صحافي / عضو المجلس الاداري المؤسس للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة القانون ..تناقض بين النص والواقع يوم 16 نونبر القادم يسجل العرايشي 20 سنةً من إقامته في زنقة البريهي مديرًا للتلفزيون تم مديرا عاما ورئيسا لمجلس الإدارة ورئيسًا افتراضيًا للقطب العمومي، بعد تحويل RTM إلى SNRT. وهو أقدم مدير عام لمؤسسة إعلامية عمومية في العالم. وفي الأسبوع الأخير من اكتوبر 2019، مرت سبع سنوات على التوقيع على دفتر التحملات الخاص بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، الذي دخل حيز التنفيذ بعد المصادقة عليه من طرف الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري وصدر بالجريدة الرسمية يوم 22 أكتوبر 2012 .
وقد انتظر المغاربة أزيد من ثلاث سنوات من أجل أن تعلن الحكومة السابقة أو الحالية عن تقديم دفاتر جديدة تتجاوز سلبيات سابقتها، او تعلن عن تمديد الدفاتر القديمة لمدة محددة. لاشيء حصل لا هذا ولا ذاك بل الصمت المطبق بعد ثلاث سنوات من نهاية العمل بها يوم 21 أكتوبر 2015 .
في أفق تغيير الوضعية الشادة التي تعيشها المؤسسة مند سنوات وإعادة العمل بالقوانين المنظمة للقطاع، وإصلاح إلاعطاب التي تسببت فيها حكومة بنكيران كأولوية إعلامية لدى حكومتي العثماني. نقدم هذا التقرير الذي يرصد جانبا من الأوضاع المهنية والإدارية في ظل الأزمة المستفحلة بالشركة الوطنية للاذاعة والتلفزة.
قانون 77/03 الخاص بالاتصال السمعي البصري ينص بوضوح انه يتوجب على السلطة الحكومية المكلفة بالاتصال التعاون مع مسؤولي الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة من اجل اعداد عقد برنامج لمدة سنة او سنتين اوثلاث سنوات يشمل التكاليف المالية الإجمالية الكفيلة بوضع دفاتر التحملات موضع التنفيذ ،بعد إعداد الدراسات والتقارير من طرف الشركة لحصر الحاجيات التقنية والبشرية والاستثمار في التكنولوجيات الحديثة وإنتاج البرامج والتغطيات الإخبارية. وبالتالي اعداد تقييم مالي شامل يناسب المقتضيات والحاجيات المسطرة في دفاتر التحملات.
لحد اليوم وبعد ثلاث سنوات وهي العمر الافتراضي لدفاتر التحملات، وبعد ازيد من سنة ونصف على نهاية العمل بها، لم تستطع وزارة الاتصال في الحكومة السابقة والحالية ان تقدم عرضا ماليا مقبولا او نسخا متوافق عليها من عقد البرنامج يخرج الشركة من ورطتها القانونية والمالية، بعد ان رفضت الحكومة عقد البرنامج الذي رفعه مجلس إدارة الشركة للحكومة في نهاية 2012، في المقابل "اجتهدت" الحكومة من اجل تجاوز "البلوكاج" وخصصت ميزانية سنوية تتم مناقشتها في البرلمان، ضمن ميزانية وزارة الاتصال تتضمن الحد الأدنى من الالتزامات، كأجور الموظفين وميزانية انتاج برامج شهر رمضان وغبرها وميزانيات ذات طبيعة تقنية وإدارية.
هذه الوضعية تشكل تراجعا عن مكتسبات الشركة التي حققتها سنة 2006، وتراجعا ايضا عن الوضع الأسبق الذي كانت تستفيد منه الاذاعة والتلفزة ( RTM ) قبل 2006، في إطار الميزانية الملحقة التي كانت فصلا مستقلا في الميزانية العامة للدولة. ولم يسبق أبدا ان كانت بندا من بنود ميزانية وزارة الاتصال.
هذا الوضع يتناقض تماما مع مقتضيات قانون الاتصال السمعي البصري 77/03 ، وهو ما سنوضحه فيما يلي :
حكومة بنكيران رفضت توقيع عقد البرنامج مع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة لعدة أسباب، منها ماهو سياسي ومنها ماهو مالي ومهني ،في محاولة منها التأثير على إستقلالية القرار بالمؤسسة.
بالنسبة للجانب السياسي الخفي في هذه المسالة خرج إلى العلن اثناء المناقشة العمومية لدفاتر التحملات حيت عمد حزب العدالة والتنمية وجناحه الدعوي إلى شن حملة شعواء على مسؤولي القطب العمومي بعد خروجهم الإعلامي للدفاع عن إستقلالية مؤسساتهم، وخصوصا في الجانب المالي والمهني وقيام وزير الاتصال ورئيس الحكومة بالضغط المتواصل اعلاميا وسياسيا. في مجلس النواب وصل الى حد اختلاق الاكاذيب ضد المؤسسة ووصفها بصفات قدحية كالماخور المكسيكي .. كما خاطب الخلفي في احدى الجلسات أعضاء مجلس النواب بما مفاده " بانه مسؤول امام الله " عما يقدم في هذه القنوات..!!
