"دسترة الأمازيغية مكسب كبير وسينعكس ذلك على الإعلام الأمازيغي المكتوب أو المسموع أو المرئي" صوت إذاعي يطل علينا من وراء الميكروفون بالإذاعة الأمازيغية، عبر برامج تشمل الثقافي والسياسي، مثل برنامج ثقافة وجذور، والشأن المحلي، وأسواق لها تاريخ، وغيرها... إنه الإذاعي الأمازيغي علي أزحاف، الذي أكد لنا من خلال هذا الحوار، على أن دسترة اللغة الأمازيغية كلغة رسمية، حدث كبير انتظره الأمازيغيون والمناضلون منذ سنوات. وأضاف علي أزحاف، الذي لقبه أحدهم "بدينامو" الإذاعة الأمازيغية، أن الإذاعة الأمازيغية تلعب دورا منذ زمان في تحسيس المستمعين بقيمة لغتهم، وأن الإعلام الأمازيغي يجب أن يدعوا إلى تفعيل هذه الأمازيغية داخل الواقع. كما أوضح أزحاف، في هذا الحوار، أن مسألة تطوير الإذاعة الأمازيغية تبقى إدارية أولا، بحل مجموعة من المشاكل الموجودة داخلها. واعتبر الإذاعي والقاص علي أزحاف، أنه مرحليا يكتب بالعربية، رغم أن اشتغاله اليومي يكون بالأمازيغية.
*في البداية، الحدث البارز الذي عرفه المغرب أخيرا، هو دسترة اللغة الأمازيغية كلغة رسمية، أنتم كمشتغل بالإعلام الأمازيغي ما تعليقكم على هذا الحدث؟ *في الواقع هو حدث كبير انتظره الأمازيغون، خاصة المناضلين الأمازيغيين منذ سنوات، وبالضبط منذ الثمانينات، إذ كان من أهم المطالب في الملف المطلبي للحركة الثقافية الأمازيغية. الدسترة مطلب تحقق الآن، وتحول الحلم إلى واقع، ولكن ما ينتظره الأمازيغيون الآن هو آليات تفعيل هذا البند في الدستور، أي كيف سيفعل؟ وكيف سيطبق على مستوى الواقع؟ لذلك فكثير من الأمازيغيين والفاعلين والمثقفين يتخوفون أن يكون مصير تفعيل هذه المسألة كمصير تعليم الأمازيغية مثلا، فيوم الإعلان عن إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وعن إدماج اللغة الأمازيغية في المنظومة التعليمية بالمغرب كان حدثا خلق تفاؤلا كبيرا لدى الأمازيغيين، ولكن نتائجه كانت سلبية جدا، فأنتم ترون كصحافيين واقع الأمازيغية داخل المدرسة الآن والتعثرات التي عرفتها والتطبيق غير الصحي لهذه المسألة، وما نتج عن ذلك، أن الأمازيغية داخل المدارس، في الكثير من المناطق الآن في المغرب، صورية فقط، وليس لها علاقة بالتعليم أو بالمدرسة أو بالثقافة الأمازيغية، وبالتالي يمكن أن نعتبر هذا الأمر خطأ وتسرع من طرف المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الذي حاول أن يطبق لغة معيارية داخل الجهات الأمازيغية في كل أنحاء المغرب، مما نتج عنه نوعا من الفوضى، ونوعا من التطبيق غير العلمي لمناهج تدريس الأمازيغية. فالريف كنموذج، تكاد تنعدم الأمازيغية في مدارسه، لا على مستوى التعلم، ولا على مستوى المدرسين الذين تنعدم في أغلبهم شروط تدريس هذه اللغة وإتقانها. وبالتالي يجب التساؤل، عن كيف سنعمل مستقبلا، في ظل دسترة اللغة الأمازيغية، على تجاوز هذا المشكل، ومن ثمة إيجاد حل لهذه