بدأت يوم الجمعة من الأسبوع الجاري حملة الانتخابات التشريعية في اسبانيا ليوم 20 ديسمبر الجاري والتي تجري في سياق استثنائي لسببين، الأول وهو أجواء الإرهاب التي تمر منها البلاد وأوروبا، وثانيا هو تنافس أربعة أحزاب سياسية على الفوز، وهذا يحدث لأول مرة خلال الأربعين سنة الأخيرة بعدما كان الصراع منحصرا بين الحزب الشعبي المحافظ والحزب الاشتراكي. وكانت اسبانيا قد شهدت خلال 2011 انتخابات تشريعية سابقة لأوانها بسبب الأزمة الاقتصادية الشائكة التي كانت تمر منها البلاد وقتها وهي التي انتهت بفوز الحزب الشعبي بأغلبية مطلقة، ويبدو أنها آخر أغلبية مطلقة سياسية ستشهدها البلاد في ظل الظروف التي تمر منها اسبانيا. وكشفت استطلاعات الرأي استحالة تجاوز أي حزب نسبة 28% من الأصوات المعبر عنها، حيث تفيد استطلاعات الرأي المختلفة بوجود فارق غير كبير بين أربعة أحزاب سياسية وهي الحزب الشعبي الحاكم في المقدمة ما بين 23% الى 28% من الأصوات حسب المعهد الذي أجرى الاستطلاع، متبوعا بالحزب الاشتراكي ما بين 21% الى 24%، وفي المركز الثالث وأحيانا الثاني حزب سيودادانوس بما بين 20% الى 23% وأخيرا حزب بوديموس بحوالي 16% الى 21%. ورغم الفارق ما بين استطلاع الى آخر إلا أنه ليس كبيرا علاوة على تقدم حزبين جديدين في الاستطلاعات وهما حزب اسيودادانوس (المواطنون) وحزب بوديموس (قادرون) حيث لم يشاركا من قبل في الانتخابات التشريعية والآن يحتلان ما بين المركز الثاني والثالث وأحيانا الرابع. ويؤكد المراقبون احتمال تقدم الحزبين بسبب وجود 41% من الناخبين لم يحسموا بعد الجهة التي سيصوتون لها، وقد يكون بوديموس بزعامة اليساري بابلو إغلسياس اسيودادانوس بزعامة ألبرتو ريفيرا المستفيدين. ويؤشر هذا على نهاية القطبية الحزبية التي حكمت اسبانيا خلال الأربعين سنة الأخيرة، عبر التناوب الحزبي بين الحزب الشعبي المحافظ الذي من أبرز الأسماء التي تولت الحكومة باسمه، خوسي ماريا اثنار، والحزب الاشتراكي الذي من أبرز أسماءه فيلبي غونثالث. ومن ضمن الأسباب التي تفسر تراجع الحزب الشعبي والاشتراطي هو ارتفاع الفساد وتورط الحزبين في اختلاسات مالية تقدر بمئات الملايين من اليورو، وتعتبر من أكبر عمليات الفساد في مجموع أوروبا. ومن ضمن الأمثلة، فمقارنة ما بين انتخابات 2011 واستطلاعات الرأي الحالية، فالحزب الشعبي الحاكم سيخصر أكثر من ثلث المقاعد. في الوقت ذاته تجري هذه الانتخابات في سياق متوتر بسبب الإرهاب الذي يهيمن على أوروبا في أعقاب الاعتداءات التي تعرضت لها باريس يوم 13 نوفمبر الماضي، وخلفت مقتل 130 شخصا وأكثر من 300 جريح. وكانت انتخابات سابقة قد شهدت اعتداءات إرهابية مثل انتخابات 14 مارس 2004، حيث وقعت ثلاثة أيام قبل ذلك، 11 مارس اعتداءات تعتبر الأكبر في أوروبا بمقتل 192 شخصا في استهداف قطارات في العاصمة مدريد. وخلال الثمانينات كانت منظمة إيتا تشن اعتداءات قوية.