بعيدا عن المعالجات الصحفية المتضخمة التي تراوحت بين التحامل والتمجيد أدرك عدد من الباحثين والمتتبعين للمشهد السياسي المغربي وللوهلة الأولى ان رهانات حزب الاصالة والمعاصرة لن تقف عند سقف محدد فهو يبذو ككيان سياسي هلامي منفلت عن مجال الضبط ومنفتح دائما على خيارات اللا متوقع وهذا ما حدا بكثير من الباحثين الى الاحجام عن المجازفة بوضع سيناريوهات محددة ترسم ملامح التاثير التي قد يحدثها هذا الكائن الحزبي في ديناميات السياسة المغربية وهذا ما دعى الباحث الأمريكي جيمس ليدل المتخصص في الشؤون الديمقراطية في الشرق الأوسط في مقالة نشرت في نشرة الإصلاح العربي الالكترونية التي يصدرها مركز كارينغي الأمريكي لأبحاث السلام، اعتبر فيها انه لايزال من السابق لأوانه توقّع تأثير حزب الأصالة والمعاصرة في المدى الطويل في ديناميات السياسة المغربية، إلا أن نشاطاته الأولى تكشف تعزيزاً لهيكليات النخبة المتجذّرة ل انوعاً من التجديد أو التغيير.وبغض النظر عن الجدل المتصاعد حول اديولوجية الحزب أو بالأحرى لا اديولوجية الحزب حيث أن هذا الكائن الحزبي الهجين جمع (مناضليه) من كل الأطياف واستقطب أعيان من شتى التلاوين ويدعي تركيزه على ما يعتبره نوع من الاعتدال في التدين لسحب البساط من حزب العدالة والنتمية ذو الخلفية الاسلامية وتبني الجهوية الموسعة لقطع الطريق أمام دعاة الانفصال و رفض الليبرالية المتوحشة وهي عبارة منسوخة عن دعاة الليبراليين الجدد تدعي التصدي للمشكلات الاجتماعية مما جعل هذا الحزب وكانه حزب زئبقي منفلت عن مجال التصنيفات الحزبية المتعارف عليها فلا هو حزب يميني ولا هو يساري ولا هو وسطي وكأنه يحدو حدو الأحزاب التي تعتبر أن زمن الاديولوجيات قد ولى. لم يأتي باحث معهد كارينجي في مقاله المشار اليه بجديد حينما حدد هدفين واضحين لحزب الأصالة والمعاصرة في الحقل السياسي المغربي أولا : تلبية رغبة الملك فيما سماه الباحث ترشيد المشهد الحزبي المغربي باعتباره مطلبا ضروريا وملحا والذي اعتبرته بعض الاوساط نسخة مزيدة ومنقحة مما عرف في عهد الحسن الثاني بأحزاب الادارة التي هي وصفة مخزنية بامتياز, ثانيا : الوقوف في وجه حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعتدل وان كان هذا الهدف الثاني في اعتقادنا قد تم تجاوزه حيث اثبت النظام المغربي كفاءة عالية في احتواء وتدجين حزب العدالة والتنمية ذو الخلفية الاسلامية دون حاجة لخدمات حزب الهمة الوليد فلم يعد ذلك الحزب يمثل البعبع الذي بامكانه اخافة النظام ومستقبل الحكم في المغرب الا في مخيلة أولئك المصابون بفوبيا الاسلام . والواقع انه جرت الكثير من المياه تحت جسر السلطة منذ ان خرج الهمة من وزارة الداخلية الى اليوم حيث تضخم هذا الكائن السياسي في زمن قياسي وأصبح يمثل العصا التي يهش بها النظام على قطيع الأحزاب . بقلم : نعيم بوسلهام كاتب وصحفي مغربي