المعضلة، لأن تعليم الأمازيغية هو الذي سيعطي للغة الأمازيغية موقعها الحقيقي في المغرب، فيوم ستدرس الأمازيغية بطريقة علمية وبمناهج مبنية على أسس سليمة، سنقول حقا أن الأمازيغية لغة رسمية. ويبقى القول، أن دسترة الأمازيغية مكسب كبير، وإضافة نوعية للثقافة الأمازيغية وللإنسان الأمازيغي بالمغرب، وسينعكس ذلك، ربما، على الإعلام الأمازيغي سواء المكتوب أو المسموع أو المرئي، وستكون للأمازيغية قيمة أخرى داخل المؤسسات الإعلامية، وحتى للصحافي الأمازيغي الذي كان ينظر إليه نظرة دونية. *في نظرك، كيف يمكن للإذاعة الأمازيغية أن تكون في مستوى الحدث (أي دسترة اللغة الأمازيغية)؟ أو بصيغة أخرى، كيف يمكنها أن تساهم في تفعيل ما جاء به الدستور الجديد في ما يخص الأمازيغية والتعدد الثقافي؟ *حسب تجربتي الشخصية، الإذاعة الأمازيغية تلعب دورا منذ زمان في تحسيس المستعمين بقيمة لغتهم، وبأنها لغة، ليس كما كان ينظر إليها من قبل، لا تستوعب الثقافات ولا تعبر عن الثقافات ولا تساهم في الحوار الثقافي في المغرب، فالأحداث أثبتت عكس كل ذلك بحيث أن الأمازيغية في الإذاعة والإعلام، لها مساهمة كبيرة في تحسيس المواطنين بكل الأحداث التي تقع في المغرب، والنموذج هو الاستفتاء، إذ فتحت الإذاعة الأمازيغية الأبواب لكل الفعاليات بجميع أطيافها السياسية لتعبر عن آرائها، سواء كانوا مع الاستفتاء، أو ضده، أو بالنسبة للمتحفظين على بعض البنود في الدستور. لذلك، فمجرد الحديث عن هذه المستجدات السياسية بالمغرب بالأمازيغية، يضيف شيئا جديدا للمجتمع المغربي الذي لم يتعود ذلك من قبل، لأن الأمازيغية كانت تعتبر فقط لغة الفلكلور أو لغة الرقص أو لغة الأغاني، بينما الإعلام الأمازيغي أثبت الآن، نسبيا وليس بشكل مطلق، أن الأمازيغية تصلح أن تقدم بها برامج ثقافية راقية، وبأنها ليست لغة الثقافة الشعبية، هذه الأخيرة ليس بالمعني القدحي. ولهذا فالسؤال عن دور الإعلام الأمازيغي، أعتقد أنه لعب دورا في السابق، والآن يجب أن يلعب دورا في الدعوة إلى تفعيل هذه الأمازيغية داخل الواقع. بمعنى، أن الأمازيغية الآن يجب أن تعامل داخل الإذاعة الوطنية وداخل القناة الأمازيغية، على أنها لغة رسمية للمواطنين المغاربة عامة، وبأن ينظر كذلك على أن الإذاعة والقناة الأمازيغيتين، ليستا مكملتين فقط للقنوات والإذاعات الأخرى، أو على أنهما موجودتين فقط لإسكات بعض الأشخاص الذين يطالبون بالأمازيغية في المغرب، إنهما ضرورة للمواطن الأمازيغي، الذي أعتقد أنه إذا قمنا بإحصائيات علمية وجادة حول نسب الاستماع، سنجد أن الذين يستمعون ويشاهدون الإذاعة والقناة الأمازيغيتين أكثر من أي إذاعة أو قناة أخرى، هذا ليس تعصبا مني أو ميلا لأني أمازيغي، ولكن الواقع هو الذي يشهد على ذلك، بحكم أنه مررنا بتجارب على مستوى مجموعة من البرامج التي لقيت إقبالا كبيرا، كبرنامج" مسابقات حول الأغنية الأمازيغية" الذي توقف مع