لعل الظروف الاجتماعية و الاقتصادية تدخل بشكل أساسي في تزويج القاصرات ، خصوصا عند الأسر الفقيرة و المعوزة ، والتي لا تتوفر على أبسط شروط العيش الكريم ، «الصحة و التعليم» والتي تتمركز نسبة 91 بالمائة منها في الأطلس المتوسط و الكبير ، الأمر الذي يدفع الأسر إلى تزويج الفتيات في سن مبكرة ، رغبة منها في تخفيف العبء الأسري، وحفظ شرف بناتهم من الانتهاك والاغتصاب. وبالرغم ومن كل هذه الأعذار إلى أن زواج القاصرات يبقى جرما في حق الطفولة حيث نصت المادة 19 من مدونة الأسرة على أن "أهلية الزواج تكتمل بإتمام الفتى والفتاة بقواهما العقلية 18 سنة شمسية".إلا أن المدونة تحتوي على ثغرات قانونية ، الشيء الذي جعل نسبة زواج القاصرات ترتفع. وبلُغة الأرقام، فقد وصل عدد طلبات زواج القاصرات التي توصلت بها المحكمة الابتدائية بالرشيدية سنة 2012 إلى 542 طلبا، تمّ قبول 521 منها، وفي سنة 2013 انخفض عدد الطلبات المقدّمة إلى المحكمة إلى 450 طلبا، حظي 429 منها بالقبول، ليرتفع عدد الطلبات في سنة 2014 إلى 509، قُبل منها 491، وفي التسعة أشهر الماضية من السنة الجارية بلغ عدد الطلبات 262، وافق القاضي على 245 منها. وتتعرض الفتاة القاصر أحيانا للعنف المعنوي والجسدي والاستغلال الجنسي ولسوء المعاملة لدرجة أن أن عددا كبيرا منهن ينقطعن عن الدراسة من أجل الزواج، وفي حالات كثيرة ينتهي هذا النوع من الزواج بالطلاق. فكيف تتحمل طفلة عمرها 12 أو 15 أو 16 سنة مسؤولية الزواج وتربية الأطفال، علما أنها في حاجة أن تعيش طفولتها وتتابع دراستها، وتصون كرامتها. فهذا يعد بحق اغتصابا للطفولة بكل أبعاده النفسية والجسدية. كفى دفاعا عن مظاهر التخلف والاستغلال.