انتخب المؤتمر الوطني التاسع للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية٬ اليوم الأحد ببوزنيقة٬ إدريس لشكر كاتبا أول للحزب خلفا للسيد عبد الواحد الراضي. تمكن ادريس لشكر من الظفر بمنصب الكاتب الأول لحزب الإتحاد اللاشتراكي للقوات الشعبية خلال انتخابات الدور الثاني التي جرت قبيل قليل وحصل لشكر على 975 صوتا متقدما على الزايدي الذي حصل على 761 صوتا. و يعد إدريس لشكر٬ الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية٬ "رمز الجرأة والدفاع المستميت عن مبادئ الحزب وموقعه في المشهد السياسي" وبالنسبة لخصومه٬ هو "مثير للقلاقل ولا يستقر على رأي". و في المشروع الذي طرحه لشكر على "الاتحاديات والاتحاديين"٬ كما يحرص دائما على القول٬ تأكيد على حاجة الحزب إلى "قيادة جريئة وغير مجاملة"٬ تؤسس لمرحلة يكون شعارها "استعادة المبادرة" عبر صياغة أجوبة تتعلق من جهة بهوية الحزب٬ ومهمته التاريخية٬ ووظيفته السياسية٬ ومن جهة ثانية بالجانب التنظيمي. تركيزه على التنظيم يجد تفسيرا له في السنوات الطوال التي قضاها لشكر عضوا ومسؤولا بمختلف أجهزة الحزب الفرعية والمركزية٬ ومنظماته الموازية. فمسيرة القيادي الاشتراكي في العمل السياسية بدأت وهو في السادسة عشرة٬ عندما اضطلع أستاذ الأدب العربي الاتحادي حميد السويدي٬ بدور أساسي في انضمامه إلى إحدى الخلايا التلاميذية التابعة للاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1970. يقول٬ في حديث سابق له٬ وهو يستحضر أول عهده بأفكار اليسار: "عندما كنت طفلا في السابعة من عمري٬ تعودت أن أقرأ لوالدي وأصدقائه ما كانت تنشره جريدة (التحرير) وبعدها (العلم) من مقالات حول النقاشات الحادة التي كانت تعتمل بها الحياة السياسية آنذاك٬ كما كنت حريصا على الاستماع إلى التغطيات التي كانت تبث على أمواج الإذاعة الوطنية حول أشغال البرلمان والنقاشات التي كانت تثار داخله". ويضيف "في هذه السن المبكرة٬ تولدت لدي قناعة بخوض ما يمكن تسميته 'مقاومة الظلم والطغيان والاستبداد'٬ وهو ما قربني أكثر من مهنة المحاماة التي سأحترفها لاحقا". تدرج الشاب لشكر من التنظيمات التلاميذية إلى الطلابية٬ وفي ظرف وجيز نسبيا٬ وجد نفسه في الصفوف الأمامية للشبيبة الاتحادية٬ حيث تولى منصب مسؤولها الوطني ما بين 1975 و 1983. يفصل لشكر في مسيرته السياسية بين مرحلتين أساسيتين : مرحلة ما قبل التسعينيات وما بعدها. يقول إن عنوان المرحلة الأولى كان "التشكك في النظام"٬ ورفض المشاركة في الانتخابات٬ بالرغم من خوض عدد من "الرفاق" غمارها. ويرى في الثانية جلاء "التشكك" والبداية الفعلية لوضع البلاد على سكة الإصلاحات الديمقراطية. مؤشرات التحول في قناعة لشكر السياسية ظهرت بشكل جلي عندما اختار المشاركة في الانتخابات التشريعية سنة 1993٬ حيث بوأته أصوات أبناء العاصمة مقعدا داخل البرلمان. تجربة البرلمان الأولى٬ جعلت القيادي الاشتراكي يرى أن "المغرب٬ وبالرغم من سنوات الرصاص والمشاكل التي كان يعرفها٬ لم يكن مظلما بالشكل الذي كنا نتصوره". عندما دخلت المملكة مرحلة التناوب التوافقي٬ التي تولى الاتحاد قيادة أولى حكوماتها٬ زادت قناعة لشكر بإمكانية تحقيق التغيير من داخل المؤسسات المنتخبة. لذلك٬ توقف المحامي عن الترافع أمام المحاكم تلك السنة٬ وانخرط بشكل تام للترافع من أجل إنجاح تجربة التناوب. مطلع الألفية الثالثة شهد تكريس المنحى التصاعدي في مسار لشكر٬ فقد واصل الرجل كسب ثقة الرباطيين منذ 1993٬ وتقلد ما بين 1999 و 2007 منصب رئيس الفريق البرلماني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمجلس النواب٬ وصار عضوا بالمكتب السياسي للحزب منذ 2001. كرئيس للفريق البرلماني لحزبه بمجلس النواب٬ يعتز لشكر بترؤسه اللجنة النيابية لتقصي الحقائق حول مؤسسة القرض العقاري والسياحي٬ كما يثمن عاليا مشاركته في صياغة مقترحات قوانين "مهمة" في إطار تعزيز الحريات والنهوض بأوضاع حقوق الإنسان٬ محيلا٬ بالخصوص٬على مقترح قانون الجنسية٬ ومقترح قانون الورقة الفريدة للتصويت٬ ومقترح القانون المتعلق بالأرشيف. طيلة مسيرته السياسية٬ لم يذق لشكر طعم هزيمة كتلك التي تجرع مرارتها سنة 2007٬ عندما أخفق في الاحتفاظ بمقعده بالبرلمان ممثلا للدائرة التي صارت تنعت ب"دائرة الموت" : الرباط - شالة. السقوط المذوي للشكر٬ تبعته بأربع سنوات تجربة جديدة في حياته٬ حيث تقلد منصب الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان بعد التعديل الحكومي لسنة 2010 "لم أقدم يوما سيرتي الذاتية لقيادة الحزب التماسا للاستوزار .. قرار مشاركتي في الحكومة كان مرتبطا بالمؤتمر الثامن ونتائج أشغاله التي ربطت استمرارنا في العمل الحكومي بطرح الإصلاحات الدستورية والسياسية٬ وهو ما عملنا عليه جميعا انضباطا لما قررته الأجهزة التقريرية للحزب"٬ يشرح خلفيات تقلده المنصب الوزاري. بالرغم من هذا الانجاز٬ لم يكن إدريس لشكر لينام قرير العين مرتاح البال إلا عندما رد الاعتبار لنفسه٬ واسترجع المقعد البرلماني الذي خسره سنة 2007 بالدائرة الانتخابية ذاتها (الرباط - شالة). في سن الثامنة والخمسين٬ يقول لشكر عندما كانفي عز المنافسة على زعامة أحد أعرق الأحزاب السياسية المغربية٬ "إذا اختارتني الاتحاديات واختارني الاتحاديون٬ فسأوظف مازال لدي من طاقة وجهد لفائدة هذا الحزب٬ وأهيئ لمرحلة انتقالية لابد أن يتحمل خلالها المسؤولية جيل الربيع الديمقراطي". وتابع "أما إذا اختاروا غيري٬ فسأبلغ المؤتمر والفائز أنني رهن إشارته.. يحيلني على التقاعد إن شاء٬ أو يطلب مني أن أشتغل بعيدا عنه٬ أو أشتغل إلى جانبه .. سأحترم القرار أيا كان٬ لأن الوضع الذي يوجد عليه الاتحاد اليوم صعب ويتطلب تقديم كافة وسائل الاشتغال للقيادة الجديدة