إمعانا في تمييع الحياة السياسية، تُصِرّ بعض التعليقات الصحافية، حول نتائج إجتماع اللجنة الإدارية لحزب الإتحاد الإشتراكي، إعتماد منهجية التضليل، تتمثل في تأويل مغرض للشروط الدنيا التي حددتها، كسقف للمفاوضات مع رئيس الحكومة، المعين، عبد الإله بنكيران، واصفة إياها بأنها جزء مما سمي ب"البلوكاج". ماذا قالت اللجنة الإدارية لهذا الحزب؟
إعتبرت أن على رئيس الحكومة، المعين، تقديم عرض واضح، في الجولة الثانية من المشاورات، يتضمن رؤيته للبرنامج الذي يمكن الإتفاق حوله، بين تشكيلات حزبية، تختلف في مشاربها ومواقفها، فهل هناك حزب يحترم نفسه، يشارك في إئتلاف مكون من عدة أحزاب، دون مناقشة البرنامج والتصورات والأولويات، بما يمكن أن يبرر إتفاقه للمشاركة في تسيير الشأن العام؟
ماذا يريد أصحاب هذه التعليقات، الذين يعتبرون الحوار حول البرنامج، وحول هندسة الحكومة، مجرد "بلوكاج"؟ هل يريدون من اللجنة الإدارية الإتحادية، أن تقدم "البيعة"، حتى يرضى عليها من نصبوا أنفسهم ناطقين رسميين باسم رئيس الحكومة، المعين، وما هم كذلك!
من أين يستمدون مرجعيتهم السياسية والفكرية، حتى يطلبوا من أي حزب أن يوقع شيكا على بياض، لأي كان؟ من أية مرجعية سياسية وتجربة ديمقراطية، يستمد هذا المنطق تحليله للأوضاع؟ اللهم إلا اذا كانوا يعتبرون أن على الأحزاب "الصالحة" التعبير عن إستعدادها للمشاركة في الأغلبية الحكومية، دون شروط ودون نقاش ودون حوار...وهذا منطق لاعلاقة له بالسياسة، كما تدرس في أقسام الإعدادي، بل بفهم فاشي للسياسة، يطلب من الأحزاب الاصطفاف إلى جانب حزب معين، بشكل أعمى، وإلا يتم إتهامهم بالتواطؤ مع ما سمي ب"التحكم".
وكما يقال "عشنا وشفنا"، حيث يصل الغرور ببعض كتاب التعليقات الصحافية، إلى محاولة تنصيب أنفسهم أوصياء على الهيآت التقريرية، السيادية، للأحزاب، ولم يبق لهم سوى المطالبة بالنيابة عنها في تحديد مواقفها!
الأمر لا يقف عند هذا الحد، بل لقد تقمص هؤلاء، دور الناطقين باسم بنكيران وحزبه، لكن لحسن الحظ أن لهذا الحزب أمانته العامة، ولرئيس الحكومة المعين، حسن الإدراك، ليفهم مواقف الأحزاب، ويتواصل معها، بكل إحترام ولياقة، دون وساطة عشاق الثرثرة "الصحافية"، التي تسمح لنفسها بتجاوز كل الحدود.
*المقال مأخوذ عن ركن "بالفصيح" من جريدة الاتحاد الإشتراكي( يوم 15/11/2016)