اعتقل الحرس المدني الإسباني ثلاثة أشخاص وصادر طائرتين مروحيتين بتهمة تهريب المخدرات جوا من شمال المغرب نحو جنوباسبانيا. ويأتي هذا الحادث ليبرز ارتفاع حركة تهريب المخدرات جوا بين البلدين والتي تحمل في بعض الأحيان مخاطر عسكرية بحكم طيران هذه المروحيات في منطقة عسكرية حساسة مثل مضيق جبل طارق. وتؤكد وزارة الداخلية الإسبانية في بيان لها أن اعتراض الطائرتين المروحيتين جرى خلال نهاية الأسبوع الماضي وقد تم في بلدتي بيلا وأوسونا في إقليم اشبيلية الأندلسي، حيث رصدت دوريات الحرس المدني الطائرتين عندما كانتا قادمتين من الأجواء المغربية وعلى متنهما 300 كلم من المخدرات. وجرى اعتقال ثلاثة أشخاص، اسبانيين وكولومبي. وارتفعت في الآونة الأخيرة عمليات تهريب المخدرات من الأجواء المغربية نحو اسبانيا عبر طائرات صغيرة ومروحيات، إذ تتم العملية في دقائق معدودة. وتنزل هذه الطائرات التي يكون فيها ربان واحد في مناطق في شمال المغرب تكون قريبة جدا من البحر، وفي ظرف أقل من دقيقتين، حيث تكون عصابات في الانتظار يتم تحميل الطائرة بالمخدرات التي لا تتعدى 300 كلغ وتعود الى الأجواء الإسبانية. وعندما تعود هذه الطائرات الصغيرة الى اسبانيا تنزل في نقط معينة ويتم تحميلها مباشرة في شاحنات كبرى لإخفاءها عن الحرس المدني. ولا تتعدى المسافة التي تقطعها هذه الطائرات 200 كلم ذهابا وإيابا. والمثير أن الرادارات العسكرية المغربية والإسبانية ترصد هذه الطائرات لكنها تعجز عن إيقافها، فهي تدخل الأجواء المغربية لمدة لا تزيد عن عشرين دقيقة ذهابا وإيابا، حيث يصعب إرسال دوريات الدرك الملكي المغربي لرصدها في الأرض لضيق الوقت، كما لا يمكن ضربها بصواريخ لأن الصواريخ تساوي أكثر من المروحية وحمولتها من المخدرات. ويختار المهربون أماكن جبلية فيها منبسط للهبوط والإقلاع ويصعب على الدرك الوصول إليها إلا بصعوبة، وعادة ما تكون في أماكن بعيدة عن مراكز وجود الدرك. وتضطر اسبانيا في بعض المناسبات الى استعمال المقاتلات الجوية المتطورة من نوع يويوفايتر لإجبار الطائرات المروحية والصغيرة على النزول في أماكن معينة، وسبق خلال السنة الماضية أن تم اللجوء الى الجيش لتعقب بعض الطائرات المحملة بالمخدرات. وصادرت اسبانيا السنة الماضية أكثر من عشر طائرات مروحية وصغيرة متخصصة في نقل المخدرات. وتراهن العصابات على الطائرات لتهريب المخدرات من شمال المغرب نحو جنوباسبانيا لعدد من الأسباب، ويتجلى السبب الأول في الحراسة المشددة في السواحل الإسبانية، إذ نشرت اسبانيا خلال السنوات الأخيرة برنامجا إلكترونيا لمكافحة الهجرة السرية يغطي مجموع السواحل البحرية ويرصد القوارب والزوارق النفاثة، وكانت العصابات بدورها تنقل المخدرات بحرا لكن الحراسة تمنعها الآن. والسبب الثاني هو الأسعار المنخفضة للطائرات الصغيرة والمروحية التي لا تتعدى مائة ألف يورو وارتفاع نوادي تدريب الطيران في اسبانيا. وأخيرا، الأزمة الاقتصادية التي دفعت عددا من الشباب الذي يتقن الطيران الى المغامرة بتهريب المخدرات. ويسود الاعتقاد أن المغرب واسبانيا لا يعترضان سوى 2' من الطائرات الصغيرة والمروحيات لأن الأمر يتعلق بظاهرة جديدة لم يتم بعد إيجاد آليات مناسبة للحد منها. لكن الظاهرة تقلق من الناحية العسكرية كثيرا الرباط ومدريد، وبدأت تجد اهتماما في الأجندة الأمنية والعسكرية للبلدين.