أكد المدير العام للوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات عبد المنعم المدني، اليوم الأربعاء بالدار البيضاء، أن إدماج المهاجرين في سوق الشغل بالمغرب يتم وفق مقاربة إنسانية وحقوقية، تستند إلى مضامين الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء. وأضاف المدني، في إطار مشاركته ضمن ورشة نظمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول "الشغل والتشغيل بالنسبة للمهاجرين"، أن ترسيخ البعد الإنساني لمنظومة التشغيل الوطنية، وجعلها منظومة دامجة، يفرض اعتماد تدابير وإجراءات عملية تكفل للمهاجرين الحق في الشغل، على أساس مبدأي الإنصاف والمساواة.
واعتبر، خلال مداخلته في الورشة المنظمة في إطار برنامج المجلس الخاص بالدورة 25 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، أنه لا يمكن إنجاح عملية الدمج باعتماد المنظومات التمييزية الإيجابية، بل يتعين توفير الشروط القانونية والآليات الإدارية التي تتيح للمهاجرين الحصول على عمل دون إقصاء أو تمييز، لكن وفق المعايير ذاتها المعمول بها بالنسبة للمواطنين المغاربة.
وفي هذا الصدد، قال إن الوكالة تقدم للمهاجرين الباحثين عن عمل خدمات مماثلة لتلك المقدمة للمغاربة، مع توفير أخرى تكميلية وإضافية تهم التكوين وتقييم القدرات وخدمات التوجيه، مؤكدا أن طالبي الشغل من المهاجرين يمتلكون كفاءات من شأنها أن تقدم قيمة مضافة لسلسلة الإنتاج الوطنية.
ومن جهته، أبرز ممثل الاتحاد العام لمقاولات المغرب السلاسي سنو أن المقاولات المغربية أصبحت تتبنى مقاربة جديدة تستلهم أهداف الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، مشيرا إلى أن الاتحاد يعمل على مرافقة الحكومة في مبادراتها في هذا المجال، وعلى القيام بحملات تحسيسية لفائدة المقاولات بخصوص إدماج التنوع الثقافي داخل المقاولة، والالتزام بمبادئ المسؤولية الاجتماعية.
وتابع أن هذه المبادرات تروم تحقيق المعادلة بين احتياجات السوق وكفاءات المهاجرين، الذين يمتلكون مؤهلات عالية، لا سيما في قطاعات السياحة وترحيل الخدمات والبناء والمعلوميات.
ومن جهته، ذكر رئس الجمعية المغربية لدعم تنمية المقاولات الصغرى عبد القادر فتوحي أن الجمعية بدأت الاشتغال على الملف منذ 2007، وانتقلت بعدها من تشجيع المهاجرين على إنشاء مقاولاتهم الخاصة، إلى مواكبة الاحتياجات الجديدة لهؤلاء المهاجرين في مجال الإدماج، خاصة ما يتعلق بمصاحبتهم على مستوى التكوين.
ونوه إلى أن الاسترايجية الوطنية منحت المهاجرين حق تكوين تعاونيات والحق في الاستفادة من صفة المقاول الذاتي، ما يشكل دفعة قوية لمسار الإدماج المهني للمهاجرين واللاجئين الذين اختاروا الإقامة في المغرب.
فيما أوضح فرانك إيانكا، عن المنظمة الديمقراطية للعمال المهاجرين في المغرب، أن إحداث فرع نقابي داخل (المنظمة الديمقراطية للشغل)، الذي يعتبر مبادرة متميزة على المستوى القاري، يشكل خطوة متقدمة في الدفاع عن حقوق العمال المهاجرين، وحمايتهم من كل أشكال الاستغلال والتمييز، خاصة داخل القطاع غير المهيكل.
وقال إن هذه الفئة من العمال تعاني من مشاكل حقيقية داخل سوق الشغل، تتمثل في التمييز والاستغلال وعقود العمل المجحفة، مما فرض البحث عن بنية نقابية للدفاع عن حقهم في الشغل وفق المبادئ المنصوص عليها في دستور المملكة، واهداف الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء.
ويذكر أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان كان قد أصدر في شتنبر 2013 خلاصات تقريره حول الهجرة دعا فيها إلى بلورة وتنفيذ سياسة عمومية فعلية في مجال الهجرة، ضامنة لحماية الحقوق ومرتكزة على التعاون الدولي، وقائمة على إدماج المجتمع المدني. وهو التقرير الذي أسفر، بحسب المجلس، عن وضع سياسة جديدة في مجال الهجرة تعتمد، وفقا للتوجيهات الملكية، على مقاربة شمولية وإنسانية تلتزم بمقتضيات القانون الدولي وتتبنى التعاون المتعدد الأطراف.
وقد شكلت أولى مراحل هذه السياسة الإعلان سنة 2014 و2016 عن تنفيذ عمليتين للتسوية الاستثنائية لوضعية فئات من المهاجرين الموجودين في وضعية غير نظامية، بناء على جملة من المعايير، و تنصيب اللجنة الوطنية لتتبع ملفات التسوية ودراسة الطعون وإعداد الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، علاوة على إطلاق مسار الإصلاحات القانونية المتعلقة بالهجرة واللجوء والاتجار بالبشر.