بخصوص كلمة سمبوزيم تجدر الإشارة إلى كون أصلها الاشتقاقي اللغوي هو اللفظة اليونانية القديمة ساشين، وبالعودة إلى محاورة أفلاطون المعنونة بالاسم نفسه:”المأدبة” ،فهي تعني الوليمة وبكيفية خاصة الجزء الثاني منها الذي يشمل ما بعد الأكل، حيث يتخاطب المدعوون، حول موضوع ما وهم يتناولون الفواكه مع أقداح من الشراب، وقد تطور معناها عبر التاريخ إذ أصبحت تدل على اجتماع للمتخصصين (فلاسفة علماء وفنانين الخ)، يكرسونه لتبادل الأفكار حول موضوع خاص،أي كمرادف لندوة، مائدة مستديرة مؤتمر أو حلقة دراسية. كما يستعمل اللفظ للإحالة إلى إصدار فلسفي لعدد من المؤلفين يعالجون فيه تباعا نفس المسألة. ومن وجهة نظر سوسيولوجية بحتة، بات من المسلم به أو من باب تحصيل الحاصل القول بأن الفن يتشكل ويبرز إلى الوجود، ويعلن عن نفسه كعمل منجز وفق سيرورة إنتاج وإعادة إنتاج يتفاعل فيها عدد من الفاعلين فيما بينهم، بعضهم يمثل المؤسس (بفتح السين)، أقصد هنا المؤسسة الرسمية الدولتية الوصية وسياساتها وإداراتها والأقسام والمعاهد والمراكز والمتاحف ومختلف المنشآت التابعة لها والمسؤولين عن تدبيرها، وكذا أرباب قاعات العرض الفني، والمستثمرون الخواص في الطباعة والنشر وفي الإعلام الفني ويمثل البعض الآخر الفاعل المؤسس (بكسر السين)، وأعني به قوى الإنتاج الفني، من أساتذة الفنون وطلبة، ونقاد الفن وصحفيي الصفحات الفنية في الجرائد اليومية الورقية والإلكترونية، إعلاميي القنوات التلفزيونية، المديرين لبرامج عن الفن، النقابات الفنية، الجمعيات المهتمة بالشأن الفني، والمؤسسات الخاصة ذات الخدمات العمومية في قطاع الفن ،سواء تلك التي تستفيد من الدعم المادي للوزارة الوصية أو المحرومة منه،عموم الفنانين الحاصلين أو غير الحاصلين على بطاقة الفنان، والجمهور المتلقي. وتعتبر مؤسسة محمد البوكيلي إبداع وتواصل مؤسسة تعنى بالفنون التشكيلية وهي تمارس عملا ذا نفع عام فعلي بامتياز في ميدان الفنون التشكيلية، لكن بدون دعم من الدولة، إذ استطاعت، منذ نشأتها إلى يومنا هذا تنظيم ثمانية دورات للسمبوزيوم الدولي للفنون التشكيلية الذي يقام سنويا بالقنيطرة ،في انتظار الدورة المنتظرة للعام الجاري خلال العشرية الأولى من مارس المقبل 2020، إذ تبذل المؤسسة جهودا نضالية تنويرية في سبيل التعريف بالفن التشكيلي المغربي كجزء لا يتجزأ من الثقافة الوطنية، وبأهم رموزه، وفتح آلية للنقاش المتخصص حول إشكالات هذا الفن في المغرب وقضاياه، صانعة فرصة الانفتاح المستمر على نماذج من التجارب التشكيلية العربية والتجارب الإنسانية من مختلف القارات، مغتنمة الفرصة لتكريم المنسيين من الفنانين الذين طبعوا الذاكرة الفنية التشكيلية المغربية ببصمتهم الشخصية، وأثروا في تكوين أجيال من الفنانين وأثروا الرصيد الوطني للفنون التشكيلية ببهاء أعمالهم الفنية ،سواء كانوا قد قضوا أو لا يزالون أحياء يرزقون، وهي بذلك تؤدي دورا مهما يملأ جزءا كبيرا من الفراغ الناتج عن التقصير