الأسف، وهو إقبال خلق مفاجئة لدى إدارة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة. على أي، دورنا الآن كإعلاميين، هو أن نتابع هذا، وأن لا ننساه ليتحول إلى مجرد حدث عابر نمر عليه هكذا مرور الكرام فقط. يجب أن نتابع الحدث كمطلب تحقق، كما يجب متابعة آليات تفعيله، بالنقد ربما، وبخلق برامج حوارية تحاول أن تقدم إضافات، وتقدم آراء، وأن تعبر عن المستوى الذي ستصله الأمازيغية في السنوات القادمة، بعد أن نعرف ماذا يقصدون بآليات التفعيل؟ وكيف ستفعل هذه الأمازيغية في الواقع؟
* معنى هذا أنكم تتوقعون تطورا أكبر للإذاعة الأمازيغية، أو أن سيكون لها وضع خاص بعد هذه الدسترة؟
* أعتقد أن تطور الإذاعة الأمازيغية مسألة إدارية أولا. أقول إدارية، لأن الإذاعة الأمازيغية تعاني من مشاكل كثيرة جدا، الكل يعرفها ولا داعي لحجب الشمس بالغربال كما يقال. من جهة أولى، الإذاعة الأمازيغية لا تتوفر على مقر خاص بها إلى حد الآن، والمقر الذي نشتغل فيه الآن لا يشرّف الأمازيغية التي نتحدث عنها الآن، والتي وجدت لها مكانا في الدستور الجديد. من جهة ثانية، وفي ما يخص الموارد البشرية، فأغلب الإذاعيين أو الصحافيين المشتغلين بالإذاعة الأمازيغية هم متعاونين، لم تحسم وضعيتهم إلى حد الآن، وهنا لا أتحدث عن الذين تعاقدوا مع الإذاعة في السنوات الأخيرة، بل كذلك الذين اشتغلوا داخل الإذاعة لأكثر من عشر سنوات مازالت وضعيتهم غامضة. وبالتالي، فهذا مشكل يجب على الذين يتحملون مسؤولية إدارتنا أن ينظروا إليه بجدية، لأنه يؤثر على مسار العمل. المشكل الثالث، هو أنه مازال بعض الأشخاص داخل إدارة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون ينظرون إلينا كأننا دخلاء على الإذاعة والتلفزة المغربية، فعلى مستوى آليات الاشتغال نحن لا نتوفر على استوديوهات خاصة للتسجيل، حتى وسائل المعلوميات التي نشتغل بها ناقصة، أو أن أغلبها تجدها لا تشتغل بشكل سليم، زيادة على أننا دائما نجد مشاكل في التنقل لتتبع مهرجانات وأحداث وطنية، وهو ما يفوت علينا للأسف مهرجانات مهمة جدا، كان من اللازم على الصحافي الأمازيغي أن ينتقل إليها، وأن ينقلها بشكل يومي، وأن يوصل أصوات بعض المثقفين والفنانين إلى الجمهور بطريقة حية، وليس فقط عن طريق التسجيل وعن طريق الهاتف من داخل الأستوديو. كل هذا يجعلنا نشتغل في ظروف، حقيقة تحسسنا بأننا لا ننتمي إلى تلك الدار، وعلى أننا غرباء، لكن أعتقد أن الإرادة الملكية وإرادة المثقفين وبعض الهيئات السياسية والمناضلين الأمازيغيين، ربما في هذا الظرف الجديد، وفي هذا الحراك الذي يعرفه المغرب، ستتغير نظرة بعض المسؤولين وبعض العقليات القديمة إلى الإذاعة الأمازيغية والثقافة الأمازيغية والصحافيين الأمازيغيين، وهنا لا أعمم، إذ أن هناك بعض المسؤولين وبعض الإداريين الكبار الذين يحترمون كثيرا الكفاءات الأمازيغية ويحترمون الإذاعة والتلفزة الأمازيغيتين.
