها وجرافاتها تصول داخل الموقع وتجول دون حسيب أو رقيب، ضاربة عرض الحائط ما تم الاتفاق بشأنه، والأدهى من ذلك أنها وضعت علامات تشوير معتبرة مداخل ومخارج تلك الطرق التي شقتها بمثابة مداخل ومخارج رئيسية لمشروعها العقاري/ التجاري! . إننا في لجنة الهيئات المدنية المتابعة لملف مدينة المزمة التاريخية، إذ نعلن لعموم المتتبعين والرأي العام، أن موقع المزمة أضحى مهددا اليوم بشكل أكبر من السابق، وأن الشركة لا زالت تصر على طمس معالمه وتجزيئه واختراقه بالطرق والممرات، وتدمير أجزاء مهمة من أسواره وتهديد بنياته الأركيولوجية... فإننا نستنكر ما تقترفه جرافات الشركة في حق الموقع المذكور، كما نستنكر صمت المسؤولين في السلطة ومجلس بلدية أجدير ووزارة الثقافة على هاته الجرائم المتكررة من قبل الشركة، وندعو الجميع إلى تحمل مسؤولياته في هذا المجال، كما نناشد أعضاء الفريق الأركيولوجي الذين قاموا بعمل مهم، بالتحرك العاجل لفضح خرق الشركة للاتفاق المبرم معها، وكذلك لوقف كل ما من شأنه المساس بوحدة الموقع وبمستوياته الأركيولوجية، وإرغام الشركة على عدم إنجاز أية أشغال داخله أو بالقرب منه. وسنبقى في اللجنة يقظين وعلى استعداد تام لاتخاذ كل الإجراءات، والانخراط في كافة الأشكال التي نراها مناسبة لحماية الموقع من عبث وتطاول سماسرة العقار ومتجاهلي الذاكرة... وإن عادوا عدنا. عن لجنة الهيئات المدنية المتابعة لملف مدينة المزمة التاريخية الحسيمة في 16 يوليوز 2010