أسدل الستار عن أكبر محاكمة عرفها تاريخ تيزنيت، بإدانة "عصابة الأمنيين"، المحترفين في صناعة الجرائم الجنسية من أجل النصب وابتزاز ضحاياها، وتبرئة باقي المتابعين بالتحريض على الفساد، من بينهم مسؤولون حزبيون وتربويون وأعيان وتجار ومهاجرون كشف المتهمون أسماءهم. وقررت هيأة الغرفة الجنحية التلبسية بابتدائية تيزنيت، بعد أربع جلسات إغلاق الملف الذي تابعه آلاف من خارج المحكمة التي كانت تطوق برجال الأمن منذ الساعات الأولى لأيام الجلسات، وقررت بعد 12 ساعة من النقاش، على الساعة الثالثة والنصف من صباح 22 يناير الماضي، إدانة المتابعين بما مجموعه 17 سنة ونصف سجناوغرامات مالية تجاوزت 140.000.00 درهم. مواجهة لجأت فرقة الأبحاث إلى إجراء مواجهة بين كل من"بوجمعة" و"كريمة" و"صالح" من جهة ومفتش الشرطة "محمد" من جهة أخرى، لرفع الالتباس والوصول إلى الحقيقة، نظرا للتناقض الحاصل في تصريحات الثلاثة وضابط الأمن. اعترف بوجمعة في تصريحاته الأولية أنه استهدف الضحية محمد أبودرار، ونصب عليه بانتحال واستعمال صفة موظف شرطة إلى جانب شريكه المدعو (أ.ب)، وذلك باتفاق مسبق مع الفتاة التي ولجت متجره. وأوضح أنهم عمدوا جميعا إلى سلبه مبلغ 3200 درهم، وأنه كان بصدد تسلم مبلغ آخر محدد في 60.000 درهم الذي كان مطالبا بأدائه لهم، مقابل عدم اتخاذ إجراءات في موضوع جريمته الأخلاقية الوهمية. وأقر(بوجمعة) أنه عمد بمساهمة كريمة و"اليساع" إلى انتزاع مبلغ 3200 درهم من أبودرار بعد أن تم إيهامه بالصفة الأمنية له ولشريكه المذكور، ومطالبته بأداء مبلغ إضافي محدد في ستين ألف درهم تحت التهديد بالإساءة إلى سمعته ومكانته الاجتماعية، سيما أنه تم أخذ صورة له والفتاة داخل محله التجاري. باشرت الفرقة تحرياتها بناء على ما أفضت إليه التصريحات الأولية ل(ب. أ)، أسفرت عن إيقاف كل من (أ.ب) و(كريمة- ت) و(ام.ال) و(يا.ب) و(ص.أب) و(م.أر) لضلوعهم في مجموعة من عمليات سلب أموال الغير تحت التهديد بإفشاء أو نسبة أمور شائنة إلى ضحاياهم. وأكد في أقواله بأنه عمد وبانتهاج الأسلوب الإجرامي نفسه، بتسخير كريمة للإيقاع بعدد من الضحايا بعد انتقاء أحدهم وتتبع أحواله وأخباره من قبل المسمى صالح، الذي كان يتولى مهمة التعرف على الضحية السهلة المنال، عبر استسقاء جميع المعلومات عنه، تنفيذا لأوامر الشرطي (محمد) وانتزاع الأموال منه رفقة كل من الشرطيين امحمد وياسين، وكذلك (محمد أ) صاحب محل لبيع قطع غيار المحركات بالحي الصناعي، وذلك تنفيذا لاتفاق مسبق بين جميع الأطراف وعملا بالمخطط الذي يعمل على إنجازه الشرطي (محمد الت)، مقابل تلقي حصة معلومة من كل مال منتزع تحت التهديد. وقاد اعترافه الصريح بانتحاله صفة موظف شرطة بالرغم من عدم استيفائه الشروط الكافية لاكتساب هذه الصفة، وذلك من أجل الاحتيال على ضحاياه وإقناعهم لتسهيل عملية انتزاع أموالهم بدون موجب شرعي، سيما أنه تحوز ومشاركوه بمعدات شبيهة