الى رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب ، السيد عبد الواحد الأنصاري.. تعلم علم اليقين : أن جموع المحاميات و المحامون خاضوا معارك طويلة النفس، دفاعا عن سمعة المحاماة و اعتبارها و مكانتها التاريخية كرسالة أممية و كمهنة حرة و مستقلة عن السلط التنفيذية و القضائية و التشريعية و ذلك منذ أن وجدت. وأنهم كرسوا ذاك المنحى ونحتوه بفخر واعتزاز في مؤتمراتهم عبر التوصيات التي لا زال أرشيفهم يحتفظ بها، كما تحتفظ بها مرافعاتهم في القضايا الكبرى و الحساسة التي عرفتها بلادنا، والتي لا زالت ردهات المحاكم تردد صداها إلى الآن ، في زمن كان الرصاص والجمر عنوان تاريخ مأسوف عليه. وأن هته الملاحم وتلك الأدبيات، بكل أبعادها المهنية والنضالية، ملزمة لكل ولكل من فاز بشرف تمثيل المحاميات والمحامون كيفما كان مستوى هذا التمثيل، ويفترض فيهم تمثلها في سلوكهم وتصريحاتهم وخطواتهم المهنية وغير المهنية ، لا يحيدون عنها ولا يتصرفون فيها تحت أي ظرف كان ،. وأن أولى ذاك التمثل ، يفرض فيهم أن يتصدروا المعارك التي يخوضها المهنيون دفاعا عن رسالتهم ، وأن يحضروها ويساهموا فيها بالتأطير والتوجيه و الاحتضان وباقتراح الاشكال النضالية التي يقضتيها الظرف، سواء بالاعتصام أو المقاضاة أ و التواصل الاعلامي، والاستعداد الدائم والمتواصل للتفاوض الذكي والحريص ، والقيام بكل المساعي الدبلوماسية النظيفة، دون أدنى التفات للمصالح الشخصية أو إنصات لصوت المقاعد والمناصب أو استسلام لاغراءاتها. وأنك شهدت و شاهدت رفقة أعضاء مكتبك ما تعرضت له مهنة المحاماة و لا تزال من تحرش سادي قادته السلطة التنفيذية في شخص وزير العدل وشركاؤه المعلومون لديك ولدينا ، هدفه إعادة هيكلة مهنتنا بما يؤمن التحكم فيها والسيطرة على أنفاسها و قطع دابرها النضالى، وعزلها عن قضايا المجتمع و همومه ، وتحويلها إلى مجرد تجمع تقنوقراطي يوظف الحيثية القانونية لمن يدفع أكثر. وأن ذلك بات مكشوفا للكل، سواء بواسطة مقتضيات قانون المالية الذي أريد من خلاله تحويل المحامي و المحامية إلى جابي و جابية يتحسسون جيوب المواطنات والمواطنين لفائدة إدارة الضرائب. أو بواسطة قانون للمهنة يحول المهنيين إلى جنود برتب مختلفة ، لا تفهم الا بوصفها أداة لتجديد التحكم والسيطرة على نفسها الحقوقي. وأنك شهدت و شاهدت ما تعرضنا له في معركتين بطولتين خضنا أولهما بمناسبة الجائحة و ما ترتب عنها من منعنا تحت أنظارك و أنظار مكتبك من ولوج المحاكم ، وثانيتهما بمناسبة قانون المالية السيء الذكر . وأنك شهدت وشاهدت الإساءة البليغة التي تعرضنا لها من طرف أصحاب البلاغات ، الذين سميناهم بتجار الأزمات، ومن طرف الخرجات غير المسؤولة لبعض من سبق للمحامون أن شرفوهم بتمثيلهم للأسف الشديد، ومن طرف من حرروا بعض المقالات المشبوهة للنيل منا ومن مهنة المحاماة. و أنك شهدت و شاهدت محاولات وزير العدل المخزية للايقاع بنا في خندق يعادي حق أبناء الشعب المغربي في الولوج إلى المهنة ، متهما إياك شخصيا ، والمحامون بالضغط عليه. وأنك