تم، مساء الثلاثاء بمونريال، إبراز العمل البطولي الذي قام به جلالة المغفور له الملك محمد الخامس من أجل حماية اليهود المغاربة وكذا الموقف الحازم للملك الراحل ضد سياسة نظام فيشي المعادية للسامية، وذلك خلال ندوة أقيمت بتجمع "أور هاحاييم"، وأطرها الكاتب والصحافي الفرنسي غيوم جوبان، بحضور شخصيات متعددة المشارب، وأفراد من الجالية المغربية اليهودية المقيمة في كندا. وخلال هذا اللقاء، الذي نظمته طائفة السيفارديم الموحدة بكيبيك والمركز الثقافي المغربي "دار المغرب" وتجمع "أور هاحاييم" حول موضوع "السلطان محمد الخامس واليهود المغاربة"، سلط جوبان الضوء على جوانب مختلفة من الشخصية البارزة للملك الراحل، مستحضرا أبرز المحطات المتميزة في عهد "أب الأمة" حتى سنة 1945.
وأبرز المتدخل، في هذا الصدد، تميز جلالة المغفور له الملك محمد الخامس، وحكمته ووطنيته وحسه الإنساني، وكذا جهود الملك الراحل لمواجهة الاستعمار ونظام فيشي الفاشي، من أجل حماية الجالية اليهودية المغربية في سياق اتسم بالحرب العالمية الثانية.
وشدد جوبان، الحاصل على دكتوراه في الطب وخريج المدرسة العليا للدراسات التجارية بباريس، على الموقف الثابت للملك الراحل ضد القوانين المعادية للسامية والعنصرية التي سعى نظام فيشي الذي كان آنداك خاضعا للاحتلال النازي، تطبيقها بالمغرب إبان فترة الحماية، ورفض جلالته لكل أشكال التمييز والتفرقة بين رعاياه، بصرف النظر عن عقيدتهم أو ديانتهم.
وأشار جوبان، رئيس المدرسة العليا للصحافة بباريس، إلى أن جلالة المغفور له الملك محمد الخامس، على الرغم من الضغوط التي مارستها سلطات الحماية، رفض توقيع الظهائر المتعلقة بهذه القوانين المعادية لليهود وشدد على أن اليهود، كباقي المغاربة بمختلف طوائفهم، هم رعاياه وسينعمون بحماية جلالته.
وذكر الكاتب والصحافي الفرنسي، الذي ألف العديد من الكتب منها "ليوطي: المقيم" و"محمد الخامس، السلطان" و"طريق زعير" و"طريق أنفا"، بالموقف ذي الدلالة الكبيرة، الذي أعرب من خلاله الملك الراحل عن رفضه القاطع لهذه السياسة التمييزية التي تتعارض مع تعاليم الإسلام وقيم التعايش التي تميز المجتمع المغربي، مشيرا إلى أن الملك الراحل محمد الخامس كان قد دعا الحاخامات والأعيان اليهود لعيد العرش لسنة 1941 وأجلسهم بالقرب من الضباط الفرنسيين وأعضاء لجنة الهدنة الألمانية.
وأوضح أن الموقف الشجاع الذي أبان عنه الملك الراحل إزاء قوانين حكومة فيشي، ساهم في إنقاذ حياة نحو 250 ألف يهودي مغربي من اضطهاد وهمجية ألمانيا النازية.
وبعدما ذكر بالنداء الذي كان وجهه جلالة المغفور له الملك محمد الخامس للمغاربة من أجل دعم فرنسا، رغم كونها بلدا مستعمرا آنذاك، والحلفاء في حربهم ضد ألمانيا النازية، أشار جوبان إلى أن الملك الراحل تمت ترقيته من قبل الجنرال ديغول في يونيو من سنة 1945 إلى رتبة "رفيق التحرير"، مضيفا أن جلالته كان القائد العربي والمسلم والإفريقي الوحيد الذي حصل على هذه الجائزة الفرنسية المرموقة تقديرا لتضامن جلالته، ومن خلاله جميع المغاربة، وللدعم الدائم والمتواصل الذي قدمته المملكة لفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية.
من جانبه، أكد مدير "دار المغرب"، جعفر الدباغ، أن الجالية اليهودية المغربية عبر العالم تمثل إطار جامعا لأزيد من مليون شخص حول ثقافة وتقاليد مشتركة، مشيرا الى أن هذه الجالية المتواجدة بمختلف القارات، تصون ذاكرتها، جيلا بعد جيل، وتدافع باعتزاز عن هويتها المغربية الغنية،كما أنها لاتتردد في الإسهام باستمرار في تنمية المملكة.
وأشار إلى أن مساهمة الرافد العبري في المجتمع المغربي تم الاعتراف بها في ديباجة دستور سنة 2011، مضيفا أن اليهود المغاربة شكلوا منذ أزيد من ألفي عام جزءا لا يتجزأ من نسيج المجتمع والقوى الحية للبلد.
وشدد الدباغ، من جهة أخرى، على أن الروابط المتينة التي تجمع اليهود المغاربة في جميع أنحاء العالم بجذورهم المغربية ليست عرضية، بل إن أفراد هذه الجالية يشكلون مكونا أساسيا من مكونات الهوية المغربية الغنية والمتعددة الروافد.