بتلك التي تتوفر عليها المصالح الأمنية من قبيل أجهزة الاتصال المحمولة والأصفاد المعدنية. وعند الاستماع إلى كريمة، أقرت أنها عملت على المشاركة في عملية ابتزاز استهدفت صاحب متجر للأغطية والأفرشة بساحة المشور إلى جانب المتهمين الآخرين، وذلك بعد أن عملت على استمالة الضحية للإيقاع به حسب المخطط المتفق عليه، متحصلة على مبلغ 750 درهما نصيبا لها من هذه العملية. لجأت فرقة الأبحاث إلى إجراء مواجهة بين كل من"بوجمعة" و"كريمة" و"صالح" من جهة ومفتش الشرطة "محمد" من جهة أخرى، لرفع الالتباس والوصول إلى حقيقة، نظرا للتناقض الحاصل في تصريحات الثلاثة وضابط الأمن، إذ أكد"بوجمعة"وهو يوجه كلامه إلى ضابط الأمن محمد " أنت الذي تعمل بصفوف الشرطة بالمدينة هو من سبق أن خطط وساهم في عمليات النصب والابتزاز التي قمت بها". أجابه ضابط الأمن "إن ما تدعيه مجرد ادعاءات كيدية لا أساس لها من الصحة"، متشبثا بإنكاره لأقوال بوجمعة، مدعيا بأنه يكن العداء للشرطي نتيجة ملف يتعلق بحالة المسمى"فنكاش". فندت "كريمة" إنكار الأمني، وهي توجه كلامها إليه، قائلة، أعلم عمله بسلك الشرطة بهاته المدينة، وسبق وأن خطط وساهم في عمليات النصب التي تعرض لها مجموعة من الضحايا، سيما من المتقاعدين وكذا اللذين كنت أوقعهم في شباك خططه. ومرة أخرى اعتبر الشرطي أن أقوال كريمة أمامه مجرد أكاذيب غايتها الزج به في مثل هاته القضايا، وأن لا علاقة له بما تذكره. وقال صالح نه يعرف الأمني"محمد"حق المعرفة وإنه من كان يخطط لعمليات النصب وابتزاز الضحايا. وأوضحت كريمة "الطعم" في محضر تصريحاتها لدى الشرطة القضائية، أنها تعرفت على مفتش الشرطة منذ أربع سنوات، وذلك عندما تقدمت إلى مقر الشرطة لتسجيل شكاية ضد أحد الجيران كان يزعجها ليلا، حيث طلب منها مده برقم هاتفها المحمول، وبدوره سلمها رقم هاتفه وبقيا على الاتصال فيما بينهما حيث تعرفا على بعضهما البعض. كان أول لقاء بينهما بمنزل مفتش الشرطة خلال سنة 2009، بعدما اتصل بها هاتفيا، طالبا منها زيارته، حيث بعث لها سيارة أجرة يتولى قيادتها المدعو بوبكر. ولما جالسته، تقول كريمة، تعرف على ظروفي القاسية ومعاناتي كامرأة مطلقة، وأبنائي يوجدون رفقة زوجي خارج أرض الوطن. ونظرا لذلك، أخبرنها بأنه يعرف جيدا سكان المنطقة، خاصة أولئك الأشخاص المسنون المتقاعدون الأثرياء الذين يتعاطون الفساد، حيث تعمل على اصطيادهم ويستخدمون طعما، وذلك بتحديد دوري في مرافقة هؤلاء الأشخاص من أجل ممارسة الفساد معهم، فيما دور ضابط الشرطة يتمثل في مباغثتهم. طبعا، تستطرد كريمة،" أعدت خطة مسبقة لهذه العملية تتم خلالها المساومة المالية لإخلاء سبيل الضحية، ثم أحصل بعدها على نصيبي من كل عملية". وهكذا تضيف كريمة، "وافقت على الخطة، وعزمت على تنفيذ كل ما يمليه علي مهندس الخطط، وتتبع تعليماته بهذا الخصوص"، حيث قامت بمعيته بمجموعة من العمليات قصت تفاصيلها أثناء الاستماع إليها.