يعتقد اغلب الاباء ان تربية الطفل تقتصر على بث المفاهيم الاجتماعية والمبادئ الفكرية ، التي توجه اخلاق الطفل وتصنع سلوكه وتبني شخصيته وفق القيم العقائدية والوطنية الخاصة بمجتمعه. وبعضهم يعتقد ان دور التربية مثل التعليم باعتباره النشاط الذي بواسطته يقل المربي الى الطفل المفاهيم والمعارف ، ويجعله يكتسب ويفهم ويتعلم ويستوعب وذلك بواسطة استعمال طرائق مهيأة لهذا الغرض وبفضل كفايات خاصة ومنتقاة ، فيبدأون بالتركيز على هذه النواحي وإهمال ماعداها ، ويعتقدون بذلك انهم يؤدون الواجب الاكمل والنموذج الصحيح للتربية السليمة ، لكن التربية لاتقتصر على هذه الحدود و الواجبات الضيقة. فالتربية بمعناها الصحيح و الشامل هي فن صناعة الانسان ، فهي مجموعة من عمليات التعبير المنظم الذي يرمي الى تنمية الشخصية المتكاملة والمتوازنة ، فغاية هذه التنمية هي تحقيق توافق الفرد مع ذاته ومع المجتمع الذي يعيش فيه الامر الذي يتطلب تهذيب وتقويم كافة عناصر التكوين المعنوي لدى الانسان. والوجدان واحد من اهم هذه العناصر التي تعد تربيتها مهمة خطيرة جدا ، فالتربية الوجدانية تعنى بتثقيف وتهذيب الوجدان وتنقية العواطف والمحافظة على سلامة فطرة الطفل ، وهي امور تكفل للطفل بناء نفسيا يساعده تنمية ملكاته وتطهير احاسيسه وتدريب قدراته وتوجيه طاقاته نحو الاهداف النبيلة والغايات السامية الرفيعة ولا يتم ذلك الا بالموسيقى الهادفة . وجدير بالذكر اننا قد نجد بعض المتزمتين ممن لا يقبل دعوتنا لانهم يصفون الموسيقى بانها كفر ويحرمون على ابناءهم وبناتهم ممارسة اي شكل من اشكال التجربة الموسيقية وما ذلك الا ان هؤلاء لم يروا في الموسيقى الا ضربات الدفوف والطبول والحان العود وتمايل الجواري والقيان في مجالس الطرب و السكر بقصور الخلفاء. غير اننا نقول لهم ان هذا ليس الا شكلا واحدا هابطا من اشكال التجربة الموسيقية وان هناك اشكال اخرى ظهرت في اجواء بعيدة كل البعد عن الخلاعة والمجون ، وانه لوا عرفوا شيئا عن ذلك السمو الروحي الذي تستطيع الموسيقى ان توصلنا اليه لادركوا كم كانت نظريتهم محدودة وضيقة عندما اقتصروا في نظرتهم الى هذا الفن على اشد تجاربه سطحية و ابتذالا وانها لدعوة صادقة لكل الاباء و الامهات للاهتمام بقلوب اطفالهم التي تحتاج منهم كل رعاية وعناية وهل ستتقبلون الدعوة وتبدأون في تنظيم دقات قلوب أطفالكم الصغيرة؟؟؟