اهتمت الصحف الجزائرية، الصادرة اليوم الثلاثاء، بالانعكاسات السلبية للزيادة العامة في الأسعار على القدرة الشرائية للمواطنين، والتي تضمنتها التدابير الجديدة الواردة في قانون المالية 2018، والرامية إلى احتواء الأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد. وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة (ليبيرتي) أن الجزائريين، الذين فوجئوا أصلا بالزيادات في أسعار مختلف المواد، بما فيها الضرورية منها، يستعدون لاستقبال سنة 2018 بمزيد من القلق على اعتبار أن قانون المالية، الذي سيدخل حيز التنفيذ في فاتح يناير، ينطوي على مؤشرات تمس بشكل مباشر قدرتهم الشرائية. وأضافت أن المسؤولين الحكوميين يواصلون انكار التوقعات المتشائمة للخبراء إزاء الانعكاسات الوخيمة للتضخم على الأسر، دون أن يقنعوا الأكثر تفاؤلا من المواطنين، مبرزة أن موقفا من هذا القبيل ليس له أي تأثير على مجرى الأحداث التي تتوالى وتتشابه منبئة بآفاق مقلقة.
وكشفت أنه ليس من شأن الاعلان عن الرفع في أسعار النقل أن يساهم في طمأنة ساكنة أنهكتها قدرة شرائية في تدهور مستمر، معتبرة أن هذه الزيادة هي أكثر ما يتخوف منه المواطنون من بين كافة الإجراءات الواردة في قانون المالية 2018، ذلك أن تأثير اجراء من هذا القبيل على القدرة الشرائية قد يكون كبيرا، حيث لا يمكن تجنب انعكاساته الوخيمة، تقريبا، على أسعار كافة المواد.
من جهتهما، ذكرت صحيفتا (الفجر) و(الشروق) أن سنة 2017 تنتهي بفشل الحكومة في التحكم في الواردات، موضحتين أنه على الرغم من تعليق ضمني للاستيراد في قطاع السيارات وتجميد العديد من مشاريع التجهيز، فإن الواردات ترتفع إلى حوالي 45 مليار دولار والاحتياطات تراجعت إلى أقل من 100 مليار، في حين ارتفع معدل التضخم إلى 8ر5 في المائة، ومعدل البطالة انتقل من 5ر10 في المائة إلى 3ر12 في المائة.
وأضافتا أن الحكومة قررت إذن التخلص من المقاولات العمومية، عبر السماح لأرباب العمل الخواص بالاستحواذ على الحصة الكبرى من هذه المقاولات الصغرى والمتوسطة من خلال الاقتراض من البنوك العمومية.
واعتبرتا أن الوضع مرشح للتفاقم وأنه يتعين على الجزائريين أن يواجهوا مع مطلع السنة، الندرة في المواد التي اعتادوا عليها طيلة حوالي عقد من الزمن ابتداء من منتصف الثمانينات، وهو ما لن يحول دون الاستمرار في تسديد فاتورة ثقيلة للواردات، لأن المواطنين سيستهلكون بكثرة المواد "المصنعة في الجزائر" التي لا تسجل حضورا قويا في السوق الجزائرية لكي تعوض المواد المستوردة.
من جانبها، تساءلت صحيفة (الوطن) عن الفائدة من الطفرة النفطية التي استمرت 15 سنة إذا كانت الجزائر استغرقت سنتين أو ثلاث لتعود إلى وضعها السوسيو اقتصادي الذي كانت عليه في نهاية الثمانيات ومطلع التسعينات، موضحة أن النظام وفي مسعى منه لربط سعادة الجزائريين بالريع الذي يراقبه، جعل قدر الجزائر رهينا بإيرادات النفط.
بدورها، كتبت صحيفة (لوكوتيديان دو وهران) أنه إذا كان عجز التجارة الخارجية قد تقلص بشكل كبير خلال سنة 2017 ، وذلك على الخصوص بفضل ارتفاع أسعار النفط وتأثيرها الايجابي على صادرات النفط الخام، فإن الواردات تبقى مرتفعة، وذلك على الرغم من التدابير التي اتخذتها الحكومة في هذا الصدد.
بدورها، كتبت صحيفة (كل شيء عن الجزائر) أنه في سياق مضطرب جدا خلال الأسابيع الأخيرة من السنة، التي تميزت بإعلان الحكومة عن العديد من القرارات، فإن التوقيع، الأسبوع الماضي، على ميثاق للشراكة بين القطاعين العام والخاص، تم تقديمه على أنه إقلاع جديد، أو حتى "إعادة إطلاق لعملية خوصصة المقاولات العمومية" . وأضافت أن الأمر أقل من ذلك بكثير، فهذا الميثاق لا يتضمن أي جديد على الصعيد القانوني في هذا المجال و لا يشكل سوى برنامجا للخوصصة يتطلب إنجاز قائمة بالمقاولات المرشحة للخوصصة وافق عليها مجلس مساهمات الدولة، باعتباره ممثلا لمالك هذه المقاولات.
وأضافت أن الميثاق المصادق عليه من قبل الحكومة والاتحاد العام للعمال الجزائريين وأرباب العمل هو مجرد دليل عملي للشراكة بين القطاعين العام والخاص ويهدف فقط "إلى التجميع في وثيقة واحدة الإجراءات والمساطر المرتبطة بها والصادرة عن مجلس مساهمات الدولة".