بإسناد حقيبة وزارة الخارجية لسعد الدين العثماني، يكون النظام السياسي المغربي قد خطا خطوة هامة في ترسيخ المنهجية الديمقراطية، وبالتالي الخروج عن المعطى الثابت الذي ضل حاضرا طوال التاريخ السياسي المغربي، باعتبار وزارة الخارجية وزارة سيادية تدخل في إطار "المجال المحفوظ" للمؤسسة الملكية لتصريف توجهاتها وقراراتها الإستراتيجية الكبرى والمصيرية، الشيء الذي جعل الفاعل الحزبي في صناعة القرار السياسي الخارجي مغيَّبا ومهمشا. لكن بتنزيل مقتضيات الدستور الجديد وتحمل السيد العثماني لوزارة الخارجية في ظل متغيرات جيو سياسية إقليمية وعربية أفرزها الربيع العربي بوصول الإسلاميين عن طريق صناديق الاقتراع إلى مراكز القرار، ينبئ لا محالة على مؤشرات إيجابية لإيجاد حلحلة لقضية وحدتنا الترابية. فقضية الصحراء هي في الأصل مشكل مغاربي وتحديدا جزائري مغربي وعليه فإن أول نشاط دبلوماسي للسيد العثماني هو فتح قنوات للتواصل مع الجزائر بسياسة استشرافية للمستقبل في أفق تطبيع العلاقات على جميع المستويات وفتح الحدود وإيجاد حل نهائي لقضية وحدتنا الترابية لتفعيل سكة الاندماج والتكامل المغاربي. فحل قضية الصحراء ليست بالمفاوضات ولا بقرارات مجلس الأمن، بقدر ما هو مشكل في الضمير الجمعي بتجاوز عقد التاريخ المتراكمة بين البلدين، في نسيان مخلفات السياسة التآمرية الإقصائية على زعامة دول المغرب العربي،في حروب أيامها قليلة وخسائرها النفسية على الشعبين كبيرة وعميقة، في تجاوز عقلية ماضوية محكومة بإقصاء الآخر وبزرع الألغام والقنابل الموقوتة(البوليساريو على سبيل المثال) وعليه فإن السيد العثماني مطالب بتسخير تخصصه البسيكولوجي في تحليل هذه الحزازات النفسية المعقدة والمتراكمة طوال عقود من الزمن والتي جعلت جارين تحكمهما عوامل تجمعها أكثر ما تفرقهما ومع ذلك حدودهم أغلقت أكثر مما فتحت إن السيد العثماني مطالب بإبلاغ رسالة إلى قصر المرادية بأن الشعوب التي صنعت التغيير قادرة على صناعة التوحيد وبأن الجزائر لا تشكل الاستثناء في عرقلة بناء المغرب العربي الكبير بالوقوف في وجه المغرب لاستكمال وحدته الترابية.