باحثة،دكتوراه،الصحافة والإعلام الحديث،جامعة ابن طفيل،المملكة المغربية تقول المقولة"من يملك المعلومة يملك القوة"،وعليه تعد المعلومات الوقود الذي يحرك حرية الرأي والتعبير، وعليها تتأسس حرية النقد، وبدونها لا تقوم حرية الصحافة، كما إن ممارسة الديمقراطية التشاركية تشترط وتفرض شفافية إلى أقصى درجة في إعلام من يقبل على اتخاذ القرار، وفي ظل التغيرات الراهنة تزداد حاجة الجماهير إلى المعلومات، كما يتزايد الطلب عليها في وسائل الإعلام، ويتوقف تحصيل هذه المعلومات على مدى الانفتاح الديمقراطي ومرونة النظام السياسي وحرية المؤسسات الإعلامية، والتطبيق الفعلي للقانون الدولي الإنساني المتعلق بحرية الرأي والتعبير والحصول على المعلومات ونقلها وتبادلها بكل حرية ودون اعتبار للحدود، غير أن المدقق في الأحداث الدولية والمحلية اليوم يلاحظ حتما انتهاكات صارخة في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة،والواقع يثبت لنا أن الكثير من الدول تستعمل كل الطرق المشروعة والغير المشروعة من أجل منع المواطن من الحصول على المعلومات. إن حرية الإشهار ونشر المعلومات تسمح بتفادي الاختيارات العمياء، وفي هذا المعنى يصرح James» «Madison، قائلا: "حكومة شعبية بدون إعلام، أو بدون توفر وسائل الحصول على المعلومات، ما هو إلا تمهيد لحشر أو مأساة أو للاثنين معا في الوقت نفسه". وعليه تعتبر المعلومة أكسجين الديمقراطية،إذ تعد عاملا أساسيا لممارسة الفرد حقه في حرية الرأي والتعبير،وهي المقدمة الضرورية لتطبيق مبدأ حرية الرأي وبلورة الفكر والموقف، والتعبير عنه في مجتمع ديمقراطي، الذي يتميز بحرية المعلومات ونشرها وضمان الوصول إليها باعتبارها حق أساسي للمواطنين. وعلى العموم، أضحت المعلومات مسألة أساسية و ضرورية، لكونها تساهم بشكل كبير في تعزيز قواعد الشفافية و محاربة الفساد و تخليق الحياة العامة.، فالمؤسسات الأمنية الشفافة هي التي تعمل على تبسيط المساطر، و نشر المعلومات، و تسهر على أن تكون المعلومات المقدمة مفيدة ورسمية و واضحة و علانية و دون عراقيل. تسمح من خلالها للمواطنين من الاطلاع على النشاطات و القرارات المتخذة، ومن تم تعزيز ثقة المواطنين بالأجهزة الأمنية، و تحسين العلاقة بينهما عن طريق عقد اجتماعي جديد. كما أن حصول المواطن على المعلومات من شأنها المساهمة في تكريس مبادئ الديمقراطية التشاركية و في بلورة السياسات العمومية و تفعليها و تنفيذها و تقييمها كما نص على ذلك الفصل13 من الدستور، فضلا عن تقديم الملتمسات في مجال التشريع . لكن هذا لا يمكن الوصول إليه إلا إذا كان المواطن على وعي و دراية بمختلف جوانب الحق في الحصول على المعلومات، بمعرفته للمعلومات المسموح بها قانونا، و المعلومات المقيدة و المستثناة التي يشكل الإفصاح عنها تهديدا و خطرا على أمن الدولة و سلامة البلد، تلك المتعلقة بالدفاع الوطني و بأمن الدولة الداخلي و الخارجي و بأسرار المهن الأمنية و العسكرية . وعلى ضوء ماسبق تكمن المشكلة حول كيفية إيجاد معايير واضحة ودقيقة للتوفيق بين مصلحتين متعارضتين تتمثل الأولى بحق الأفراد بشكل عام وحق الصحفيين بشكل خاص في التعبيرعن أرائهم وأفكارهم من خلال أحقية حصولهم على المعلومات والأخبار من مصادرها المختلفة مع ضمان عدم تهديدهم أو المساس بهم إذا ما تعرضوا إلى التجاوزات من قبل السلطات العمومية في الدولة،والثانية تتمثل بحق الدولة في الدفاع عن مصالحها العليا إذ ما تحولت تلك المعلومات والأخبار التي بأيدي المواطنين إلى أداة تطال بها سلامة الدولة وأمنها الوطني.، وبتعبير آخر كيفية العمل على إزالة التناقض الموجود بين القوانين التي تكفل للمواطن حقه في الحصول على المعلومات، وبين ما تضعه الدولة من قيود عديدة بموجب قوانين وقرارات خاصة تقيد من الحصول على المعلومات. فإلى أي حد يمكن القول بأن المشرع المغربي قد توفق في تنظيم الحق في الحصول على المعلومات تنظيما محكما متينا ومتلائما مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان بإقرارها لحرية الرأي والتعبير وتبادل المعلومات؟. وهل فرض قيود قانونية على المواطنين في الحصول على المعلومات يؤدي الانتقاص من ذلك الحق أم إلى مصادرته له.