يقوم عدد مهم من سكان إقليمالحسيمة برحلات أسبوعية معكوسة في اتجاه سوق "أحد الرواضي" الذي يبعد عن الحسيمة بحوالي 15 كيلومترا، ويوجد في الطريق الساحلي الرابطة بين الحسيمة وطنجة. ففي صباح كل أحد، تكون منطقة الرواضي على موعد مع سوقها الذي يتوافد عليه سكان القرى والمداشر النائية، يحملون أمتعتهم الصغيرة ويركبون دوابهم بغرض التبضع وقضاء حاجياتهم الأسبوعية، كل حسب إمكانياته المادية وموقعه الجغرافي . تنشط خلال هذا اليوم حركة تجارية وترتفع درجة حرارتها، وتتحرك الأزقة المجاورة لسوق «أحد الرواضي» على إيقاع حركته الدؤوبة، لتتحول إلى مرابض للحيوانات ومرائب للشاحنات وتجمعات للمواطنين. وبات الذهاب إلى السوق بالنسبة إلى العديد من المواطنين، أمرا ضروريا صباح كل يوم أحد، للتزود بكل ما يحتاجونه من مواد غذائية ولحوم حمراء. الكل في سوق « أحد الرواضي « طازج، تفوح منه رائحة الحقول. خارج السوق، تصطف السيارات الخصوصية والشاحنات وسيارات الأجرة التي جاءت من الحسيمة وتاركيست وبني حذيفة وأصحابها ينادون بأصوات مرتفعة عن زبائن راغبين في العودة بعد أن قضوا مآربهم. وتعتبر اللحوم الحمراء، خاصة لحم الماعز، الأكثر إغراء في « أحد الرواضي». وإذا كان سكان المناطق المجاورة ل»أحد الرواضي»، يعتبرون السوق ضروريا، بحكم أنه المزود الرئيسي بكل المواد الغذائية، فإنه لم يعد أقل أهمية بالنسبة إلى سكان الحسيمة الذين يكتفون في الغالب باقتناء اللحوم والخضر، أما مواد التموين الأخرى فتظل حكرا على القرويين. وأكد أحد المتبضعين أن سكان الدواوير المجاورة للسوق، هم الأكثر إقبالا على التموين، والتبضع من السوق بكميات كثيرة، خاصة المواد المصنعة كالشاي والدقيق والسكر والأرز ومصبرات الطماطم والزيوت الغذائية، أو المواد الفلاحية والحيوانية وكذا القطاني واللحوم الحمراء والدجاج الصناعي والبيض. وشهد سوق « أحد الرواضي « منذ حلول شهر رمضان المبارك حركة دؤوبة من خلال الإقبال المتزايد من طرف المستهلكين. ويشتهر السوق نفسه بعرضه العديد من المواد المصنوعة بالحلفاء كالمكانس، كما تقام فيه بعض الحلقيات الشعبية لبائعي الأعشاب. ويشكل السوق مكان التقاء أسبوعي للقرويين من أجل تبادل الآراء وصلة الرحم والتبضع. ويطرح التنوع في ديناميكية سوق « أحد الرواضي « مسألة العرض والطلب. وتتيح زيارة رحباته المتعددة، فرصة للاستمتاع بتقاليد الإنسان القروي. من مكان عرض المنتوجات الحرفية المحلية المصنوعة من الدوم والحلفاء والخشب والصوف، إلى رحبة «الزيت والسمك» والحبوب والتين والزيتون والدواجن المحلية والخضر، مرورا برحبة بيع اللحوم البيضاء، خاصة لحم الماعز الذي تشتهر به المنطقة وبتربية هذا النوع من الحيوان الذي يوفر له السكان مناخا وظروفا ملائمة لتربيته. وتعرض بالسوق نفسه، الملابس المختلفة داخل خيام، كما يوجد أسطبل لبيع المواشي والدواب. ورغم الأهمية التي يكتسيها سوق «الرواضي» في مخيلة سكان إقليمالحسيمة، وقربه من مزاري « سيدي مالك» و»مريقة»، فإنه لم يحظ بأي اهتمام يذكر من قبل الجهات المسؤولة، إذ أن أرضيته تتحول إلى مستنقع من الوحل وبرك مائية في الأيام الممطرة، مع انبعاث روائح كريهة، تخترق جسم المستهلك وتسبب له متاعب كثيرة، وتحول دون تبضعه في ظروف ملائمة. خلف هذه المشاهد المتنوعة والثرية التي يمتاز بها السوق، تنتشر فضاءات تشغلها أمكنة خاصة بالحلاقين والحدادين وممارسي مهنة إصلاح الأجهزة. وتلقى لحوم الماعز إقبالا كبيرا حتى أن اقتناءها لم يعد يقتصر على سكان المنطقة، بل يتعداها إلى مناطق أخرى من الإقليم الذي يعرف الخصاص في هذا النوع من اللحوم منصوحة الاستهلاك من قبل مرضى السكري. وأصبحت التجارة في لحوم الماعز مربحة بشكل واضح، سواء بالسوق أو بمناطق أخرى بالإقليم المعروفة بالماعز الذي يتغذى بأعشاب الغابة الجبلية. كما تعرض بالسوق الملابس الجديدة والمستعملة، وهي متنوعة يصعب تعداد أجزائها. ويعاني السوق مشاكل عدة بداية بالاكتظاظ الذي يشهده، بفعل الحركة التجارية الكثيفة التي يعرفها كل يوم أحد، كما يشكل مصدر رزق للعديد من المواطنين.
خضر وفواكه طازجة بالسوق إذا كانت اللحوم والمواد المصنوعة من الحلفاء كالسلال والمكانس، الأكثر إغراء في السوق، فإن الخضر لا تقل أهمية وهو ما أكده العديد من بائعيها، الذين أشاروا إلى أنهم لا يجلبون الخضر والفواكه من الأسواق المركزية، بل يقتنوها من القرى والحقول المجاورة كاسنادة المعروفة ب» الدلاح « والبرقوق والعنب، وهذه المواد تكون طرية. «كل ما أحتاجه خلال الأسبوع أجلبه من هذا السوق، وأقتني منه كل شيء طازج، الخضر والفواكه واللحوم، خاصة لحم الماعز»، يقول أحد المتبضعين الذي استقل سيارة أجرة كبيرة من الحسيمة للوصول إلى هذا السوق. وتصطف مقاه شعبية تقليدية بالمحاذاة مع السوق وداخله، مختصة في شواء السردين وتهييء «البيصرة». ويؤكد أحد المتبضعين القادمين من منطقة كتامة، أنه يحرص على المجيء إلى سوق « أحد الرواضي « مرتين في الشهر، للظفر بالتبضع، إذ يجد كل ما يحتاجه من خضر وفواكه، إلى جانب الجودة التي لا تضاهى.