بداية، فإن العمل على تصنيف فن الملحون كتراث عالمي لليونسكو مبادرة مهمة يحبذها العديد من المهتمين والأساتذة الباحثين وشعراء ومنشدي هذا الفن المغربي الأصيل، لذلك نتوجه بالتحية والتقدير في هذا الشأن إلى أكاديمية المملكة ووزارة الثقافة والاتصال على المجهودات المبذولة لتحقيق هذا الهدف النبيل. إن كل الإبداعات الملحونية القديمة والحديثة باختلاف مواضيعها، تستحق المزيد من الاهتمام والرعاية والدراسة والإشعاع والتنويه. وفي هذا الإطار أود أن أنبه إلى ضرورة الوقوف عند مهد الملحون "جبل زرهون الشامخ" الذي كان له السبق في عدة تجارب ملحونية، أخص بالذكر منها شيوخ قصبة بني عمار وشيوخ بني جناد وسيدي عبد الله الخياط والخنادق، ومنهم الكفيف الزرهوني صاحب الملعبة وهي أقدم كتابة ملحونية وطنيا، والشيخ عاشور بن يزيد الزرهوني، والشيخ محمد المغاري أول من نظم قصيدة الحراز بالمغرب، كما أن أول امرأة مغربية نظمت وأنشدت الملحون هي لالة فضيلة الخياطي من قصبة بني عمار، شقيقة الشيخ مولاي امحمد الخياطي الذي تتلمذ عليه هرم الملحون المرحوم الحاج الحسين التولالي، وبن عيسى الدراز شيخ جل شعراء مكناس، ومولاي سليمان الحداشي الذي كان يحتضن أهل الملحون بمقهاه الشهير، والحاج محمد بن راشد الذي كان منزله قبلة لأهل الملحون من كل الوطن. أما حديثا، فلابد أن نقف عند تجربتي التي اشتغل فيها على عالمية الملحون من خلال إصداري لأول ديوان شعري ملحوني باللغة الفرنسية يحمل إسم "من أجل عالمية الملحون" وتوجد نسخة منه بأكاديمية المملكة المغربية. ويشتمل هذا الكتاب على عدة قصائد تتفاعل مع قيمنا المغربية ومع أهداف منظمة اليونسكو. فنظم وإنشاد الملحون باللغة الفرنسية وخطوة رائدة وقيمة مضافة يجب استغلالها للرقي بهذا الفن المغربي الأصيل ووضعه في خانة التراث الإنساني لليونسكو. لذلك سيكون على المسؤولين عن إعداد ملف تسجيل فن الملحون كتراث إنساني أن يتواصلوا مع كل من أغنى ولا زال يغني الحقل الملحوني بأعماله الوازنة التي تساهم في تطويره وإيصاله للعالمية وتحبيبه لكل الأجيال داخل وخارج أرض الوطن. جزيل شكرنا لأكاديمية المملكة المغربية ولمستشار صاحب الجلالة الدكتور عباس الجيراري ولوزير الثقافة والإتصال السيد محمد الاعرج، ولكل الفنانين والدارسين الغيورين على هذا اللون الجميل من تراثنا المغربي الأصيل والرائد. وأملنا كبير أن يصنف فن الملحون ضمن التراث الإنساني لليونسكو وأن يحظى شيوخه بالعناية التي تليق بهم على المستويين المادي والمعنوي.