أم أنه ضمانة أساسية لحماية حقوق وحريات الآخرين؟. لمناقشة هذه التساؤلات،ارتأينا مناقشة الموضوع عبر زاويتين أساسيتين :الأولى منهما نتطرق فيها حدود انفتاح السياسة التشريعية في قانون الحق في الحصول على المعلومات، فيما نعالج في الزاوية الثانية من هذا العرض الاستثناءات الواردة عليه. المحور الأول: حدود انفتاح السياسة التشريعية في قانون حق الحصول على المعلومة انطلقت النقاشات بشأن قانون الحق في الحصول على المعلومات في عام2007،بعد إقرار المغرب اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد (القرار 58/4). ولكن لم يطلق المسؤولون الحكوميون والجهات الفاعلة في المجتمع المدني مبادرة لتعزيز الحوكمة الشاملة والمتجاوِبة والخاضعة للمساءلة إلا مع اندلاع الانتفاضات العربية وظهور حركة 20 فبراير.[1] ونتيجةً لذلك،وُضعت المادة 27 وأُدرجت في دستور2011 المعدّل، وهكذا أصبح الوصول إلى المعلومات حقاً أساسياً من حقوق جميع المواطنين والمقيمين الشرعيين في المغرب،وأُنشأت لاحقاً لجنة متخصصة مؤلَّفة من أعضاء في الدوائر الوزارية،وفي القطاعات الحكومية، وشركات القطاع الخاص، والمنظمات المدنية من أجل العمل على تفاصيل القانون. وقد أثمرت هذه الجهود الجماعية عن إقرار القانون 31.13 في فبراير 2018 بعد سنوات من السجال والمعارك التشريعية. وكان من المقرر أن يدخل القانون حيّز التنفيذ بعد عامٍ من نشره في الجريدة الرسمية، أي في مارس 2019. ولكن القانون 31.13 لم يصبح نافذاً بصورة رسمية إلا في 12 مارس 2020،أي بعد تأخير استمر عاماً كاملاً بسبب العوائق اللوجستية والمسائل المتعلقة بالتنفيذ،والمتمعن في هذه الحركة التشريعية، يستشف منها أمرين أساسيين: الأمر الأول: مرتبط بالجانب الكمي لهذه التشريعات، أي تعتبر هذه الفترة من بين الفترات التاريخية في إنتاج القوانين، والتي ترتبط بمجالات إستراتيجية في تمتلاث المواطن والدولة، كالقانون الجنائي، قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية،قانون الحق في الحصول على المعلومات…،ولا يمكن حصر القائمة...، وهذا يعد دليلا قاطعا على الجانب الكمي الذي لا يعد في كل الحالات معطى إيجابيا،بل يعدو مع مرور الوقت حجة على التسرع والارتباك. فأما الأمر الثاني: فمرتبط بالجانب الزمني لهاته التشريعات، أي أن دستور 2011، يفرض على المشرع تغييرا جذريا في القوانين لتلائم مقتضيات الدستور،لاسيما بعد انضمام المغرب رسمياً، من خلال إقرار قانون الحق في الحصول على المعلومات (31.13) في فبراير2018،إلى شراكة الحكومة المفتوحة،[2]ما يُشكّل خطوة كبرى للنظام الملكي فيما يتعهد بالالتزام بالمبادئ الأربعة الأساسية للشراكة المذكورة، وهي الوصول العام إلى المعلومات،وكشف المسؤولين الحكوميين عن موجوداتهم وممتلكاتهم،والشفافية المالية،ومشاركة المواطنين. على ضوء هذين الملاحظتين السابقتين ينتج عنهما أثرين سلبيين: الأثر السلبي الأول:متجل في إنتاج قانون ذات صياغة غير دقيقة، تتميز بالركاكة في المعنى، بحيث وقع المشرع في تقييد كمي وزمني لم تتحمله جودة هذه التشريعات. الأثر السلبي الثاني:مرتبط بالارتباك التشريعي،والذي في كثير من الحالات يخلط بين كثير من القواعد المنظمة لمجال ما، هذا الارتباك يظهر في صياغة مشروع قانون الحق في الحصول على المعلومات،وبذلك أضحت نصوصه.، تتقاطع معه حقوق أخرى عبر عنها المشرع بمفهوم الاستثناءات والتي يعد على رأسها الالتزام بالسر المهني.[3] ويمكن إرجاع أسباب هذه الأزمة التشريعية إلى العلل التالية: فلسفة التشريع مهمة جدا لضبط الصياغة التشريعية،وهي مجال بحثي تهتم به الدول الأنجلوسكسونية في جامعاتها، وصياغة التشريع وفلسفته تحتاج من صاحبها الإلمام بالمنطق، واللغة، وكذلك العلوم الاجتماعية، وبعض العلوم الأخرى… أولا: تغليب المصلحة السياسية في صياغة هذه النصوص، فالحكومة حاولت أن تفتح عدة أوراش لسن تشريعات كثيرة وفي نفس الوقت أيضا، وهذا معطى سلبي يؤثر بشكل كبير في بنية هذه النصوص، ويستنتج من هذا الأمر أن الهدف هو بالدرجة الأولى سياسي. وإغفال بذلك مصلحة المواطن، والتي لن تتحمل