الحكومي في هذا المضمار. إن أية قراءة متواضعة في تاريخ هذا السبمبوزيوم الهام لابد أن يقر صاحبها بفاعلية الطاقة المهدورة في النجاحات المتحققة من خلاله على امتداد تسع سنوات متتالية، حيث رسخت المؤسسة ذاتها تقاليد يتمثل أبرزها في: -تخصيص كل دورة باسم أحد العلامات المنيرة في سماء التشكيل المغربي،من بين رواده الأوائل،أما الذين حظوا من هؤلاء بهذا التشريف فهم على التوالي: أحمد الشرقاوي- 2019، الشعيبية طلال-2018، المكي مورسيا 2017-ماريانو بيرتوشي-2016، جنفييف باريي الدمانتي-2015، مريم أمزيان-2014، محمد السرغيني-2013، الجيلالي الغرباوي-2012. وما يمكن ملاحظته في هذه اللائحة هو أن اختيارها تم بعناية فائقة حرصا على الوفاء لرواد هذا الفن بالمغرب،وفي نفس الإطار تنعقد الدورة التاسعة برسم 2020 باسم دورة فريد بلكاهية، وهو الاختيار الذي يزكي ملاحظتنا السابقة. -تكريم فنانيين تشكيليين مغربيين في كل دورة من بين من حققوا نجاحات مبهرة في عملهم سواء كانوا محترفين لمهنة الفن في المغرب أم كانوا مغتربين في الخارج، وهؤلاء هم : إكرام القباج ومحمد بناني -2019، عبد الإله الناصف وعلي سحتوت-2018، فاطمة كليين ومحمد الرايس-2017، محمد سعود وشفيق الزكاري-2016، محمد الإدريسي المنصوري وليلى الشرقاوي-2015، لطيفة التيجاني وربيعة الشاهد-2014، محمد العسولي وعبد السلام النوار-2013، أحمد العمراني وعمر بوركية-2012، وتعتزم مؤسسة محمد البوكيلي إبداع وتواصل الاحتفاء بالفنانين محمد العربي بوضريسة ومحمد خصيف خلال العام الجاري 2020 في الدورة الافتراضية برسم الموسم الثقافي الذي يشهد توقفا بسبب انتشار وباء كورونا. -ندوة خاصة بكل دورة، تتناول أحد الإشكالات أو القضايا التي تخص الفنون التشكيلية في المغرب والعالم العربي، أو أنها تنعقد وفق شعار محدد، والمواضيع المبرمجة خلال الدورات السابقة تتحدد كما يلي : -أية حدود لتوظيف التراث في الفن التشكيلي المعاصر:2019. -مزيدا من الإسهام في تحويل العالم إلى شيء جميل:2018. -الثقافة الكونية وحماية المصنفات الفنية في مجالات التشكيل:2017. -المغرب، تأملات في مسارات الحداثة:2016. -التشكيل العربي المعاصر والمؤسسات المعنية بتدبير المجال: أية إستراتيجية؟:2015. -التشكيل العربي بين التجسيد والتجريد:2014. -التشكيل العربي وقضايا ترويجه:2013. -التشكيل العربي وأفق التلقي 2012. وأما الندوة المخصصة للدورة 2020الافتراضية الحالية، فهي حول: التشكيل بين المنافسة والترويج المحلي والإشعاع الدولي. وسيكون موعد المهتمين مع افتتاح هذا الملتقى على مواقع التواصل الاجتماعي في الفاتح من أبريل، حيث سيلقي رئيس الملتقى الفنان محمد البوكيلي كلمة من محل إقامته،كما أن كلمات أخرى منتظرة سيلقيها الفنانون المدعوون من أماكن إقامتهم، فضلا عن كلمة المؤسسة في حق الفنانين المكرمين،يتلوها عرض أشغال الفنانين المشاركين من محلات إقامتهم، فضلا عن تقديم محاضرات تتمحور حول موضوع وشعار الملتقى.