وجه وزير الداخلية، مولاي الطيب الشرقاوي، في الأسبوع ما قبل الماضي، مذكرة إلى الولاة والعمال، يحثهم فيها على ضرورة تعزيز التعاون مع المنتخَبين، سواء على المستوى المحلي أو الجهوي، والتشاور معهم لإيجاد حلول تشاركية في أبعادها الاجتماعية والاقتصادية. ونصت دورية وزير الداخلية، التي توصل بها الولاة والعمال، على ضرورة الحفاظ على الوضعية الاعتبارية للمنتخَبين وعلى التعامل بالرسمية التي تستوجبها مسؤولياتهم. ربطت مصادر حزبية بين مذكرة وزير الداخلية، الداعية إلى إشراك المنتخبين، من برلمانيين ومستشارين جماعيين، في القرارات المتخذة محليا وجهويا، وبين تداعيات الصراع الذي كانت مدينة العيون مسرحا له، بين الوالي السابق محمد جلموس ورئيس المجلس البلدي للمدينة، الاستقلالي حمدي ولد الرشيد، وانتهى في 8 نونبر الماضي بأحداث دامية وأعمال شغب اجتاحت العيون، بعد تفكيك مخيم «إكديم إيزيك». وحسب المصادر ذاتها، فإن إصدار المذكرة الجديدة يأتي في سياق إعادة الدولة النظر في مجموعة من المقاربات التي أظهرت أحداث العيون ضرورة معالجتها وتفادي سلبياتها، خاصة على مستوى العلاقة التي تجمع بين ممثلي الإدارة وممثلي السكان، مشيرة إلى أن الكثير من المنتخَبين لا يُخْفون شكواهم من انفراد الولاة والعمال في العديد من المناطق باتخاذ القرارات على مستوى التدبير المحلي أو الجهوي، دون استشارتهم وهم «القريبون من الواقع والمطلعون على تفاصيله». إلى ذلك، كشفت مصادر مقربة من لجنة تقصي الحقائق حول مخيم «أكديم إيزيك» وأحداث العيون أن مقرر اللجنة، الاتحادي أحمد الزيدي، يعكف حاليا، بمعية حميد نرجس (النائب الأول للمقرر) والمصطفى الغزوي (النائب الثاني) والشاوي بلعسال (النائب الثالث) على تفريغ جميع الشهادات التي استمعت إليها اللجنة على المستوى المركزي والمحلي، وعلى وضع أرضية لتقرير اللجنة المنتظَر عرضه خلال الأسبوع القادم على أعضاء اللجنة، للتداول فيه والمصادقة عليه، لتأتي بعد ذلك عملية توجيهه إلى عبد الواحد الراضي، رئيس مجلس النواب، مشيرة إلى أن هذا الأخير سيعقد لقاء للتشاور مع رؤساء جميع الفرق وممثلي المجموعات النيابية، حالَما يتوصل بالتقرير النهائي المصادق عليه من قبل 13 نائبا، هم أعضاء لجنة تقصي الحقائق حول أحداث العيون. وأوضحت المصادر أن الراضي سيجري، بعد إطلاعه على مضمون نتائج التقرير، نقاشا مع أعضاء اللجنة، للخروج بموقف موحد بشأن طريقة عرضه، إذ إن القانون يسمح بعقد جلسة مغلقة، إذا ارتأت الفرق النيابية ضرورة ذلك، أو إجراء جلسة عمومية علنية، مرجحة في هذا السياق أن يتم إطلاع الرأي العام الوطني على حقيقة ما جرى في مخيم «أكديم إيزيك» ومدينة العيون، خلال جلسة عمومية علنية، كما كان الأمر مع لجنة تقصي الحقائق حول ما جرى في سيدي إفني في سنة 2008. في السياق ذاته، رجحت مصادر «المساء» أن تتم المصادقة على تقرير اللجنة قبل انتهاء الدورة الخريفية، مشيرة إلى أن اللجنة وضعت كأجل لانتهاء أشغالها وتقديم التقرير والمصادقة عليه 45 يوما. وفيما اعتبرت المصادر أن الاتهامات المتبادلة بين الأحزاب حول المسؤولية عن أحداث العيون لن تؤثر على مضامين تقرير لجنة تقص، عبَّر قيادي حزبي متابع لعمل اللجنة، طلب عدم ذكر اسمه، عن امتعاضه من دخول حزب العدالة والتنمية على الخط باتهامه غريمه السياسي حزب الأصالة والمعاصرة بالمسؤولية عن أحداث العيون، مشيرا إلى أنه «من غير المجدي لزعيم حزب أن يوجه اتهامات مجانية إلى أحد الأطراف دون انتظار تقرير اللجنة التي يوجد بين أعضائها ممثلون لحزبه. وعلى كل حال، فإن التقرير سيكشف الكثير من الأمور والمفاجآت». وأضاف القيادي نفسه في حديثه إلى «المساء»: «الأهم في عمل اللجنة ليس توجيه أصابع الاتهام إلى هذا الطرف أو ذاك، وإنما ما ستأتي به من توصيات لتجاوز الاختلالات المسجلة، خاصة أن عوامل عدة ساهمت في اندلاع تلك الأحداث»، مشيرا إلى أن تقرير اللجنة سيتضمن توصية إلى الدولة بإعادة النظر في مجموعة من المقاربات التي تنهجها منذ 35 سنة في الأقاليم الجنوبية.