قررت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في إطار حملة توقيف الخطباء توقيف العالم الفقيه سعيد الصديقي ابن عائلة العلم والصلاح في قبيلة أولاد الشيخ بإقليم قلعة السراغنة، هو خطيب جمعة بمسجد القرية، الذي يعتبر قبلة لحفظ القرآن الكريم، والنهل من بحور العلوم الشرعية، يؤمه الرجال والنساء والأطفال والشيوخ، وله الفضل في تحفيظ العديد من حفاظ وحافظات كتاب الله تعالى، ولا يزال. إن احتجاج ساكنة قرية أولاد الشيخ على قرار توقيف العالم الجليل سي سعيد الصديقي كان منتظرا جدا، لكن أن يصمد الساكنة طيلة خمس جمعات متتالية، متشبثين بخطيبهم سي سعيد، ورافضين تعيين خلف له، واعتصامهم في المسجد وفي فنائه تارة، وتنظيم مسيرات احتجاجية على الأقدام في اتجاه المسؤولين تارة أخرى، رغم التهديد والوعيد أمر يستحق التنويه حقا. اليوم الجمعة 5 ماي 2017 كان يوما حاسما، حين أجمعت السلطات أمرها، وعبئت قواتها الزرقاء والخضراء والرمادية مدججة بالهراوات والخوذات واللاقية، و هددت بالصوت العالي أن لا تراجع عن قرار التوقيف، وأن لا خيار إلا القبول بخطيب آخر أو التنكيل والعقاب، و بعده إغلاق المسجد نهائيا. لقد أبهر موقف ساكنة القرية المتتبعين والمراقبين، حينما صمدوا، وواجهوا الهراوات برؤوس مكشوفة، وصلوا الجمعة ظهرا في الشارع، وقرروا بعد خمس جمعات من الثبات أن يقاطع أبناؤهم المدرسة ابتداء من يوم غد السبت في خطوة تصعيدية أخرى، مقسمين على أن لا تراجع أبدا عن الموقف، ولقد كانت لهم محطة مثقلة بالرسائل البارحة الخميس حين قرؤوا اللطيف جماعة. قلت: الغباء لا حدود له، لأن هذه القرية التي لم تكن على مستوى من الشهرة في المغرب الواسع تتجه اليوم لتصبح أيقونة أخرى للصمود والحراك الشعبي الجماهيري غير المؤطر بالإطارات التقليدية، وصخرة أخرى تتكسر عليها أمواج الظلم والاستبداد العاتية، فاتحة المجال لغيرها ليحدو حدوها ، لاسيما في سياق تصاعد وتيرة الاحتجاج بقرى الريف وتنغير وغيرها... كل التحية والتضامن لساكنة أولاد الشيخ ومن ساندهم من القرى المجاورة، وينبغي أن يعلم "مالكي القرار" أن مغرب ما بعد 2011، يشبه ما قبله، لكنه حتما ليس هو!