أي هفوة تشريعية، والذي سيتحمل تبعاتها لزمن بعيد، خصوصا أنها قوانين مهمة وستبقى قائمة عبر الزمن. ثانيا:غياب دور الجامعة في تقويم وتحليل النصوص وجودة ما يقدم، ففلسفة التشريع مهمة جدا لضبط الصياغة التشريعية، وهي مجال بحثي تهتم به الدول الأنجلوسكسونية في جامعاتها،وصياغة التشريع وفلسفته تحتاج من صاحبها الإلمام بالمنطق، واللغة، وكذلك العلوم الاجتماعية، وبعض العلوم الأخرى،وهذا ما لا يتحقق، حيث أن اكتساب هذه المعارف يقتضي درسا أكاديميا رصينا،وللأسف يغيب هذا المجال في الجامعة المغربية، مثلما تغيب أمور كثيرة. ثالثا: عدم فتح نقاش عميق في صياغة القوانين، فغياب النقاش العمومي حول القوانين يؤدي إلى أزمة في النسق القانوني المغربي،أي لا فعلية لهاته النصوص دون وجود نقاش عمومي، فالقانون يصنع من الأسفل لا من الأعلى. ومن أجل ملائمة النصوص التشريعية والتنظيمية مع قانون الحق في الحصول على المعلومات،ينبغي على المشرع مراجعتها وإعادة النظر فيها،ومنحه أولوية التطبيق عند تعارضه مع أحكام التشريعات الأخرى،ومن بين هذه النصوص،نجد الفصل 18 من قانون الوظيفة العمومية الذي نص على الأتي:"بقطع النظر عن القواعد المقررة في القانون الجنائي فيما يخص السر المهني، فإن كل موظف يكون ملزما بكتم سر المهنة في كل ما يخص الأعمال والأخبار التي يعلمها أثناء تأدية مهامه أو بمناسبة مزاولتها، ويمنع كذلك منعا كليا اختلاس أوراق المصلحة ومستنداتها أو تبلغيها للغير بصفة مخالفة للنظام.وفيما عدا الأحوال المنصوص عليها في القواعد الجاري بها العمل، فإن سلطة الوزير الذي ينتمي إليه الموظف يمكنها وحدها أن تحرر هذا الموظف من لزوم كتمان السر أو ترفع عنه المنع المقرر أعلاه". والملاحظ من هذا الفصل في فقرته الأولى ،أنه يمنع على الموظف إفشاء السر المهني،حيث لا يمكن له الإفصاح عن المعلومات التي تهم المجال الذي يشتغل فيه.وبعبارة أخرى،ينبغي عليه التكتم على المعلومات التي ترى الإدارة التي يشتغل فيها بأنها تكتسي طابعا سريا،أما عبارة" مخالفة للنظام العام" الواردة في الفقرة الثانية من الفصل نفسه،فتبقى غير واضحة،ولم يحدد المشرع المقصود منها، زيادة على ذلك، فالفصل السالف الذكر، يجعل الموظف يمتنع عن الإدلاء بالوثائق والبيانات والمعلومات التي تهم مهامه الإدارية، وفي حالة عدم احترامه لذلك يتم تعريضه للمساءلة التأديبية والجنائية،وبالتالي فهذا الفصل سيؤثر على العلاقة التي تربط الإدارة بمرتفقيها، ويجعلهم يفقدون الثقة فيها،فمسألة السر المهني ماهي إلا أداة تستعملها الإدارة لإخفاء المعلومات خوفا من تعرضها للمساءلة والمحاسبة إذا كانت هذه المعلومات غير شفافة. وعلى العموم،فقد بالغ المشرع في هذا الفصل في مسألة كتمان السر المهني،وهذا يشكل تعارضا بينه وبين قانون الحق في الحصول على المعلومات،ولذلك ينبغي على المشرع أن يعيد النظر في قانون الوظيفة العمومية حتى يتلاءم مع قانون الحق في الحصول على المعلومة بغية حماية الموظف العمومي الذي يقوم بفضح عمليات الفساد التي تقع داخل الإدارات العمومية من أية عقوبات،سواء كانت إدارية أو قانونية،خاصة أن المشرع أقر قانونا يوفر الحماية القانونية للضحايا والشهود والخبراء والمبلغين فيما يخص جريمة الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ. إلى جانب الفصل 18 من قانون الوظيفة العمومية، نجد الفصلان 187و446 من القانون الجنائي المغربي، وينص الفصل 187 على:"تعتبر من أسرار الدفاع الوطني في تطبيق هذا القانون: 1-المعلومات العسكرية أو الدبلوماسية أو الاقتصادية أو الصناعية التي توجب طبيعتها أن لا يطلع عليها إلا الأشخاص المختصون بالمحافظة عليها، وتستلزم مصلحة الدفاع الوطني أن تبقى مكتومة السر بالنسبة إلى شخص آخر. 2-الأشياء والأدوات والرسوم والتصميمات والخرائط والنسخ والصور الفوتوغرافية أو أي صور أخرى أو أي وثائق كيفما كانت،التي توجب طبيعتها أن لا يضطلع عليها إلا الأشخاص المختصون باستعمالها أو المحافظة عليها وأن تبقى مكتومة السر بالنسبة إلى أي شخص آخر لكونها يمكن أن تؤدي إلى كشف معلومات من أحد الأنواع المبينة في الفقرة السابقة. 