اهتمت الصحف الجزائرية، الصادرة اليوم الثلاثاء، على الخصوص، بالنداءات الموجهة إلى النقابات والوزارة الوصية في ظل استمرار الحركات الاحتجاجية في قطاع التعليم، في غياب نواب الأمة الذين صموا آذانهم، ولم يروا أن هناك جدوى من فتح نقاش جاد حول هذه القضية من أجل اقتراح حل وسط بين مقترحات النقابات ومقترحات الوزارات الوصية. وكتبت صحيفة (ليبيرتي) أن النداءات إلى التعقل التي جددتها، في مناسبات عدة، مختلف الاطراف، وصرخات الاستغاثة التي أطلقها التلاميذ وأولياؤهم لم تنجح في تليين موقف المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس لقطاع ثلاثي الأطوار للتربية (كنابست)، على الرغم من بساطة المطالب المرفوعة وعدم شرعية إضرابه.
ولاحظت الصحيفة في افتتاحيتها بعنوان "العمل النقابي حد التطرف" أنه كان يتعين اللجوء إلى الخيار الصعب من قبل الوزارة الوصية لكي يتعقل المحتجون، الذين لم يظهروا، طيلة حركتهم، أدنى تعاطف مع التلاميذ الذين قد يتحول موسمهم الدراسي إلى كابوس يتمثل في سنة بيضاء، معتبرة أن الأمر لا يتعلق بالجدل حول الحق في الإضراب، الذي يكرسه دستور البلاد، لكنه من المستحب تذكير الجميع، الذين من واجبهم مراعاة مستوى معين من أخلاقيات العمل النقابي.
وأوضحت أنه عندما توجه وزارة التربية الوطنية نداء إلى الضمائر، في محاولات متكررة لكي يتعقل المضربون، فمعنى ذلك أن شيئا ما تكسر في التصور الذي يمكن أن يكون لدينا حول العمل النقابي.
كما اعتبر صاحب الافتتاحية أنه إذا ما تم تجريد هذا العمل من جانبه الأخلاقي، أي كل ما يفرض على أي عمل نقابي أن يدافع عن مصالحه الخاصة لكن دون إلحاق الضرر بمصالح الآخرين، فإن مفهوم القوة النقابية يفقد معناه كاملا إن لم نقل جوهره، مضيفا أنه "لكل ذلك تصبح هذه الإضرابات الدورية، التي ما فتئت تؤثر على تمدرس التلاميذ، مدانة على أكثر من صعيد، فحتى الرأي العام أبدى انزعاجه أكثر فأكثر إزاء هذه النزعة للجوء إلى الإضراب من أجل أتفه المطالب".
من جهتهما، اعتبرت صحيفتا (الشروق) و(لوجور دالجيري) أن أولياء التلاميذ تدخلوا كما كان الحال في تيزي وزو وبجاية والبليدة لوضع الفرقاء أمام مسؤولياتهم، بعدما نفد صبرهم، حيث لم يتأخروا في النزول إلى الشارع لحمل المحتجين على التعقل وعدم المجازفة بتمدرس التلاميذ، مشيرتين إلى أنه على الرغم من كل ذلك فإن المضربين صموا آذانهم إزاء نداءات، بل وحتى توسلات المعنيين، لذلك لجأت الوزارة الوصية إلى قوة القانون في محاولة لإعادة تنظيم قطاع يواجه خطر السقوط في الهاوية.
وأوردت الصحيفتان أقوال وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، مراد زمالي، الذي أكد عقب اجتماعه مع (الكنابست) أن "جلسة اليوم لم تعقد من أجل مناقشة مطالب النقابة ، ولا مشروعيتها. لقد طلبنا منهم فقط وقف إضرابهم لأن الخطوط الحمراء تم تجاوزها".
وبالفعل، فقد دعا وزير العمل، خلال هذا الاجتماع مع ممثلي النقابة، المعلمين إلى وضع حد لإضرابهم وتغليب الحوار "لما فيه مصلحة التلاميذ والبلاد".
وكشفت الصحيفتان أنه بهذه النبرة الاستنكارية، نددت خمس نقابات من قطاع التربية ب"الاستعمال المفرط للحق في الإضراب"، حيث اتهمت الفدرالية الوطنية لعمال التربية وأربع نقابات مستقلة أخرى المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس لقطاع ثلاثي الأطوار للتربية (كنابست) بعرقلة القانون الأساسي الجديد لعمال التربية، عبر الدخول في إقرار إضراب لا محدود، "في الوقت الذي كانت فيه اللجنة المختلطة التي تضم ممثلي عشر نقابات بصدد وضع اللمسات الأخيرة على النص المعدل للمشروع الأولي للقانون الأساسي لعمال التربية"، بحسب ما ذكر بلعموري لغليظ، الأمين العام للنقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية، خلال ندوة صحفية عقدت أمس بالجزائر العاصمة.
وقال بلعمور "لقد عقدنا في نهاية شهر يناير اللقاء ال53 للجنة المكلفة بإعداد المقترحات المتعلقة بمراجعة القانون الأساسي. وتتجه مقترحات اللجنة إلى تحقيق المزيد من العدالة والانصاف بالنسبة للفئات المتضررة، وهذا التوجه يزعج هذه النقابة التي دعت إلى إضراب لامحدود".
وأضاف أن هذا الإضراب اللامحدود ل(الكنابست) قد يكون الدافع إليه سعي هذه النقابة إلى التهرب من تقديم حصيلة تدبيرها للأعمال الاجتماعية، كما يطالب بذلك ممثلو عمال القطاع.
أما صحيفة (لوكوتيديان دو وهران) فاعتبرت أن رفض المجتمع برمته إزاء المأزق الناجم عن الإضراب سيدفع لا محالة الحكومة إلى اتخاذ إجراءات لحظر الإضرابات في القطاع، مشيرة إلى أن ممثلي النقابات نددوا ب"انتهازية" بعض الأساتذة المضربين، الذين لم يترددوا في إعطاء دروس خصوصية داخل محال تجارية.
بدورها، كتبت صحيفة (ليكسبريسيون) أن النواب صموا آذانهم، مشيرة إلى أن المجلس الشعبي الوطني، باعتباره مؤسسة، لم ير أن هناك جدوى من فتح نقاش جاد حول هذه القضية من أجل اقتراح حل وسط بين مقترحات النقابات ومقترحات الوزارات الوصية.