كشف ارشيف الاحتلال الاسرائيلي عن ان جهاز الموساد ساعد المغرب في اغتيال المعارض السياسي " المهدي بنبركة " وفق وثائق رفعت السرية عنها بعد عقود من الزمن واصبحت من التاريخ. وحسب مصادر إسرائيلية فإن المغرب قدّم الغالي والنفيس للموساد الإسرائيليّ في التجسس على القمة العربية بالرباط سنة 1965، بهدف الحصول على مساعدته في العثور على المُعارض المشهور مهدي بن بركة وتصفيته. وفعلا، قال التقرير، قدّم الموساد المساعدة، على الرغم من تباين المواقف بين رئيس الوزراء في ذلك الحين، ليفي إشكول، ورئيس الموساد، مئير عميت، ذلك أنّ تل أبيب خشيت من أنْ يعرف الفرنسيون بأنّ إسرائيل تُشارك في تصفية معارض مغربيّ على الأرض الفرنسيّة، وبذلك تخرق خرقًا فظًّا السيادة الفرنسيّة. وعلى الرغم من المُخاطرة، أضاف التقرير الصحافيّ، فإنّ الموساد ساهم في قتل بن بركة في باريس، حيث قام بتزويد عناصر المخابرات المغربيّة، الذين نفذّوا عملية القتل في 29 تشرين الأوّل (أكتوبر) 1965 بجوازاتٍ سفرٍ مزيفّةٍ، وبعد أنْ دفنوا بن بركة في إحدى حدائق باريس، قام المغاربة بسكب مادة كيميائيّة على جثثه، حصلوا عليها من الموساد، والتي تؤدّي إلى إتلاف الجثّة بسرعةٍ قصوى. الرئيس الفرنسيّ في ذلك الحين، شارل ديغول، لم يكُن على علم بعملية القتل السياسيّ على أراضيه من قبل أجهزة المخابرات الإسرائيليّة والمغربيّة، ولكنّه عندما علم، أمر فورًا بتفكيك الجهاز السريّ، الموازي للموساد الإسرائيليّ، كما قطع علاقاته مع المغرب نهائيًا. وحسب التقرير، فإنّ هذه القضية ما زالت تُلقي بظلالها السلبيّة على العلاقات الفرنسيّة-المغربيّة. أمّا بالنسبة للموساد الإسرائيليّ، فقد أمر ديغول بطرد عناصره جميعهم من الأراضي الفرنسيّة وأغلق الفرع التابع له في باريس، وشدّدّت الصحيفة الإسرائيليّة، على أنّ طرد عناصر الموساد من فرنسا في ذلك الحين لم يكُن الطرد الأخير، بل كانت عمليات طرد أخرى، من دون أنْ تُفصح عنها. ولم يكتفِ ديغول بذلك، تابع التقرير الإسرائيليّ، بل إنّه قام خلال العدوان الذي شنتّه إسرائيل في عام 1967، بإصدار أمر حظر تزويد إسرائيل بالأسلحة والعتاد العسكريّ، وخصوصًا قطع الغيار للطائرات الفرنسيّة من طراز (ميراج)، التي كان سلاح الجو الإسرائيليّ يستخدمها. كما ذكرت الصحيفة أنّ الرئيس الفرنسيّ ديغول ألقى خطابًا في البرلمان الفرنسيّ في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 1967 قال فيه إنّ اليهود هم شعبٌ متسلّط، واثقٌ من نفسه، ويشعر بفوقيةٍ كبيرةٍ مقابل الشعوب الأخرى، على حدّ وصفه. وأشارت الصحيفة إلى أنّ انكشاف الأمر في ذلك الحين، كاد أنْ يُطيح رئيس الوزراء ليفي إشكول ورئيس الموساد مئير عميت، حيث شُكلّت عدّة لجان تحقيق لدراسة تورّط الموساد في اغتيال بن بركة، ولكن في نهاية المطاف، تقرر إخفاء الملّف خشيةً من الفضائح في الداخل وفي العالم برمته، على حدّ تعبير أحد قادة الموساد السابقين. وقامت الرقابة العسكريّة الإسرائيليّة بفرض أمر منعٍ نشرٍ كاملٍ عن القضية، وعندما حاول رئيس تحرير إحدى الصحف الإسرائيليّة وكان اسمها (بول) نشر ما يعرفه عن القضية، تمّ زجّه في السجن بدون محاكمة، ولم تُنشر القضية حتى اليوم.