أكد الرئيس الأول لمحكمة النقض مصطفى فارس، الثلاثاء 24 يناير بالرباط، التزام هذه المؤسسة القضائية بمضامين الدستور الجديد وسعيها الحثيث إلى تفعيل خيارات المملكة التي لا رجعة فيها .
وقال مصطفى فارس في كلمة ألقاها خلال افتتاحه للسنة القضائية الجديدة، ان محكمة النقض "تعبر عن التزامها التام بمضامين الدستور الجديد وسعيها الحثيث إلى تفعيل خيارات المملكة التي لا رجعة فيها وتكريس الحقوق الدستورية من خلال توفير كافة الآليات لتنزيلها واستعمال أدوات الحكامة الجيدة التي تقتضي الشفافية والعصرنة والمسؤولية والفعالية والانفتاح على الغير والاحترام المطلق لدولة القانون".
وأضاف "إن انخراطنا التام في متطلبات هذه المرحلة التاريخية التي ارتقى فيها القضاء إلى سلطة مستقلة بضمانات وآليات متعددة، لا يوازيه إلا عزمنا الأكيد على استمرار مؤسستنا في أداء دورها في توحيد الاجتهاد القضائي ومراقبة مدى التزام محاكم الموضوع بأداء وظيفتها المحددة دستوريا".
وأشار إلى أن أهداف السياسة القضائية للمؤسسة يمكن تلخيصها في محورين أساسين يتعلقان بتأمين الانسجام القانوني والقضائي، وتأمين الجودة داخل آجال معقولة، مبرزا أن الغاية من ذلك تتمثل في "تكريس الأمن القضائي المنشود والجواب على انتظارات المتقاضين المتطلعين إلى محكمة نقض مواطنة قريبة منهم وفي خدمتهم".
وأوضح فارس أن توحيد العمل القضائي داخل المؤسسة "ليس مسألة أوتوماتيكية وإنما يتطلب ميكانزمات قوية وفعالة للتنسيق وهو تحدي يزداد صعوبة عندما يتعلق الأمر بمؤسسة كبرى كمحكمة النقض تضم ستة غرف وسبعة وعشرين قسما ويمارس بها عدد هام من المستشارين وتعرف إقبالا كبيرا على التقاضي أمامها".
واستعرض فارس من جهة أخرى منجزات محكمة النقض التي ميزت سنة 2011، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه على مستوى تأمين الجودة، تميزت هذه السنة باستمرار محكمة النقض في استعمال كافة الآليات التي تفرضها الحكامة القضائية من أجل تحسين خدماتها للمتقاضين والرفع من جودتها.
وأشار في هذا الصدد إلى تأهيل العنصر البشري باعتباره قطب الرحى في أي مشروع إصلاحي ومخطط تنموي، وإلى تفعيل النظام الداخلي الذي قسم الإدارة القضائية للمؤسسة إلى أربعة أقسام إلى جانب الكتابة العامة مما أتاح تركيز العمل وتطويره بشكل ملائم.
وعلى المستوى الإحصائي، قال الرئيس الأول لمحكمة النقض أن السنة المنصرمة شهدت تقليصا كبيرا لأمد البت قل نظيره عالميا كما تم القضاء على كل المخلف، بالرغم من معضلة التبليغ.
وعلى المستوى النوعي، أبرز فارس إن "رصد مجموعة من القرارات والتوجهات المبدئية التي كرستها غرف وأقسام هذه المؤسسة العتيدة يتضح من خلالها بالملموس المقاربة الإصلاحية والنفحة الحقوقية والروح الدستورية التي تستهدف صون الحقوق والحريات وتكريس الثقة في المؤسسة القضائية".
وتطرق في هذا السياق إلى نماذج القرارات التي همت عددا من المجلات تتعلق على الخصوص بتخليق الحياة السياسية وحق أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج في ممارسة العمل السياسي والجماعي بالمغرب، ومجال حماية الأفراد من الاعتداء المادي للإدارة، وحماية المال العام والمجال الضريبي والحقوق الاقتصادية.
واعتبر أن هذه القرارات "تفتقت عن تجربة وحنكة وكفاءة قضاتنا بهذه المؤسسة العتيدة الذين يعملون بكل مسؤولية ونزاهة على التفعيل الأمثل لمقتضيات الدستور والتطبيق العادل للقانون في أبعاده الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية والسياسية مستهدفين حماية حقوق الناس وحرياتهم وإرساء دعائم أمنهم القضائي".
يشار إلى أن السنة القضائية التي تفتتح بإذن من الملك محمد السادس رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، تعتبر تقليدا قضائيا راسخا يتولى من خلاله الرئيس الأول للمحكمة التعريف بالأنشطة القضائية والثقافية والإدارية المختلفة لهذه المؤسسة طيلة السنة القضائية المنصرمة.
وتم بهذه المناسبة، زيارة المتحف القضائي لمحكمة النقض الذي يعرض مجموعة من الوثائق والسجلات والأدوات ذات الأبعاد التاريخية والقضائية الهامة.
وقد حضر هذه الجلسة على الخصوص وزير العدل والحريات مصطفى الرميد والأمين العام للحكومة السيد ادريس الضحاك.