3-المعلومات العسكرية من أي طبيعة كانت التي لم تنشر من طرف الحكومة ولا تدخل ضمن ما سبق والتي تم منع نشرها أو إذاعتها أو إفشاؤها أو أخذ صور منها إما بظهير أو بمرسوم متخذ في مجلس الوزراء. –4المعلومات المتعلقة إما بالإجراءات المتخذة للكشف عن الفاعلين أو المشاركين في جنايات أو جنح ضد أمن الدولة الخارجي أو القبض عليهم،وإما بسير المتابعات والتحقيقات وإما بالمناقشات أمام محكمة الموضوع". ويضيف الفصل 446 من القانون نفسه أن:"الأطباء والجراحون وملاحظو الصحة،وكذلك الصيادلة والمولدات وكل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار،بحكم مهنته أو وظيفته،الدائمة أو المؤقتة،إذا أفشى سرا أودع إليه،وذلك في غير الأحوال التي يجيز له فيها القانون أو يوجب عليه فيها التبليغ عنه،يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من ألف ومائتين إلى عشرين ألف درهم…". وبذلك أضحت نصوص قانون الحق في الحصول على المعلومات.، تتقاطع معه حقوق أخرى عبر عنها المشرع بمفهوم الاستثناءات والتي يعد على رأسها الالتزام بالسر المهني[4]، مما يجعلُنا نقول بأنّ قانون الحق في الحصول على المعلومات في المغرب جاء مخيبا للآمال،وما هو إلا قانون شكلي لا يستجيب لتطلعات وحاجيات المجتمع، وأنّ السرية أضحت فيه هي القاعدة، والعلانية هي الاستثناء. وبعبارة أخرى، فهذا القانون يميل إلى الحظر أكثر منه إلى الإباحة…
المحور الثاني: الاستثناءات الواردة على الحق في الحصول على المعلومات تماشياً مع المبدأ الثاني عشر من مبادئ جوهانسبورغ الذي ينص على أنه:" لا يحق لدولة ما إطلاقا منع الوصول إلى المعلومات ذات الصلة بالأمن الوطني، بل يجب عليها أن تحدد في القانون،الأصناف الخاصة والمحدودة من المعلومات التي من الضروري حجبها من أجل حماية مصلحة مشروعة للأمن الوطني[5] . فإن تطبيق مبدأ الإفصاح عن معظم المعلومات أمراً يستحيل تحقيقه،إذ يحتاج كل مجتمع إلى حيّز من السرية، قصد الحفاظ على بعض المصالح العامة للدولة، أو المصالح الخاصة للأفراد. فالحق في الحصول على المعلومات ليس حقّاً مطلقاً، بل أورد عليه المشرّع عدة استثناءات، من خلال سماحه للشخص المكلّف برفض طلب الحصول أو الاطلاع على بعض الوثائق أو المستندات التي تكتسي طابعاً سريّاً، كالمعلومات المتعلّقة بالدفاع الوطني، وبأمن الدولة الداخلي والخارجي، والمتعلّقة بالحياة الخاصة للأفراد؛أي المعلومات التي من المتوقع في حال الإفصاح عنها، تعريض حياة فرد ما أو سلامته للخطر،أو البيانات الشخصية التي من شأن الكشف عنها أن يُشكّل انتهاكا لخصوصيات الفرد،كما يستثني القانون من الحق في الحصول على المعلومات، كل ما يؤدي الكشف عنه إلى إلحاق ضرر، أو الإخلال بمبدأ السرية. وفي هذا الصدد تضمنت القوانين المتعلقة بالحق في الحصول على المعلومة مجموعة من الاستثناءات[6] هي بمثابة حدود تؤطر ممارسة هذا الحق. * المعلومات المتعلقة بحماية الدفاع الوطني و بأمن الدولة الداخلي استثنى المشرّع المغربي من مبدأ الإفصاح عن المعلومات تلك المتعلّقة بالدفاع الوطني وبأمن الدولة الداخلي والخارجي؛ [7]أي لا يُمكن للمواطن الاطلاع أو الحصول عليها. وما يُعاب على ذلك، أنّ المشرّع لم يحدد سرية الدفاع الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي، ولم يحدد كذلك المقصود بهذه السرية، وإنّما ترك الباب مفتوحاً أمام السلطة التقديرية للإدارة لتحديد نطاقها. كما تم منع الحصول على المعلومات المتعلّقة بأمن الدولة، سواء الداخلي أو الخارجي، في قوانين تنظيمية أخرى، كالقانون التنظيمي المنظم للجان تقصي الحقائق، الذي سمح لهذه اللجان بجمع المعلومات، والاطلاع على كافة الوثائق التي لها علاقة بالوقائع المراد التقصي بشأنها، باستثناء ما يكتسي منها طابعاً سرياً، كالوثائق المتعلّقة بالدفاع الوطني، أو أمن الدولة الداخلي أو الخارجي، أو علاقة المغرب مع دول أجنبية. وفي هذا الصدد،إنّ ما يُمكن ملاحظته بخصوص المادة التاسعة من القانون المنظم للجان تقصي الحقائق [8]، أنّ المشرّع وضع قيوداً على عمل اللجان النيابية لتقصي الحقائق كلّما تعلّق الأمر بسيادة الدولة، إذ يصعب على أعضاءها الوصول إلى الحقائق المتعلّقة بهذه الوقائع، بدعوى المحافظة على السر المهني.