ناشد الفلسطيني يحيى الهندي الذي يوجد رهن الاعتقال بالسجن المحلي في سلا وتتهمه السلطات المغربية بتزعم شبكة إرهابية، العاهل المغربي الملك محمد السادس الإفراج عنه، بمناسبة عيد الفطر، نافيا أن تكون له أي صلة بالإرهاب. وكانت السلطات المغربية قد أعلنت في 21 يونيو الماضي، أنها فككت شبكة إرهابية جديدة تتكون من 11 شخصا يتزعمها فلسطيني، وذكرت أن أعضاء الشبكة يتبنون الفكر التكفيري الجهادي، وكانوا يخططون لارتكاب أعمال إرهابية داخل المغرب. وكانت المرة الأولى التي يعلن فيها المغرب عن تفكيك شبكة يتزعمها شخص عربي. وقال الهندي في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من داخل السجن إنه يتوقع أن تلقى مناشدته استجابة من لدن الملك محمد السادس المعروف ب«إنسانيته» على حد تعبيره. وقال الهندي إن سبب اعتقاله من طرف السلطات المغربية وتوجيه تهمة الإرهاب له، هو أنه كان أسس شركة للاتصالات عبر الإنترنت تسمى «الزواوي للاتصالات الدولية» وموقعها ما زال موجودا إلى الآن، ومن خلال تواصله التجاري مع الزبائن، أرسل بريدا إلكترونيا إلى شخص في المغرب كان مراقبا من طرف المخابرات المغربية، وقد اعتقل مع المجموعة نفسها ويوجد حاليا رهن الاعتقال بتهمة الإرهاب، وأضاف الهندي أنه لم يكن يعرف ذلك الشخص وأن علاقته به كانت تجارية محضة. وأوضح أنه أثناء التحقيق قيل له إنه سيتم ترحيله إلى فلسطين إذا ما اعترف بما نسب إليه، بيد أنه رفض العودة إلى فلسطين وقال إنه متشبث بالبقاء في المغرب على أمل الزواج من خطيبته حتى وإن دخل السجن. وهو ما جعل السلطات المغربية تهدده بإرجاعه إلى فلسطين كلما أرادت الضغط عليه أثناء التحقيق على حد قوله. وردا على سؤال حول ما إذا كان تعرض للتعذيب قال الهندي «أتحفظ عن الإجابة على هذا السؤال». واعترف الهندي بزيارته للمواقع الجهادية في 2006 لمدة شهرين، إلا أنه طرد منها لأنه «غير تكفيري» على حد تعبيره. مشيرا إلى أنه بحكم عمله واهتمامه بتصاميم المواقع الإلكترونية كان يدخل معظم المواقع الإلكترونية التجارية وغير التجارية. وقال الهندي إن والدته ستبعث في اليومين المقبلين بدورها مناشدة إلى الملك محمد السادس من أجل طلب الإفراج عنه. وسرد الهندي في بداية رسالته الموجهة إلى الملك محمد السادس مختلف أشكال الدعم التي يقدمها العاهل المغربي إلى القضية الفلسطينية، ثم تطرق إلى قصة دخوله إلى المغرب التي بدأت عندما أحب فتاة مغربية من مراكش قبل أربع سنوات في سنة 2006 ومنذ ذلك الوقت وهو يحاول الدخول إلى المغرب قصد الزواج وإقامة مشروع تجاري، وأقسم إنه ليس له علاقة بالإرهاب والتخريب في المغرب، «لم ولن أنتمي إلى الفكر التكفيري» على حد تعبيره. وأشار الهندي إلى أن سبب تردده على مواقع الإنترنت هو كونه مهندس إعلاميات يتحتم عليه الاطلاع على تصميمات جميع المواقع الإلكترونية، مشددا على أنه «ليس له صلة بالإرهاب والفساد لا من قريب ولا من بعيد»، وزاد قائلا «إن كانت لي علاقة مشبوهة بالإنترنت فأرجو أن تعذرني لجهلي وحكم عملي فالإنترنت عالم مجهول» و«تعهد بعدم دخول المواقع الإلكترونية وعدم استخدام الإنترنت نهائيا». وناشد الهندي الملك محمد السادس قائلا: «آمل أن تقبلوا مني هذه المناشدة وتطلقوا سراحي بمناسبة عيد الفطر من باب دعم القضية الفلسطينية، وأن تراعوا ظروفي وقضيتي حيث إني لم أمكث في المغرب إلا 17 يوما ولم أستطع الزواج بخطيبتي وها هو فصل الشتاء على الأبواب وليس لي من يعيلني في السجن ولا أهل ولا أملك مصروف مأكلي ومشربي وملبسي». وكان الهندي أرسل رسالة إلى «المرصد الإسلامي» بلندن وهو هيئة تهتم بأخبار الأصوليين تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها يتحدث فيها عن ظروف اعتقاله. من جهتها قالت والدة الهندي في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من غزة إن ابنها يحب المغرب وأهله ولا يمكن أن يفكر في القيام بأي عمل إرهابي ضد البلد الذي كان ينوي الاستقرار فيه مع خطيبته وإنشاء شركة للاتصالات. وأضافت أن ابنها «محترم، وحنون