*نتيجة لهذه الأوضاع، ألم تعقدوا جلسة أو لقاء مع المسؤولين عن الإذاعة الأمازيغية في ما يخص هذه المسألة؟ * نحن حاولنا أن نناقش منذ سنوات هذه المشاكل مع الإدارة، ولكن إلى حد الآن لم نتوصل إلى نتائج، فربما المسؤولين المباشرين علينا عندهم إرادة لحسم هذا الموضوع، ولكن هم أيضا لهم مسؤولين أعلى، ربما هم الذين يسوفون أو يطولون في هذا الموضوع، أو ربما لا توجد إرادة مشتركة عند الصحافيين الأمازيغيين للدفاع عن حقوقهم، باعتبارهم أولا لا تجمعهم أية نقابة مشتركة أو أي لجنة للدفاع، أو حتى توجهات معينة يمكن أن يبلوروا من خلالها مطالب يدافعون عليها باستمرار لكي تتحقق. زيادة على هذا، فالنقابات التي تدافع على الصحافيين، هي الأخرى نادرا ما تأخذ هذه الأمور بجدية، لأنها كما تقول لها أولويات، والله أعلم ما هي هذه الأولويات. أضيف شيئا آخر، فمصلحة الإنتاج داخل الإذاعة الأمازيغية، تشتغل منذ ستة أشهر بدون رئيس، فكيف تريد أن تحل مشاكل الصحافيين ومطالبهم، خاصة أن بعض الصحافيين يعيشون ظروف مزرية على المستوى المادي لأنهم لا يتوصلون برواتبهم بانتظام، ويضطرون للانتظار لمادة 3 أو 4 أشهر لكي يتوصلوا بمستحقاتهم، بالإضافة إلى أنهم لا يعرفون مستقبلهم داخل الإذاعة، بل حتى نحن لا نعرف مستقبلنا داخل الإذاعة، إذ فوجئنا مؤخرا بدعوات وجهت إلينا لإمضاء عقد مع الشركة الوطنية، وهو أمر يضحك ويبكي في آن واحد، لأننا نحن 15 شخصا أو أكثر نشتغل بالإذاعة منذ أكثر من 10 سنوات، وكنا قد أخبرنا بأن وضعيتنا قد سويت، لكننا نفاجئ بأننا مازلنا نعتبر كمتعاقدين فقط. وبالتالي، يجب هيكلة هذه الإذاعة لتسوية هذه المشاكل، فليس هناك من يسيرنا، ونضطر في بعض الأحيان إلى أن نسير أنفسنا بأنفسنا، وأحيانا أخرى، يقوم تطوعا رئيس البرمجة بالإذاعة الأمازيغية بالاجتماع معنا، ولكن هذا حل ترقيعي يفاقم المشاكل أكثر من حلها. وأذكر هنا، أن السيد مماد قام بمجهودات وحاول أن يصلح ما يمكن إصلاحه، وحاول أن يخلق جو من الحرية وجو من تشجيع المبادرات، وشجع كثيرا المتعاقدين الجدد وفسح لهم المجال للاشتغال، ولكن مع الأسف الشديد في بعض الأحيان تتحول الحرية إلى فوضى إذا لم نحسن استعمالها.
* بعد إنشاء القناة الأمازيغية، العديد من الصحافيين كانوا بالإذاعة والتحقوا بالقناة، على أزحاف لم يفعل نفس الشيء لماذا؟ * أولا، هؤلاء لم يبادروا إلى الانتقال، بل استدعوا للاشتغال داخل القناة، كما أنه لا يمكنني أن أفسر الطريقة التي اعتمدت لاختيار الصحافي، أو المقاييس التي وضعت والمعايير لكي ينتقل الصحافي من الإذاعة إلى التلفزة. شخصيا لم أبادر، ولم أطلب الانتقال إلى القناة الأمازيغية، لأني أجد نفسي في الإذاعة أكثر أولا، ثم ثانيا إذا انتقل الكل إلى القناة فمن سيشتغل بالإذاعة؟ لهذا أعتقد أن الهرولة نحو التلفزة نوع من نكران الذات، كما أنه لدينا صحافيين داخل الإذاعة مشهود لهم بالكفاءة، ولديهم مستمعين في كل أنحاء المغرب، وإذا انتقلوا إلى التلفزيون فلمن سيتركون مستمعيهم، خصوصا وأن الإذاعة، كما أعتقد، تصل إلى المستمعين بشكل أكبر مما يصل التلفزيون. أما في ما يخص علاقتي مع التلفزة، فقد قمت بتجربة، للأسف الشديد كانت شبه فاشلة، إذ حاولت إعداد برنامج كنت قد اخترت له اسم " مآثر"، يتحدث عن بعض المواقع الأثرية وبعض المنشآت والمتاحف، التي تعتبر حقا قيمة رمزية غنية جدا تزخر بها المناطق الأمازيغية، ولكن للأسف الشديد لم أتمم هذا البرنامج الذي كان مقررا أن يعرض في رمضان، لأسباب تافهة جدا لا داعي لذكرها. ثم من جهة أخرى، فإن المشتغل بالتلفزة يجب أن تتوفر فيه شروط كثيرة، منها أن يحب هذا العمل أولا، وثانيا أن يكون مدركا للقيمة الإنسانية والثقافية والتاريخية للأشياء التي يشتغل عليها، وثالثا أن يكون محترفا ومهنيا في عمله.