، فالحكومة بذلك تتمتّع بسلطة واسعة في تقدير الأمور التي تدخل ضمن المجال المحفوظ للدولة أم لا، وهذا ما يُرَجح كفتها ويجعلها متحكّمة بشكل أو بآخر، في عمل لجان التقصي والتحقيق. وعلى هذا الأساس،فإنه يصعُب في بعض الأحيان التمييز بين النوايا الحقيقية لرئيس الحكومة،حول ما إذا كانت بالفعل هذه المعلومات المراد التحقيق والتقصي بشأنها ذات صبغة سرية تامة، أم أنّ إدلاء الموظفين بها قد يسمح لأعضاء البرلمان باكتشاف خبايا الأخطاء والهفوات الحكومية، التي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى إعمال مسطرة تحريك المسؤولية السياسية للحكومة. * الاستثناءات المتصلة بالحياة الخاصة للأفراد استلهم المشرع الدستوري المغربي من المواثيق الدولية [9]التنصيص على حرمة الحياة الخاصة للأفراد على نحو ما ورد في الفصل 24من الدستور والذي على ضوئه تمت ملائمة النصوص المتصلة بممارسة حرية الصحافة بشكل يبين الحدود الفاصلة بين ممارسة الحق في الحصول على المعلومة واحترام حرمة الحياة الخاصة للأفراد،وهكذا استثنى القانون رقم 31.13 في مادته السابعة كل المعلومات التي من المتوقّع في حال الإفصاح عنها، تعرض حياة فرد ما أو سلامته للخطر،أو البيانات الشخصية التي من شأن الكشف عنها أن يُشكّل انتهاكا لخصوصيات الفرد. إنّ هذه الاستثناءات جاءت عامة، خاصّة وأنها لم تحدد بشكل دقيق مفهوم الحياة الخاصة للأفراد،وبذلك فإن مفهوم الحق في الحياة الخاصة مفهوم نسبي يضيق نطاقه في وقت ويتسع في وقت آخر،وأمام صعوبة إيجاد مدلول دقيق ومحدد للحياة الخاصة، تم الاكتفاء بتعداد أو تحديد العناصر التي تدخل في نطاقها، والتي تشكل مظاهر للحياة الخاصة ومن أبرزها ما يلي :حرمة المسكن / *المحادثات الخاصة / *الذمة المالية /*الآراء السياسية والمعتقدات الدينية /*الحياة العائلية والعاطفية للإنسان/*الصورة. كما أكدت المقتضيات التشريعية ذات الصلة بحرية الصحافة ومنها المادة 6 من القانون المتعلق بالصحافة والنشر والتي جاء فيها" يحق للصحافيات والصحافيين ولهيئات ومؤسسات الصحافة الولوج إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات من مختلف المصادر باستثناء المعلومات التي تكتسي طابع السرية وتلك التي تم تقييد الحق في الحصول عليها طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 27 من الدستور ". وتأكيدا على استثناء الحياة الخاصة للأفراد من دائرة المعلومات التي يحق للصحافة البحث عنها ونشرها جاء الفصل الثالث من القانون السالف الذكر صريح في الدلالة على هذا الاستثناء من خلال عنونته "في حماية الحياة الخاصة والحق في الصورة" وهي إشارة إلى ضرورة مراعاة الحياة الخاصة للأفراد خلال الممارسة الصحفية، خاصة بعد أن حدد الفصل 89 ما يعد تدخلا في هذه الحياة من جانب الصحفي. * المعلومات المشمولة بطابع السرية يعد حق الحصول على المعلومات، أساس حرية الرأي والتعبير الذي تؤكده كل وثائق الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، بدونه تبقى هذه الأخيرة بلا مضمون، فالإنسان لا يشعر بالاطمئنان على حقه في التعبير عن أرائه بحرية، وبدون قيود غير التي يفرضها القانون، إن هو لم يطمئن على ضمان حقه في البحث عن المعلومات والأفكار، الأنباء، التي يرغب في تبليغها للآخرين بأمانة[10] . يستثنى كذلك من الحق في الحصول على المعلومات، تلك المشمولة بطابع السرية؛ أي تلك التي من شأن الإفصاح عنها الإخلال بسرية مداولات المجلس الوزاري ومجلس الحكومة، أو بسرية الأبحاث والتحريات الإدارية، أو بسير المساطر القضائية والمساطر التمهيدية المتعلّقة بها، ما لم تأذن بذلك السلطات القضائية المختصة، مبادئ المنافسة الحرة والمشروعة والنزيهة، وكذا المبادرة الخاصة [11]. وما يُمكن مؤاخذته على ما تقدّم، أنه لم يتم تحديد مدة زمنية للاستثناءات المشمولة بطابع السرية، إذ ينبغي تحديد مدة كتمان المعلومات التي تم الامتناع عن تقديمها، لضمان الحصول عليها فيما بعد،وتصبح في متناول الجميع مع مرور الوقت. وفضلا عن ذلك، ففي "منظمة المادة 19 حق الجمهور أن تطرح الاستثناءات بدقة من أجل تجنّب تضمينها مواد لا تضر فعلا بالمصلحة « في المعرفة" أن هّ يجب المشروعة، إذ يجب أن تتأسس على مضمون محدد بدلا من أن تتأسس على نوع الوثيقة .