أثارت لوائح الناجحين المعلن عنها من طرف وزارة العدل بشأن النتائج الكتابية لامتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة برسم سنة 2022 غضبا كبيرا في صفوف المترشحين والطلبة، وسرعان ما إنتقل هذا الغضب كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الإجتماعي، ثم بعض القنوات العالمية التي يتابعها ملايين الناس عبر العالم، وقد أكيلت العديد من الإتهامات للسيد وزير العدل بصفته المسؤول الأول عن هذه المباراة سياسيا و إداريا وأخلاقيا بسبب شبهات مفترضة ومحتملة للتلاعب بنتائج هذه المباراة ومنح الأفضلية " إن صح ذلك " لبعض المحظوظين والمحظوظات من أبناء فئات بعينها دون غيرهم من أبناء الشعب، وهو الأمر الذي أضر وسيضر لا محالة بسمعة المغرب ومؤسساته إقليميا ودوليا ، كما أن هذه الإتهامات إن صحت طبعا فهي تضرب مبدأين دستوريين أقرهما دستور المملكة لسنة 2011 وهما مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص بين المكفول دستوريا لجميع المواطنين . إن هذا اللغط الكبير الذي أثير حول هذه المباراة لا يمكن أن يكون أبدا أمرا عاديا، ولا يمكن أن يمر كذلك مرور الكرام دون مساءلة ، إذ ينبغي على الأقل حرصا على الشفافية والمصداقية تشكيل لجنة في الموضوع من أجل البحث في حيثيات ما وقع، والتحقيق في أي اختلالات مفترضة خاصة بالإمتحان والإعلان عن نتائج التحقيق للعموم. إن اللذين نجحوا في المباراة هم مواطنين مغاربة ومن حقهم الولوج لهذه المهنة النبيلة والمشاركة في المباراة والنجاح فيها إن كانوا يستحقون ذلك ، لكن أن يتم التلاعب فيها بشكل أو آخر وتمنح الأفضلية لفئة دون أخر، فذلك أمر غير مقبول أخلاقيا وممنوع قانونا ومرفوض سياسيا ويؤدي إلى زعزعة ثقة المواطنين في وطنهم ومؤسساتهم الدستورية. لذك على السيد وزير العدل أن يعتذر رسميا للمغاربة حول ما صرح به ، وأن يتقبل إنتقادنا نحن المواطنين لأنه أصبح شخصية عمومية، وعلى البرلمان أن يمارس رقابته كما ينص على ذلك القانون وأن يفعل العديد من الآليات التي منحها القانون للسادة البرلمانيين وممثلي الامة ، كما يجب إحترام جميع المغاربة بدون إستثناء وإعطاء أمل للشباب بكون المباريات التي تعلن عنها مؤسسات الدولة تمر في أجواء شفافة ونزيهة دون محاباة لهذا أو ذاك وأن يفهم المسؤولون بأن المغاربة سواسية ولا يمكن تفضيل زيد على عمر لمجرد أن الأول له وساطة ما أو حظوة معينة . ثم إنه وعلى سبيل المناقشة القانونية ليس إلا ، وبعيدا عما يروج في منصات التواصل الإجتماعي، ألم يقم السيد وزير العدل حسب تصريحاته التي أدلى بها للعديد من المنابر الإعلامية بخرق قراره رقم 43/م ش م/2022 بتاريخ 14 شتنبر 2022 القاضي بتنظيم كيفية إجراء الامتحان الخاص بمنح شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة برسم سنة 2022، وخصوصا المادة السادسة منه عندما أضاف ل 800 مرشح الناجحين فعليا وإستحقاقا أزيد من 1200 متباري راسب لم يحصلوا على المعدل الإجمالي المحدد في 80/160 ؟ أليس هذا الأمر فقط كفيل بإلغاء نتائج المباراة ؟ ألم يكن من المفروض قانونا على الأقل وذلك أضعف الإيمان إصدار قرار إداري آخر يقضي بتعديل القرار أعلاه وذلك بتخفيض نقطة النجاح في الإختبار الشفوي إلى 60أو 50 / 160 عوض 80/160 وبناءا عليه يبقى 1200 الذين أضافهم السيد الوزير ( بمنطق الكانا ) راسبون قانونا وواقعا . إن بناء دولة الحق والقانون تتأسس على مجموعة من المقومات نص عليها دستور المملكة بشكل صريح وهنا أذكر السيد الوزير بمقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 35 التي جاء فيها( تسهر الدولة على ضمان تكافؤ الفرص للجميع، والرعاية الخاصة للفئات الاجتماعية الأقل حظا) ، كما أنتهز هذه الفرصة لأذكر السيد الوزير أيضا بالخطاب الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ونصره في خطابه السامي أمام أعضاء مجلسي البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة قائلا حفظه الله أن (المغرب يجب أن يكون بلدا للفرص، لا بلدا للانتهازيين. وأي مواطن، كيفما كان، ينبغي أن توفر له نفس الحظوظ، لخدمة بلاده، وأن يستفيد على قدم المساواة مع جميع المغاربة، من خيراته، ومن فرص النمو والارتقاء ). فرجاءا سيدي الوزير لا داعي للتفرقة والتمييز بين أبناء الشعب الواحد فكلنا مغاربة نستنشق نفس الهواء ونعيش فوق تراب واحد. السيد الوزير نحتاج في هذا الوطن لجرعات من الأمل حتى نحقق لوطننا ما نصبو إليه جميعا ، ومثل هذه الأمور التي حدثث بخصوص هذه المباراة ستؤدي بخيرة شبابنا إلى التذمر ، وإلى فقدان الثقة في وطنهم فأرجو أن يسع صدرك لانتقاداتنا وأٍرجوا منك أن لا يتكرر مرة ثانية ما وقع.