تقرير: ل- أمقران – تنجداد نسأل الله في البدء أن يقينا من السقم، فكل من تطأ رجلاه أرضية المستشفى عموما و المستشفى الإقليمي بالخصوص إنما يأتي رغما عن أنفه مريضا كان أم زائرا، فمن قطع المسافات الطويلة، إلى ترك الأشغال الكثيرة، ومن صرف الأموال الطائلة إلى غيرها من الأمور التي تجعل معنويات كل مقبل على هذه المؤسسة تحت الصفر تجعله لا يرى نصب أعينه إلا الحاجة التي قدم من أجلها، فيصدم بمعاناة قد تتجاوز عنده محنة المرض و ألمه و ضيق ذات يده.يصدم بمعاملة غاية في القسوة من المدخل الرئيسي إلى سرير المرض. صحيح أن النظام يفرض بحكم كون الإنسان يميل بطبعه إلى الفوضى و اللانظام، إلا أن فكرة تفويض تدبير الحراسة إلى الشركات الخاصة أمر يجب إعادة النظر فيه أو على الأقل بعض بنوده، فهؤلاء الحراس يعتبرون أنفسهم فوق كل محاسبة أو متابعة، تراهم يسبون و يشتمون بل و يرتشون، يفعلون ما يحلو لهم في مداخل المستشفى دون أدنى احترام لتكافؤ الفرص و في تغييب تام للضمير و الإنسانية، يتعمدون الإهانة و التجريح خاصة في حق البسطاء من المرضى و الزوار التي يبدو من اللباس و اللكنة أنهم "عروبيون" قدموا من الأعالي و التخوم. كم كانت حسرتي كبيرة يوما عندما عمد أحدهم إلى تعنيف مواطن مع سبق الإصرار ليخلق جوا من الفوضى و الضوضاء التي استقدم لمحاربتها. لا أقول أنه يتوجب الاستغناء عن خدمة الحراسة لكني أقول أنه يجب تكوين هؤلاء في التواصل و تنبيههم إلى ضرورة احترام كرامة المواطن المغربي و خصوصيته ثم تحذيرهم من ابتزاز المواطنين مع تحسين أوضاعهم المادية للرفع من معنوياتهم بشكل أو بآخر. مسألة أخرى أثارت انتباهي في هذه المؤسسة الصحية و هي مسألة النظافة، فرغم أن المستشفى يعج بالمنظفات اللائي يكاد عددهن يتجاوز عدد الأسرة، فانه ما إن تطفأ الأنوار حتى تتحول قاعات المرضى المنهكين إلى ساحة حبلى بالخنافس(سراق الزيت) من كل الأحجام و الأعمار، بل و منها ما لا يستحيي من مضايقة المريض في عز"النهارالقهار". تساءلت عن السبب فتأكد لي أن عملية التنظيف تتم بالماء لا غير، في تغييب تام لأي مطهرات و لو ماء جافيل فما بالك أن توفر إدارة المستشفى مبيدات أو مطهرات معطرة. تزامنت زيارتي للمستشفى و قدوم قافلة طبية فرنسية، كان اليوم الأول في واقع الأمر مهزلة بكل المقاييس، سجلت و للأسف على ضمير المسؤول المغربي، حيث اكتفى المتطوعون بالهواء الطلق قرب المدخل الرئيسي للمستشفى تحت ظل شجرة على الطريق العمومية واقفين على أرجلهم ينصتون إلى المرضى الذين لم يترك لهم المرض مجالا للتستر على أمراضهم، يحاول الفرنسيون فهم آلام المريض في غياب تام للمستشفى الإقليمي، فلا كراسي لجلوس الطبيب و لا طاولات تساعد على تحرير الوثائق و لا قاعات تحترم خصوصية المرضى بل الانكى من كل هذا غياب مترجمين لتمكين الطرفين من التواصل و هو ما تكفل به البعض من المرضى أنفسهم و بعض المارة الذين تألموا لحالهم و كنت منهم، دمعت عيناي لما وصلنا اليه كمغاربة و مسلمين عندما رأيت بعد كل هذا أطباء دكاترة أجانب يتكلفون بإعداد ملفات الحالات المستعجلة داخل إحدى المكاتب في حين أن أحد الأعوان الذي من المفترض أن يقوم بذلك يكتفي بمضغ العلكة و التبسم في وجه معارفه. حالة أخرى من الفوضى التنظيمية تقززت نفسي لرؤيتها و هي تعمد بعض أصحاب الأكشاك ابتزاز المواطن المريض و الزائر على حد سواء، حيث تسجل زيادات مهولة و غير معقولة في أسعار المواد قد تصل 30 في المائة من الثمن بالأكشاك المجاورة، و كان حريا بل و مفروضا على إدارة المستشفى التدخل و مطالبة صاحب الكشك –بحكم تواجده داخل المؤسسة-باحترام الاثمنة القانونية للمواد و كشف الاثمنة على لوح للاضطلاع المسبق عليها ثم التبليغ عن المخالفات التي تعد جرما في حق البسطاء ممن يقف الجهل أمام متابعة من يستبيحون عرق جبينهم بغير وجه حق. إنها مجرد ملاحظات لعابر سبيل شاءت الأقدار أن يظل زائرا فضوليا للمؤسسة خلال أسبوع، ليكتشف و يكشف بعض المستور من معاناة و آلام المرضى و الزوار و خروقات في تدبير المؤسسة لعل النداء يكون فاتحة إصلاح حقيقي لهذه المؤسسة الصحية.