تحليل إخباري شكلت الزيارة الأخيرة ل " زينب العدوي " والي جهة سوس ماسة إلى منطقة "تنالت " بالدائرة الجبلية لإقليم اشتوكة أيت باها ، للمشاركة في تدشين جيل جديد من مؤسسات الرعاية الاجتماعية لدور الطالب بهذه الربوع ، محطة أساسية ضمن المبادرات التي أطلقتها السلطات الإقليمية لدعم التمدرس بمختلف جماعات المنطقة ، كخيار مركزي في سياق المقاربة التنموية التي تم الاشتغال عليها منذ أعوام. سياق الزيارة : واللافت أن هذه الزيارة التي تعتبر أول خرجة رسمية للوالي الجديد منذ تعيينها بالجهة ، جاءت في سياق الاحتفالات المخلدة للذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، بما يحمله الحدث من دلالات وطنية ومؤطرة ضمن البرنامج الاحتفالي الذي أطلقته السلطات الإقليمية ، والمرتكز ، بشكل كبير ، على إعطاء انطلاقة الأشغال لعدد من دور الطالب والطالبة بكل من الجماعة الترابية الحضرية " بيوكرى " والجماعتين القرويتين " إمي مقورن " و " تنالت ". هذا دون إغفال تأطير الزيارة في إطار المجهودات المبذولة على المستوى الإقليمي لدعم قطاع التربية والتكوين بمختلف الجماعات الترابية، وهي مجهودات تطلبت تعبئة استثمارات مالية ضخمة وصلت إلى نحو 41 مليون درهم في مدة قياسية ( ثلاثة أعوام) ، من خلال بناء مؤسسات الرعاية الاجتماعية ، وتأهيل الداخليات وتوفير النقل المدرسي ، في اتجاه تحسين جودة العرض المدرسي ، وتعزيز بنيات الاستقبال والتقليص من مؤشرات الهدر المدرسي ، خصوصا في صفوف الفتيات. والللافت أن السلطات الإقليمية ، راهنت على آلية الشراكة لإنجاح هذه الاستراتيجية الإقليمية ، من خلال تعبئة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والجماعات الترابية والوكالة الوطنية لتنمية الواحات ومناطق شجر الأركَان ، فضلا عن المجلس الإقليمي والنسيج الجمعوي وعدد من الشركاء. استراتيجية مفتوحة على المستقبل : وإذا كانت الحاجيات المرتبطة بقطاع التعليم مستمرة ، فإن الاستراتيجية الإقليمية منفتحة على المستقبل ، كما يبدو ، من خلال المحافظة على وثيرة الدعم المقدم ، وفتح آفاق جديدة للشراكة . ولعل الحضور النوعي الذي زار جماعة "تنالت"، يعطي انطباعا لافتا للأدوار القوية للمجلسين الجهوي والإقليمي والمجالس المنتخبة والمجتمع المدني في دعم السلطات الإقليمية لإنجاح هذه المقاربة المتجددة بطول النفس. ربط الماضي بالحاضر : كما أن للزمان والمكان الذي تمت فيه زيارة الوالي " العدوي " ، أبعاد رمزية قوية ، سيما وأن المنطقة تحتفل ، كذلك ، بالذكرى السنوية لوفاة العلامة سيدي الحاج الحبيب البوشواري ، دفين المدرسة العتيقة لتنالت ، وهي محطة لربط الحاضر بالماضي ومناسبة لاستحضار القيمة العلمية والتربوية لهذا العالم الجليل الذي كان منارة تُشد إليها الرحال طلبا للعلم واللغة. هذا دون إغفال الدور الذي اضطلعت به المدرسة العتيقة ل " تنالت " بصفة خاصة ، في نشر تعاليم الدين السمحة ، القائمة على الوسطية والاعتدال ، بعيدا عن التعصب والغلو ، والمحافظة على الأمن الروحي لهذه الربوع على مر السنوات. التعليم العتيق في صلب التنمية : وفي هذا الإطار ، لابد من التنويه بمبادرة عامل الإقليم " عبد الرحمن بنعلي " في اتجاه دعم هذه المؤسسات ، والمحافظة على أدوارها الإشعاعية ، واستثمار محطاتها ومناسباتها الدينية في إطلاق مشاريع واعدة ، وبالتالي إدماجها ضمن المنظومة التنموية الشاملة. وهكذا تحولت هذه المناسبات ك " موسم تعلاط " أو الذكرى السنوية للحاج الحبيب التنالتي أو موسم " إداوكَنيظيف " محطات لتدشين أو إعطاء انطلاقة الأشغال مشاريع وأوراش مرتبطة بدعم القطاعات الاجتماعية ، أو تعزيز البنيات التحتية ، مساهمة في تحسين شروط الاستقرار بهذه الربوع . الفاعلون الجدد مدعوون للمشاركة في هذا الورش الكبير : و الظاهر أن مختلف المحطات التي عاشها الإقليم مؤخرا ، تنخرط في إطار المقاربة الشمولية المندمجة المبنية على الشراكة نهجا للتنمية انسجاما مع الشعار الإقليمي ، وقد حملت مؤخرا نفسا جديدا جسدته مختلف الاجتماعات التي التأمت داخل قاعات العمالة ، أو الأنشطة الخارجية بهدف إعطاء دفعة قوية لعجلة التنمية بهذا الإقليم ، وإشراك الفاعلين الجدد في هذه الدينامية المتواصلة.