ختمت المحكمة الابتدائية بالحسيمة على مرحلة تسلل من خلالها حميد المهداوي إلى الصحافة، وأغلقت هذا القوس بالحكم عليه بثلاثة أشهر سجنا نافذا وغرامة مالية، تأكيدا على أن ما مارسه طوال هذه المدة لا علاقة له بالصحافة، ولو كان الأمر كذلك لتمت محاكمته وفق قانون الصحافة والنشر. لا يمكن محاكمة شخص يمسك "بوقا"، مثل تلك المستعملة في الأسواق لبيع أدوية الحشرات، ويقوم بتحريض المواطنين على العصيان المدني، (لا يمكن) محاكمته بقانون يتعلق باستعمال وسائل الإعلام في التحريض، ووفق المادة 38 من القانون الجديد، فإن المحرض يعتبر شريكا في الجريمة، شريطة أن يتم التحريض عبر وسيلة إعلامية أو بواسطة منشور، لكن لا يوجد ضمن هذه الوسائل "البوق".
في الواقع ينبغي الرثاء لحال المهداوي، لأنه تعلّم الصحافة في أتعس مدرسة للصحافة. مدرسة علي أنوزلا، المبنية على السب والشتم والادعاءات الكاذبة. ولدى المهداوي طموحات أكبر بكثير من قدراته في المعرفة والإعلام، مما جعله يسلك هذه الطريق التي توصل إلى الشهرة بسرعة.
بدأ المهدوي بائعا متجولا، ولا عيب في امتهان أية حرفة، لكن لا ينبغي نقل ثقافتها إلى مهنة أخرى، فالصحافة لها قواعد ولا يمكن ممارستها في "الزنقة" مثل بيع الجوارب، وهكذا رأينا المهداوي ينجز اللايفات في المقهى والمطعم وفي مطبخ منزله ويجري حوارا مع زوجته ونجانا الله من تصوير غرفة نومه.
لقد فكر تم قدر وهو يبيع الجوارب و"السليبات" أن أقرب طريق للشهرة هي الصحافة بما تتيحه من فرص للقاء شخصيات مهمة، غير أنه دخلها من باب المرحاض وليس من بابها الحقيقي.
يروى أن شخصا بال في "بئر زمزم" أيام الحج فاقتادوه لوالي مكة، فقال له: ويحك أخا العرب فعلت فعلتك هاته وفي أيام الحج. فرد عليه: كي أشتهر وأدخل التاريخ. فالمهداوي مريض بالشهرة ولهذا أرادها من باب بول الأعرابي في "بئر زمزم".