شعب بريس- متابعة أثارت اللافتات التي ظلت ترفع من قبل حركة 20 فبراير العديد من التساؤلات حول مصدر التمويل ومكان الطباعة، علما أن الشباب "الفايسبوكي" الذي دعا إلى تأسيس الحركة لا يمتلك اللوجيستيك والإمكانيات التي تتطلبها طباعة لافتة ضخمة وبأشكال هندسية عجيبة.
لكن سرعان ما تبين الخيط الأبيض من الأسود، حينما تم اعتقال صاحب مطبعة بالعكاري بالرباط، حيث أظهرت التحقيقات معه، كيف تورط بعض القياديين في حزب العدالة والتنمية في تمويل طباعة اللافتات والتي استهدفت في أكثر الحالات، شخصيات تنتمي إلى المحيط الملكي. فمن هو صاحب المطبعة الذي تكلف بطباعة لافتات الأخطبوط؟ ومن الجهة التي تقف وراء ذلك؟.
حركة "باركا" من العالم الافتراضي إلى الواقع إن ما ابتلي به الشعب المغربي عقب اندلاع الثورة في مصر هو انتقال عدوى المصطلحات التي لم تكن معتادة لدينا، فأصبح البلطجي مرادفا ل"شماكري" وصارت كفاية "باركا"، وهكذا توغلت مصطلحات شرقية أغرت بعض الشباب ودفعتهم إلى تأسيس حركة، اختير لها من الأسماء" باركا".
وكانت هذه الجمعية غير المرخصة يختبئ وراءها جنود من أحزاب إسلامية كالعدالة والتنمية. أملا في أن تنال حصة في الحراك الاجتماعي المغربي على غرار ما قامت به كفاية في مصر، وسارع الإسلاميون إلى احتضان هذا المولود الذي خرج في مسيرات 20 فبراير. وجاء تأسيس هذه الحركة "باركا" انسجاما مع نداءات سابقة لعدد من المثقفين والمفكرين المغاربة وعلى رأسهم المهدي المنجرة.
حسن القاسمي من الفشل الدراسي إلى جماعة العدل والإحسان قال حسن القاسمي، صاحب المطبعة التي تكلفت بلافتات حركة 20 فبراير، في تصريحاته أمام الضابطة القضائية بالرباط، إنه كان على علم بفحوى اللافتات التي كانت تطبع لديه من قبل عناصر حركة "باركا "، المنخرطة في 20 فبراير، ولم يعترض على ما جاء فيها.
وفيما لم يتبن من خلال تصريحاته الانتماء الفعلي لحركة "باركا"، أوضح حسن القاسمي، أنه بعد فشله في اجتياز الباكلوريا، انخرط في جماعة العدل والإحسان المحظورة، لكن سرعان ما غادرها في 1992، لأن موقعه في الجماعة لم يترق.
ثم لجأ إلى مساعدة والده في محل بالعكاري إلى أن طوره ليصبح في خدمة طباعة اللافتات التي أثثت مشهد المسيرات في شوارع الرباط والبيضاء.
"اللافتات والشعارات هاهي والفلوس فينا هي" ومن بين الشعارات التي قام بطبعها، ذكر القاسمي: " الشعب سيقتحم معتقل تمارة، سكان مدينة بوزنيقة يطالبون بمحاكمة رموز الفساد، الشعب يرفض الدستور، الشعب يريد إسقاط النظام، وباراكا من الفساد، الشعب يريد إسقاط الحكومة والبرلمان، والشعب يريد الملكية البرلمانية وغيرها من الشعارات التي رفعت في مختلف مسيرات 20 فبراير التي شاركت فيها حركة "باركا".
وأضاف القاسي أمام الضابطة القضائية، أنه لم يكن متأكد من صحة المعلومات التي كان يطبعها باللافتات وخاصة تلك الماسة بسمعة الأشخاص كمنير الماجيدي، وفؤاد عالي الهمة ورشدي الشرايبي ونور الدين بنسودة.
والغريب أن القاسمي، قال للمحققين أنه لم يتلق أي مبلغ مالي مقابل طبع هذه اللافتات والتي بلغت قيمتها 10 آلاف درهم ما يزال ينتظر من يدفعها له.
الجهل بالقانون مصيبة وبالرغم من أنه على علم بالإجراءات القانونية التي يجب اتبعاها قصد إصدار أي مطبوع صادر عن الشركة التي يتولى القاسمي تسييرها، فضل عدم الالتزام بها واستمر في طباعة هذه اللافتات التي أساءت بعضها إلى مجموعة من الشخصيات النافذة في البلاد، والى مجموعة من المؤسسات الرئيسية في المغرب كالبرلمان.
وبمنزل حسن القاسمي صاحب المطبعة عثر المحققون على مجموعة من اللافتات، منها ما هو مطبوع ، وما هو على شكل ماكيت، فضلا عن قبعات كتب عليها اسم الحركة "باركا" و أقمصة وغيرها من الوسائل التي ترفع أثناء التظاهرات.
وأشار في تصريحاته إلى وجود مساعدين له في مدينة سلا، حيث كان يتعاون معهم في عملية طباعة اللافتات التي لا يتوفر على أجهزة خاصة بها.
"باراكا" وأخطبوط المحيط الملكي خرجت حركة "باراكا" المنخرطة في 20 فبراير يوم 24 أبريل بلافتة مثيرة، صورت أخطبوطا، وقد تفرعت أرجله ليشمل فؤاد عالي الهمة ومنير الماجيدي وغيرهم من المقربين من الملك محمد السادس.
وكانت مطبعة القاسمي قد قامت بإنجاز ذلك، بطلب من أعضاء الحركة المذكورة، وعند سؤاله حول هوية من طلب منه ذلك، اكتفى فقط بذكر الأسماء الشخصية دون باقي الأسماء العائلية، مما يعني أنه لا يدون في أجندته كامل الأسماء، وليس متخوفا من عدم أدائهم للمبالغ المالية مقابل الطبع، مما يوحي أنه قد يكون منخرطا في هذه الحركة.
وأكد القاسمي، أنه كان يدون في مفكرته التي تم حجزها، نماذج الشعارات والقياسات التي ينجز عليها المطبوعات والمنشورات والشعارات لفائدة 20 فبراير والتي تم استعمالها في مظاهرات في الشوارع دون ترخيص.
الوجوه الخفية التي تحرك "باركا" أظهرت التحقيقات التي تمت مع حسن القاسمي، أن نشطاء حركة "باركا" هم من قاموا بتصميم لافتة الأخطبوط التي ركزت على الهمة و الماجدي. ولمن لا يعرف "باركا"، نذكره أن هذه الحركة الشبابية موالية للإسلاميين خاصة حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح. وبينت التحريات أن المدعو سعيد مومن، هو من تكلف بجمع التبرعات والمساهمات من أجل طبع ونشر هذه اللافتات. ومن بين الشخصيات التي تم الاعتماد عليها من أطر العدالة والتنمية لتمويل الحملة، يبرز اسم عبد العالي حامي الدين، والحبيب الشوباني، وعضو الأمانة العامة للحزب: مصطفى الرميد. كما اتضح أن الاتصال بوسائل الإعلام والمواقع الالكترونية كان يقوم بها المدعو مصطفى بابا من الكتابة العامة للعدالة والتنمية ورشيد عباسي عضو اللجنة الوطنية لحركة "باركا". هكذا تظهر الوجوه الشيطانية التي كانت تحرك الشارع من أموال الشعب.