[12] * الاستثناءات المتصلة بمصالح الهيئات والمؤسسات لا يعد حق الحصول على المعلومة حقا إنسانيا فقط، بل هو كذلك شرط أساسي من شروط الإدارة المتقدمة إذ لا يمكن الحديث عن اشتغال الإدارة بدون أن يكون عملها واضحا وبدون أن توفر لمواطنيها المعلومات الكافية للاطلاع والتقييم واتخاذ المواقف المناسبة.[13]. وإذا كان الدستور المغربي لفاتح يوليوز 2011 قد نص ولأول مرة على الحق في الحصول على المعلومات صراحة، من خلال الفقرة الأولى لفصل 27 ،بعد أن أٌقر بحق المواطنين في الوصول إلى المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام، فإنه في نفس الوقت استثنى في الفقرة الثانية من نفس الفصل بعض المجالات التي لا يجب أن يطالها هذا الحق. وقد كرس قانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات هذه القيود الواردة في الدستور من خلال المادة السابعة منه التي حددت المجالات التي يطالها الاستثناء من الحق في الحصول على المعلومة،" يستثني القانون التنظيمي رقم31.13 من الحق في الحصول على المعلومات، كل المعلومات التي من شأن الكشف عنها، إلحاق ضرر بالعلاقات مع دولة أخرى، أو منظمة دولية حكومية، والسياسة النقدية أو الاقتصادية أو المالية للدولة، وحقوق الملكية الصناعية،أو حقوق المؤلف أو الحقوق المجاورة،وحقوق ومصالح الضحايا والشهود والخبراء والمبلّغين، فيما يخص جرائم الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ وغيرها. وتعد عبارة "المعلومات التي يؤدي الكشف عنها إلى إلحاق ضرر ب عبارة فضفاضة، وترتبط بحدث تنبئي قد يقع وقد لا يقع، وهنا سيطرح إشكالا يرتبط بكيفية تقدير مدى إحداث الضرر من عدمه في حالة تم الكشف عن تلك المعلومات، ومما لا شك فيه، أنّ كل امتناع عن تقديم الإدارة لمعلومة مطلوبة، سيكون خاضعا للسلطة التقديرية للشخص المكلّف والجهة المعنية التي تتوفر على تلك المعلومات[14]. أن الحق في الحصول على المعلومة لا يعني فقط الحصول والوصول إليها، بل هو أبعد من ذلك، إنه يرمز إلى الثقة المتبادلة بين الحكومة والشعب بمعنى أدق بين الإدارة والمترفقين. فعندما تتيح الحكومة المعلومات، فإنها تبين استعدادها أن تثبت للناس أن ليس هناك ما تخفيه، وأنها تقوم بعملها لصالح مواطنيها .[15] * الاستثناءات مرتبطة بالمعلومات التي تكتسي طابع المعطيات الشخصية ترتبط معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي بالحق في الحياة الخاصة ارتباطا وثيقا على اعتبار أن مجموعة من العناصر المكونة لهذا الحق الأخير كالصوت والصورة والآراء السياسية والمعتقدات الدينية والهوية الجسدية والثقافية والاجتماعية والاسم وغيرها، تتقاطع مع مضمون المعطيات الشخصية مما يُؤدّي للقول بأن المعطيات ذات الطابع الشخصي هي حياةٌ خاصة في المجال المعلوماتي أو ما يطلق عليه بالخصوصية المعلوماتية أو الحياة الخاصة في المجال المعلوماتي والتي يقصد بها حق الشخص في أن يتحكّم بالمعلومات التي تخصُّه، أو حق الأفراد في تحديد متى وكيف وإلى أي مدى تصل المعلومات عنهم للآخرين، أو قدرة الأفراد على التحكم بدورة المعلومات التي تتعلقُ بهم .وبالتالي فإن المعطيات الشخصية المعالجة بشكل معلوماتي تندرج في إطار الحق في الخصوصية في الجزء المتعلق بالمعلوماتية، فالحق في حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي هو حقٌ في الخصوصية المعلوماتية أو هو حقٌ في الحياة الخاصة في المجال المعلوماتي،والمساس به هو مساسٌ مباشرٌ بحقوق وحريات الأفراد. لذا فقد تم التنصيص في المادة 7 من القانون رقم 31.13 على المعلومات التي تكتسي طابع المعطيات الشخصية إلى جانب تلك المتعلقة بالحياة الخاصة للأفراد بمناسبة تحديد الاستثناءات المطلقة على الحق في الحصول على المعلومات. ووعيا من المشرع بالتهديد الذي يحيط بالحق في الحياة الخاصة نتيجة الاستغلال الغير مشروع وللأخلاقي للوسائل المعلوماتية المستعملة في تحويل المعطيات الشخصية المخزنة واستغلالها للكشف