مباشرة بعد وقوع فاجعة القطار، الذي انحرف عن السكة ببوقنادل وذهب ضحيته عددا من القتلى والجرحى، تدخل جلالة الملك بصفة فورية وأعطى أوامره بنقل المصابين إلى المستشفى العسكري، لما يتمتع به من تجهيزات كبيرة ومعدات قادرة على استيعاب المصابين، خصوصا ما يتعلق بالحالات الحرجة والخطيرة، كما أعلن جلالته التكفل شخصيا بالضحايا. مبادرة جلالة الملك ليست غريبة عن ملك أولى عناية خاصة بحياة المواطن، بل هو جزء من حياة الناس، حيث قال في خطابات سابقة متوجها إلى شعبه، إنه يحزنه ما يحزن هذا الشعب ويفرحه ما يفرحه، والفاجعة جزء من حزن هذا الشعب الذي يحزن له ملك البلاد وأب الأمة أمير المؤمنين. لهذا لم يتردد في إعطاء أوامر صارمة للتكفل بالضحايا والعناية بهم. فالعمل الاجتماعي جزء مهم من عمل المؤسسة الملكية، التي ترعى العديد من المشاريع ذات الطابع الاجتماعي، التي تهدف إلى التخفيف من معاناة فئات كثيرة، وتحظى الرعاية الاجتماعية باهتمام خاص من جلالة الملك، لأن الرؤية الملكية تؤمن بالمجتمع المتضامن، حسب ما جاء في الخطاب الأخير لجلالته بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، التي اعتبر من خلالها أن المعمار المغربي بدوره يعبر عن روح التضامن بين فئات المجتمع، الذين لا يختلف كبيرهم عن صغيرهم إلا بما يقدم من خدمات للوطن. المشروع الملكي في جانبه الاجتماعي يقدم خدمات كبرى للفئات ذات الحاجة، واعتمدت المؤسسة الملكية العناية بالمبادرات التي تهتم بالفئات الهشة، وعلى رأسها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومبادرة مليون محفظة ومبادرة قفة رمضان وغيرها من المبادرات، التي تتعلق بالتطبيب والأدوية والأغطية وغيرها. لقد اختار جلالة الملك أن يكون منحازا للفئات الصغرى باعتبار أنها لا تتوفر على الإمكانيات لولوج الخدمات. كما اعتمد جلالته استراتيجية واضحة للتضامن. ومن دلالات المبادرة الحالية أن ملك البلاد أعلى سلطة ورئيس الدولة يعتني شخصيا بملف الضحايا من نقلهم إلى المستشفى العسكري مرورا بالعناية بهم إلى غاية استشفائهم. وحظيت المبادرة الملكية باهتمام كبير من قبل المغاربة، الذين استقبلوا عناية أب الأمة بحفاوة بالغة، لأنها تعبير عن تجدر القيم الإسلامية لأمير المؤمنين والقيم الإنسانية النبيلة، كما عبرت هذه المبادرة عن روح التضامن الراسخة، وعن العلاقة الوطيدة بين العرش والشعب، باعتبارهم مكون واحد لا أجزاء له. فالمبادرة ترسيخ لقيم التضامن بين أبناء الشعب الواحد، وجلالة الملك يعتبر نفسه دائما واحدا من أبناء الشعب يوجد بجنبهم في السراء والضراء، في المنشط والمكره يخفف عنهم المعاناة، وانه ملك يعيش مع شعبه كل الحالات الإنسانية قرحا أو فرحا. ومن دلالات التدخل الملكي رمزيته الكبيرة عبر التكفل بمراسيم الدفن والجنازة والعزاء، وليس أشد وطأة على الإنسان من الموت يحتاج فيها إلى من يواسيه، فكيف إذا كان المواسي هو ملك البلاد شخصيا؟