شهدت و شاهدت و وقفت على فضيحة تسريبات امتحانات الأهلية لمزاولة المهنة التي صاحبت الامتحان الكتابي الأخير ، والتي عجت بها مواقع التواصل الاجتماعي بالصورة البينة على مرأى و مسمع منكم و من مكتبكم ومن كل من له سلطة التدخل الفوري لإيقاف هته المهزلة، وأنك شهدت و وقفت على ما نتج عن ذلك من عار اسهدف تحويل سواد بدلتنا إلى لون باهت لا رمزية له ولا معنى، كما استهدف مسخ تاريخا طويلا من التضحيات والانجازات التي قدمها الأخيار منا ، واستهدف سمعتنا بين المواطنات والمواطنين بتحويلنا إلى مجرد خونة و لصوص يتعين حماية الناس من خطرنا ، كما جاء على لسان وزير العدل على مرآكم ومسمعكم أنتم وأعضاء مكتبكم. وأنك شهدت و شاهدت و وقفت على مقاومة المحاميات والمحامون لهذا النزيف بالشعارات والمدخلات والتدوينات، سواء بمجلس الجمعية التي لم يعد يشرفني أن تكون على رأسها، أو بالجمعيات العمومية للهيئات ، ومع ذلك تصرفت في التوصيات و أعدت صياغتها بما يؤمن افراغها من حمولتها ويمنعها من تحقيق أهدافها ويسرق أحلام من أوصى بها ، وفي المقابل أتخمتنا ببلاغات الذل والعار والهوان تطالبنا فيها بالحياة والحذر و ضبط النفس… و أنك شهدت و شاهدت كيف كان يساق المحامون إلى المجالس التأديبية من أجل تدوينة أو سلوك مقاوم أثناء الجموعات العامة الاستثنائية لبعض الهيئات ، ولم تحرك ساكنا . وأنك قبلت بإهانتنا و قبلت بتهديدنا بمقتضيات القانون الجنائي من طرف ضيفك، على مرآك و مسمعك، بمؤتمر الجمعية الأخير المنعقد بالداخلة ، و فضلت إخفاء رأسك في الرمل و مواصلة الرقص على جراحنا و آلامنا، مساء بقاعة الاحتفالات، و في اليوم الموالي بالشارع العام في مشهد مقزز لازالت تتداوله مواقع التواصل الاجتماعي. و أنك واصلت سياسة التقاط إشارات وزير العدل وإعادة إخراجها في بلاغاتك ، كان آخرها ما صرح به للقناة الأولى في ما معناه، من أنه من حق الشباب الذي أعلن عن فوزه في امتحانات الأهلية أن يخرج للاحتجاج وأن يلجأ إلى القضاء… فما كان منكم إلا أن صغتم بلاغا يديننا و يتغاضى عن فضيحة التسريبات و الأخبار المخيفة و المرعبة عن الغش و فوز من لايستحق وعن ريع ورشاوى ، قمتم بهذا للأسف عوض الانحياز إلى مطالب المحامون بالغاء النتائج وفتح تحقيق في الجرائم المدعى بها . كل هذا و ذاك ، و مع ذلك بلعت لسانك اللهم من بلاغات ضبط النفس و ما جرى مجراها ، بل ووفرت الغطاء الذي كان يحتاجه الوزير للتمادي والامعان في اذلالنا في كل مناسبة بل و حتى بدونها. لكل ما سبق، و لأسباب أخرى تعرفها، شكلت في مجملها عجزك و عجز مكتبك عن الوفاء بالقسم وبشرف الانتماء. أعلن أنا الأستاذ محمد حداش المحامي بهيئة القنيطرة ، والعضو بجمعيتها العمومية ، أنني لا أتشرف بتمثيلك لي، وسأعمل بكل ما في وسعي ، وفي إطار ما يسمح لي به القانون ، من أجل ازاحتك أنت وأمثالك عن هياكل مهنتنا. كما أدعوا زميلاتي و زملائي لاتخاذ ما يرونه مناسبا للتصدي لهته المهزلة. و بيننا الميدان مهما كلفني الأمر ذلك. الأنصاري ارحل ، وهبي ارحل …. تم نسخ الرابط