عن الحياة الخاصة للأفراد، فقد بادر بإصدار القانون 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه المعطيات ذات الطابع الشخصي وذلك بهدف إيجاد آلية تشريعية تؤطر وتنظم استعمال ومعالجة المعطيات والبيانات الشخصية بما يتناسب مع ضمان حماية الحياة الخاصة للأفراد كما أقر بها الدستور في الفصل 24 منه. وفي هذا الصدد نص القانون 09.08 على مجموعة من الحقوق كالحق في الموافقة و الحق في الإخبار قبل الشروع في المعالجة، وكذا حق الولوج وحق الرد و التصحيح و الحق في التعرض، في المقابل حدد مجموعة من الالتزامات أو كلها القانون بشكل مباشر للمسؤول عن المعالجة كتلك التي ترتبط باحترام الغاية من المعالجة و احترام مبدأ التناسب و التحقق من الجودة، و غيرها من القواعد و المبادئ والتعريفات التي تواكب و تساير الاتفاقيات الدولية. ومن أجل تحصين المعطيات الشخصية من كل استغلال خارج الإطار الذي أعطيت من أجله، فقد جرم القانون مجموعة من الأفعال التي قد ترتكب سواء من طرف الأشخاص المكلفين بمهام معالجة المعطيات أو غيرهم مما يستغل تلك المعطيات بهدف اختراق الحياة الخاصة للأفراد ونشر الأخبار عنها ومنها : *جريمة معالجة المعطيات الشخصية دون رضى المعني بالأمر المادة 56.) * جريمة الاستعمال غير المشروع للمعطيات المادة 61. وهي من أبرز الجرائم التي قد ترتكب بمناسبة السعي نحو الحصول على المعلومة. * بعض مقتضيات الحماية الجنائية للحق في الحياة الخاصة. إلى جانب الحماية الدستورية والقانونية للحق في الحياة الخاصة تطرق المشرع في مقتضيات جنائية متفرقة إلى حماية بعض مظاهر الحياة الخاصة للأفراد نذكر منها: * مقتضيات الفصول 447 – 1 ، 447 – 2 و 447 – 3 والتي أدرجت في مجموعة القانون الجنائي بمقتضى القانون 31.13 ، وهي ترمي إلى تعزيز الحماية الجنائية للحياة الخاصة كما أقرها الفصل 24 من الدستور.،وفي هذا الإطار تم تجريم مجموعة من الأفعال التي تنتهك خصوصية الفرد وحميميته ومنها : منع التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة – بشكل خاص أو سري دون موافقة أصحابها )الفقرة 1 / الفصل 447 – 1ق ج(.منع تثبت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في –مكان خاص دون موافقته )الفقرة 2 /الفصل 447 – 1 ق ج(. بث أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته أو بث أو –توزيع ادعاءات أو وقائع كاذبة )الفصل 447 – 2 ق ج(.ومن أجل مواكبة عمل النيابات العامة نحو التطبيق السليم لهذه المستجدات التشريعية، أصدرت رئاسة النيابة العامة المنشور عدد 48 س /ر ن ع والذي تعرض بالتفصيل للمقتضيات التي جاءت بها الفصول السالفة الذكر من حيث تحديد الأفعال المعنية بالتجريم في هذه الفصول وكذا العقوبات المطبقة عليها مع حث النيابات العامة على التطبيق الصارم والسليم للقواعد القانونية المرتبطة بهده المقتضيات والتعاطي الإيجابي مع الشكايات المقدمة بهذا الخصوص تعزيزا للحق في حماية الحياة الخاصة كما أقره الدستور. إلى جانب هذه المقتضيات الجديدة، تطرقت نصوص جنائية متفرقة لبعض الجوانب من الحياة الخاصة ومنها : * مقتضيات المادة 303 من قانون المسطرة الجنائية التي تمنع نشر صورة أي شخص في حالة اعتقال أو يحمل أصفادا وقيودا دون موافقته أو نشر أي تحقيق أو تعليق أو استطلاع للرأي يتعلق بشخص تجري في حقه مسطرة قضائية بصفته متهما أو ضحية تحت طائلة العقوبات المقررة قانونا. * المادة 505 من نفس القانون والتي توجب تسجيل الأحكام الصادرة في حق القاصرين في سجل خاص يمسكه كاتب الضبط ويمنع أن يطلع عليه العموم. * المادة 606 من نفس القانون التي تمنع النشر عبر الصحافة لأي بيان أو مستند يتعلق بتنفيذ ما عدا المحضر المذكور وإلا تعرض المخالف لعقوبة الغرامة المحددة في هذه المادة. * المادة 668 من نفس القانون التي تحضر تسليم البطاقة 3 من السجل العدلي سوى لشخص المعني بها أو لشخص الحامل لتوكيل خاص من هذا الأخير. * الاستثناءات المتعلقة بحماية مصادر معلومات الصحفي. إذا كان المشرع المغربي قد منح الصحفي حق الوصول إلى المعلومة من مصادرها المختلفة وحرية تداولها،فإنه منح له في نفس الوقت حق الاحتفاظ بمصادر معلوماته وعدم إفشاء سريتها لأن القول بغير ذلك سيؤدي إلى اهتزاز الثقة به وفقدانه للمصادر التي يستمد منها الأخبار وقد ورد النص على هذه الضمانة في قانون الصحافة رقم 88.13،في المادة 5والتي جاء فيها "سرية مصادر الخبر مضمونة ولا يمكن الكشف عنها إلا بمقرر قضائي وفي الحالات التالية: -القضايا المتعلقة بالدفاع الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي. -الحياة الخاصة للأفراد ما لم تكن لها علاقة مباشرة بالحياة العامة". بموجب نص هذه المادة فإن المشرع المغربي كفل حق الصحفي في الاحتفاظ بسرية مصادر معلوماته إلا أنه قيده بعبارة"…و لا يمكن الكشف عنها إلا بمقرر قضائي وفي الحالات التي وردت في المادة 5 أعلاه"،وهي عبارة على قدر من السعة وبالتالي محدودة الحماية التي أعطيت للصحفي في هذا الجانب،في الواقع إن تحديد نطاق سرية مصادر المعلومات والأخبار يثير مسألتين مهمتين،المسألة الأولى:وهي المتعلقة بمدى جواز إجبار الصحفي لإفشاء مصادر أخباره ومعلوماته لرئيس التحرير أوالمحرر المسؤول،من المعروف أن مدير التحرير أو المسؤول عن التحرير الأول والأخير عما ينشر في الصحف من الأخبار لذا يقتضي الأمر أن يكون على علم ودراية كافية بمصادر المعلومات والأخبار لذا يقتضي الأمر أن يكون على علم ودراية كافية بمصادر المعلومات والأخبار التي يحصل عليها أو يزود بها الصحفي، والوقوف على مدى صحة تلك المصادر وعليه يقع التزام بضرورة الحفاظ على مصدر الصحفي لمصدره هو أمر مهم،ولكن الأكثر أهمية أن يثق الصحفي في مصدره وكثير من المعلومات المغلوطة يجري دسها على الصحفيين من مصادر غير موثوق فيها،كما أن الصحفي الذي يصر على حماية مصدره عليه أن يدرك أنه هو شخصيا سوف يكون هدفا للعقاب فيما لو تبين أن المعلومات غير صحيحة أو غير مكتملة الصحة. أما بخصوص المسألة الثانية: وهي تتعلق بمدى جواز إفشاء السر الصحفي لمصادر الأخبار والمعلومات إذا تعلق الأمر بتحقيق جنائي، إذ يوفر المشرع المغربي الحماية القانونية للوثائق والمعلومات التي بحوزة الصحفي، في الحقيقة[16] يمكن القول أن مصادر المعلومات أصبحت تمثل عنصرا أساسيا النظام العالمي للاتصال والإعلام وتمثل أهمية كبرى لدى الصحفي عند الحصول على المعلومات الخاصة باتجاهات الرأي العام، لذا يجب على الصحف أن تعمل على إيجاد توازن أفضل بين الحق العام للمعرفة وبين مصلحة الدولة في منع إطلاق بعض أنواع المعلومات ومن ثم توفي الحماية اللازمة للصحفيين في الحصول على المعلومات وحماية مصادرها مع توسيع نطاق تلك الحماية بحيث تمكن الصحفي من صون حرية تفكيره وتحليله إزاء أية ضغوط محتملة، وأن تحميه أثناء تأديته لواجبه المهني ،سواء كان يعمل في الخارج أو في دولته،وسواء كان يؤدي مهام صحفية خطيرة،أو كان يعمل في ظروف طبيعية. مهما كانت جودة النص القانوني المنظم للحق في الحصول على المعلومة ،إلا أن الرهان الأساسي هو التنزيل الفعلي على أرض الواقع يبقى أكبر تحدي يواجه كل الأطراف المتدخلة في هذا المجال،فحصول المواطن المغربي على المعلومة ،ليس غاية في حد ذاته بل هو وسيلة لتحقيق التواصل وتعميم الشفافية،وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة،وتكريس احترام حقوق الإنسان والحريات الفردية والجماعية ،ومحاصرة الفساد وتضييق الخناق عليه عن طريق التقييم وتحديد المسؤولية وربطها بالمحاسبة. إن تنزيل واجراة الفصل 27من الدستور بما يتلاءم مع المعايير الدولية، و في إطار مراعاة انسجام المنظومة القانونية ومتطلبات منظومة النزاهة والشفافية و الديمقراطية ليس بالعملية السهلة، حيث يجب تدارك النواقص والثغرات التي ينطوي عليها القانون وخصوصا في مجال الاستثناءات الواردة عليه، وذلك بضرورة تضييق وتدقيق وتحديد مجالها بشكل واضح وحصري وربطها بمبررات واضحة، ولن يتأتي ذلك إلا بناء على إعادة النظر في النصوص القانونية التي تتعارض مع الحق في الحصول على المعلومة بإعطاء الأولوية لقانون حق الحصول على المعلومات مقارنة مع باقي القوانين،وعدم مواجهة المؤسسات الوطنية المختصة في الحصول على المعلومات بما يبرر الحفاظ على السر المهني،مع ضرورة تحديد مفهومه وطبيعته.