استمرت الحكومة في ظغوطها من خلال خرجات وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة ،في الاعلام الموجه لحزبه وجماعته، وصلت الى فرض نفسه في احدى دورات المجلس الاداري للشركة رغم انه ليس عضوا، في محاولة منه لفرض تصوره على أعضاء المجلس بخصوص عقد البرنامج مما أدى الى تشنجات داخل اجتماع المجلس دفعت بالزميل محمد العباسي ممثل العاملين الى مطالبته بمغادرة الاجتماع صونا لاستقلالية المجلس .
في صيف 2016 ) صدرت بالجريدة الرسمية تعديلات تقنية على القانون المنظم للهياة العليا للاتصال السمعي البصري وقانون الاتصال السمعي البصري من اجل ملائمتها مع دستور 2011 وقد تم تعديل العديد من المواد في قانون الاتصال السمعي البصري همت بالأساس 24 مادة اغلبها تقني.
ما بهمنا هي المواد 49 و51 و52 من القانون الأصلي وهي مواد أساسية لم يطرأ عليها اي تعديل او تغيير، تم تجميد العمل بهما من طرف حكومة بنكيران خصوصا بعد الأشكال السياسي والمهني الذي طرحته طريقة اعداد دفاتر التحملات كما سبق ذكره ،رغم ان هذه المواد سبق ان تم تطبيقها بسلاسة في ظل حكومتي جطو والفاسي، وبالضبط من بداية 2006 تاريخ العمل بالنظام الأساسي للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة وبدفاتر التحملات الاولى والثانية تحت إشراف الوزيرين محمد نبيل بنعبد الله وخالد الناصري.
لقد قامت وزارة الاتصال بالقفز عمدا على المواد المذكورة المتعلقة بإشكالية تطبيق دفاتر التحملات وعدم توقيع عقد البرنامج بين الحكومة والشركة مند اكثر من سبع سنوات (من نهاية 2012 ) وعدم طرح هذه المواد للنقاش القانوني بمجلس النواب وفتح نقاش عمومي حولها ،بعد ان تورطت الحكومة مند البداية في التعامل مع هذا الملف بطريقة تحكمية.
الخلاف حول العقد البرنامج تقف من ورائه إرادة سياسية خفية للهيمنة تحولت الى خلاف قانوني ومالي ومهني وتقني واداري ، اتر سلبا على مردودية قنوات الشركة ،ونقدم القناة الاولى كنموذج ،حيث وصلت الى مستوى غير مسبوق من التراجع وطنيا وتدنت نسبة مشاهدتها خلال خمس سبع سنوات الماضية الى ان وصلت الى مايقارب 10% من المشاهدين في أوقات الدورة ، كما اشرت سابقا .وهو مثال واحد فقط على الوضعية الكارثية التي ادت بهذه المؤسسة الرائدة في الاعلام الوطني الى حافة الافلاس .
لقد دفعت الحكومة بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة الى العمل خارج قانون الاتصال السمعي البصري .فقانون 77/03 ،واضح بخصوص تنظيم العلاقة بين الطرفين من خلال المواد التالية :
المادة 49 : تقول : "وتحدد دفاتر التحملات التزامات الشركات الوطنية للاتصال السمعي البصري العمومي ولا سيما تلك المتعلقة بمهامها في إطار المرفق لعام ."
المادة 51 : تقول : "تبرم عقود سنوية او متعددة السنوات بين الدولة والشركات الوطنية، تحدد الأهداف المعتزم بلوغها والوسائل التي سترصد لإنجازها، وذلك للاستجابة لالتزامات خاصة، ولا سيما منها تغطية التراب الوطني ، والمعايير التكنولوجية والالتزامات المتعلقة بالمضمون، وبتقديم الخدمات المرتبطة بطبيعتها كشركات وطنية في مجال الاعلام او التربية او الثقافة او البرامج الجهوية . ويجب ان يتطابق التمويل الممنوح مع الكلفة الفعلية التي يقتضيهااحترام هذه الالتزامات ."
المادة 52 : تقول : "من اجل القيام بالمرفق العام، تستفيد الشركات الوطنية للاتصال السمعي البصري العمومي مما يلي :
مخصصات من الميزانية المبرمجة في إطار قانون المالية والتي تمنحها الدولة بناء على عقود/برامج مبرمة مع هذه الشركات ،اضافة الى الالتزامات الواردة في المواد 46و48 من نفس القانون .
ولمزيد من التوضيح يمكننا ان نطرح مجموعة من التساؤلات حول هذا الموضوع :
لماذا لم توقع الحكومة عقد البرنامج مع SNRT و2M مند 2012 في خرق وأضح للمادتين 51 و52 من قانون الاتصال السمعي البصري . مع العلم بان السبد وزير الاتصال الأسبق عبر في العديد من اجتماعاته مع المهنيين طيلة مدة انتدابه على ان التوقيع على هذه العقود مسالة وقت فقط وهو امر ظل يكرره مند 2013.