وهادئ، ولا يحب المشكلات»، وأنه تربى يتيما بعد وفاة والده وهو في العاشرة من عمره. وكان له طموح بأن يدرس ويتزوج، فبعد أن أنهى الثانوية العامة دخل الجامعة وتخصص في إدارة الأعمال، إلا أنه بسبب الأوضاع المادية الصعبة للأسرة المكونة من أربعة أبناء لم يكمل دراسته. وأشارت إلى أنه تعرف على خطيبته لبنى التي تقطن بمدينة مراكش عن طريق الإنترنت، واتفقا على الزواج، وسافر إلى المغرب لخطبتها وإتمام الزواج، إلا أنه اعتقل. وذكرت والدة الهندي أنها لم تعلم بخبر اعتقال ابنها إلا بعد مرور شهر بعد أن اتصل هو بها من داخل السجن. وعاتبت والدة الهندي السفارة الفلسطينية في الرباط لأنها لم تقدم أي مساعدة لابنها بعد اعتقاله، وقالت إنها اتصلت بالسفارة أكثر من مرة إلا أنه لا أحد من المسؤولين فيها رد عليها. أما المغربية لبنى خطيبة الهند وهي مغربية من مواليد 1977 فقالت ل«الشرق الأوسط» إنها متأكدة من براءة خطيبها، وإنه لا يمكن أن يكون إرهابيا، مشيرة إلى أن علاقتهما ما زالت متواصلة وأنها متشبثة بالزواج به حتى وإن تمت إدانته. وأضافت: «أنا مغربية وأحب بلدي ولا يمكنني الارتباط بشخص كان يخطط للإضرار ببلدي». وعن ظروف اعتقاله، قالت لبنى إن الهندي اعتقل من منزل كان يقيم فيه بمراكش، في ملكية إحدى صديقاتها، وهو المنزل الذي كانا سيقيمان فيه بعد إتمام الزواج. وأضافت: «من خلال الحالة التي وجدنا عليها المنزل وطريقة تفتيشه علمنا أن المخابرات المغربية اعتقلته، إلى أن تأكدنا من ذلك بعد اتصاله بنا من داخل السجن». وأضافت أنها اتصلت قبل ذلك بالسفارة الفلسطينيةبالرباط للسؤال عنه، ووعدوها أن يخبروها بمكانه حال توصلهم إلى معلومات عنه. وأوضحت لبنى أن الهندي يصغرها بثماني سنوات، واعتبرت ذلك أمرا عاديا، بيد أن المحققين حسب قولها، اعتبروا ذلك عنصرا إضافيا لإدانة خطيبها، وقالوا له كيف تدعي أنك أتيت إلى المغرب للزواج وخطيبتك تكبرك بثماني سنوات؟. وبخصوص رد فعلها حول تهمة الإرهاب التي وجهت لخطيبها قالت لبنى لم «أصدق قط أن الهندي له علاقة بالإرهاب»، وأضافت: «طوال وجوده بمدينة مراكش لم يفارقني، حتى إنه كان يرافقني إلى محل بيع الملابس النسائية الذي أشتغل به ويظل هناك طوال ساعة الدوام من العاشرة صباحا إلى الثامنة ليلا. كما أنه لم يغادر المدينة قط عكس ما كتبته بعض الصحف». وقالت لبنى إن الأماكن التي زارها خلال وجوده بالمدينة هي محلات التسوق التي كان يرافقها إليها بمعية أحد أفراد أسرتها، في حين أن المحققين اعتبروا زيارته لتلك الأسواق التجارية الكبرى، على أنها أهداف محتملة ضمن مخططاته الإرهابية. على حد قولها. وتساءلت: « كيف يتهم بالإرهاب شخص يخاف النوم وحده في البيت، وإذا نام يترك المصابيح مضاءة؟». وذكرت لبنى أن الصحف كتبت مجموعة من المغالطات حول خطيبها من دون التأكد من صحتها، من بينها أنه سافر إلى مدينة بني ملال، وهو ما لم يحدث، كما أن صحفا أخرى ذكرت أنه كان يستخدم اسما مستعارا هو محمود درويش، في حين أن اسمه الكامل هو بالفعل يحيى محمود درويش الهندي. وفي حيثيات سرده لقصته في رسالة أخرى كتبها من داخل السجن، قال الهندي إنه منذ 2006 وهو يحاول الدخول إلى المغرب بغرض الزواج وفتح مشروع تجاري وقد حاول طوال 4 سنوات ولكن دون فائدة حتى إنه راسل عبر موقع أحمد صبح، السفير الفلسطيني لدى المغرب وطلب منه المساعدة للدخول للمغرب فوافق في البداية على ذلك ولكنه لم يساعده في السفر، على حد قوله. وذكر الهندي أنه في العام الحالي تقدم للسفارة المغربية في فلسطين بطلب الحصول على تأشيرة من خلال أحد مكاتب السياحة والسفر في فلسطين فحصل عليها، ودخل المغرب في 21 مايو (أيار) الماضي ومكث في مدينة مراكش 17 يوما ولم يخرج من المدينة ولم يلتق أحدا غير عائلة خطيبته، وفي 8 يونيو الماضي «جاءت الشرطة المغربية واعتقلتني واتهموني بالإرهاب وجعلوني زعيم خلية». وقال إنهم أخذوا منه ما كان يملك من نقود، وكذا مهر خطيبته، وأضاف أنه بحاجة إلى المال لتغطية تكاليف المحامي قبل أن تضطر والدته لبيع البيت.