يعتبر بلدنا المغرب منبت الأحرار فعلا ، و مصدر إلهام و منطق العديد من الطاقات و المواهب و الإبداعات ، على جميع الأصعدة و المجالات ، و لم يستثى منها مجال الفن النبيل الهادف ، إذ أنجب فيه العديد من الأسماء الكبيرة ، و منهم الفنان رشيد غلام عالمي الصيت و الذي تأثرت به كل طبقات المجتمع و شرائحه نظرا لنوعية خطابه و فرادة رسالته ، المخاطبة لعمق الإنسان و لب كينونته . فهو منشد ملتزم ومطرب مغربي، يؤدي الأغاني الروحية ويعيد أداء كلاسيكيات الطرب العربي. تعرض لقيود عديدة في بلاده على خلفية انتمائه إلى جماعة العدل والإحسان الإسلامية المحظورة، لكنه استطاع السفر بفنه عبر كبريات المسارح في أوروبا وتركيا وبلدان عربية. يتطلع إلى مصالحة الفن مع القيم الروحية السامية. الميلاد والنشأة رأى رشيد غلام -واسمه الحقيقي رشيد الموتشو- النور عام 1972 في مدينة الدارالبيضاء، وهناك ترعرع داخل حي شعبي هو حي البرنوصي، حيث أمضى طفولة حافلة بالشغب والحركة مع أقرانه من أبناء الفئات الشعبية البسيطة. الدراسة والتكوين أبدى رشيد تفوقا في الدراسة ترافق مع شغب طفولي غير قليل داخل الفصل. ومبكرا أوقف مساره الدراسي من أجل احتراف الفن، قبل أن يعود بعد سنوات إلى دراسة العلوم الشرعية. أما عن تكوينه في الغناء، فقد شحذ موهبته بالغناء في الحفلات المدرسية التي اختبر فيها اللقاء مع الجمهور. التجربة الفنية بدأ رشيد غلام مسيرته مع الغناء مبكرا في روضة الأطفال وعمره لم يتجاوز السادسة، وكبر شغفه بالموازاة مع تحصيله الدراسي، حيث أصبح في سن صغيرة معروفا بغنائه في الحفلات المدرسية، حيث كان يؤدي أغاني أم كلثوم وناظم الغزالي وغيرهما. في سن الثالثة عشرة حدثت الطفرة النوعية في حياته، حين دعي للمشاركة في سهرة فنية تبث على شاشة التلفزة العمومية، فكان ذلك بداية دخوله عالم الاحتراف. قال رشيد خلال شريط وثائقي حول سيرته بثته قناة الجزيرة الوثائقية، إن الاحتراف المبكر سرق منه طفولته وبراءته، فقد بدأ قصته مع الليل في الفنادق والفيلات الخاصة والملاهي. بعد ذلك بست سنوات، سيكون للشاب رشيد -الذي اعتزل عوالم الموسيقى ولياليها- موعد مع منعطف أكبر حين ينضم إلى جماعة العدل والإحسان الإسلامية المحظورة من قبل السلطات المغربية، ويقابل مرشدها العام الراحل عبد السلام ياسين. لكنه سيعود مرة أخرى إلى المنصة. يقول رشيد إن "عبد السلام ياسين هو من أرجعني إلى الفن بوصفه هبة ربانية ينبغي أن أوظفها في خدمة الخير". وهكذا أنشأ مجموعة تحيي أمسيات للمديح النبوي والغناء الروحي. بعد انتشاره -ولو في نطاق محدود- عبر مشاركته في حفلات في بعض المدن المغربية، استطاع رشيد غلام أن يسافر بفنه خارج الحدود بفضل خامة صوتية استثنائية شهد لها فنانون عرب كبار من عيار عازف العود العراقي نصير شمة والفنان اللبناني الراحل وديع الصافي والفنانة السورية أصالة نصري وغيرهم. وهكذا أحيا حفلات ناجحة في أكبر مسارح الأوبرا الأوروبية، وفي أوبرا مصر التي غنى فيها باقتراح من نصير شمة على مديرتها آنذاك رتيبة الحفني. لكنه يبدي اعتزازا خاصا بحفلاته في تركيا وخصوصا في إسطنبول التي يعتبرها مورد إلهام فني له. اتهم رشيد السلطات المغربية بملاحقته بضغوط ومضايقات مستمرة لمنعه من التواصل مع الجمهور على خلفية انتمائه إلى جماعة العدل والإحسان، سواء عبر استبعاده من الظهور في وسائل الإعلام العمومية، أو منع العديد من حفلاته في الفضاءات العامة والخاصة، أو متابعته بدعاوى أخلاقية "ملفقة" أمام المحاكم، أو بالضغط على دول عربية لعدم استقبال أنشطته الفنية. وفي 10 ديسمبر/كانون الأول 2015، نظم غلام وقفة احتجاجية أمام البرلمان المغربي بالرباط بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان بسبب "منعه من الغناء بالمغرب منذ 15 عاما". أهم أعماله أنشأ رشيد غلام مؤسسة "الضحى" للإنتاج الفني والإعلامي منذ عام 1995، وأصدر من خلالها أعماله الفنية التي منها: "يا جمالا"، و"مواجيد"، و"أريج الطيب في مدح الحبيب"، و"حداء الروح"، و"إيقاع الروح"، و"الليلة المحمدية"، و"مختارات من السماع النبوي"، و"الرسالة".