* ألم ينتج عن ذلك الالتحاق بالقناة، أزمة داخلية على مستوى الموارد البشرية داخل الإذاعة؟ * الأزمة كانت من قبل، لكن هذا الانتقال، الذي أعتقد أنه قسريا، كان ضروريا لكي تبدأ القناة في الاشتغال، لأنها لا يمكن أن تنطلق من فراغ، وكانت في حاجة إلى صحافيين. فكما تعلم أن القليلون هم الذين يشتغلون في مجال الصحافة الأمازيغية السمعية البصرية، بخلاف الإعلام المكتوب مثلا الذي يتوفر على صحافيين أمازيغيين كثيرين. وأعتقد أن ما تسميه بأزمة في الموارد البشرية، هي أزمة قائمة ولن تنتهي إلا إذا كانت هناك إرادة من المستويات العليا لكي يحاولوا ملئ هذه الفراغات وفتح المجال أمام صحافيات وصحافيين للولوج إلى الإذاعة والقناة، ولكن بمعايير انتقاء وبمباريات.
*عرفت بالعديد من البرامج داخل الإذاعة الأمازيغية، مثل ثقافة وجذور، الشأن المحلي، أسواق لها تاريخ وغيرها... كيف تجد تفاعل المستعمين معها؟ * ما أظنه من خلال لقائي مع بعض الأشخاص، أنهم يرحبون بما أقدمه ويشجعونني دائما، ويطلبون مني في بعض الأحيان إعادة بعض البرامج أو الاستمرار في برامج أخرى كنت قد قدمتها في ما سبق. أعتقد أن البرامج تتحدث عن نفسها، ويمكن أن نسأل المستمعين عنها، لكن للأسف الإذاعة الأمازيغية لم تدخل في نسب قياس الاستماع، رغم أنه في حياتها سنوات طويلة جدا، ولحد الآن لا نعلم كم يستمع إليها. هناك مشكل آخر جرنا إليه سؤالك، هو مشكل البث، إذ لدينا مناطق أساسية في المغرب وأمازيغية مائة في المائة لا تصلها الإذاعة الأمازيغية، وهو مشكل طرحناه على ثلاث مدراء إلى حد الآن. *علي أزحاف إضافة إلى أنه إذاعي، قاص كذلك، وأصدر مجموعة قصصية بالعربية اسمها "نخب البحر". لماذا لم تكن المجموعة بالأمازيغية، خصوصا وأنها مجال اشتغالك الإذاعي اليومي؟ * أنا أتحدث الأمازيغية وأشتغل بها، ولكن أكتب بالعربية، لماذا؟ هذا الوضع تاريخيا، بين قوسين، يعاني منه الكثير من المثقفين الأمازيغيين. وأعتقد أنه لكي أبدع بالأمازيغية، يجب أن أكون ملما بها أكثر، وأن يكون هناك ما يسمى التعمق في هذه اللغة. من جهة أخرى، كنا ننتظر من المعهد الملكي أن يقدم لنا قواميس وأن يوحد اللغة وأن يقدم اللغة المعيارية التي ستساعدنا على الكتابة بالأمازيغية. لكن صراحة أنا أبدع بالعربية أحسن لو أبدعت بالأمازيغية، وإذا حاولت الكتابة بالأمازيغية فسأفعل، لكن سأكون مثل الكثيرين الذين استغلوا هذه النهضة التي عرفتها الأمازيغية، حتى أصبح الكل يكتب، لكن وجب التساؤل هل ما يكتبونه حقا شعر أو إبداع؟ هذا سؤال كبير، ربما ستجيب عليه السنين، لأننا الآن مازلنا نعيش لحظات التراكم، وربما بعد هذا ستتكون مدارس نقدية، وسنغربل هذا الإبداع، وسنعطي لكل ذي حق حقه. أما أنا مرحليا، فأكتب بالعربية، لأنها اللغة التي أعرف أن أبدع بها، ويبقى تفكيري أمازيغيا، حتى إذا قرأت المجموعة ففضاءاتها وكل شيء فيها هو أمازيغي، وهو الشيء الذي تجده عند الكتاب الأمازيغيين الذين ينتمون إلى بيئة ثقافية أمازيغية ولكنهم يعبرون عن إبداعاتهم بالعربية، وهذا ليس عيبا، بل هي ظاهرة عالمية.