أصدرت محكمة الاستئناف لدى مجلس قضاء غرداية، أول أمس الاثنين، حكما بالسجن لمدة سنة واحدة في حق المناضل الامازيغي وزعيم "حركة المواطنة الميزابية"، كما الدين فخار، وذلك على خلفية قضية مايعرف بأحداث عيد الزربية سنة 2013. كما أدانت ذات المحكمة أيضا، اثنين من أعضاء حركة المواطنة الميزابية بسنة سجنا نافذا لكل منهما ، فيما أدانت ثلاثة متهمين آخرين ب6 أشهر حبسا نافذا.
ومثل، أول أمس، المناضل المزابي فخار كمال الدين، أمام محكمة الاستئناف في قضية أحداث عيد الزربية، بعد إحضاره من سجنه وهو يخضع حاليا للحبس الاحتياطي في قضية اتهامه بتهديد الوحدة الوطنية من خلال تأسيس "حركة الحكم الذاتي" في منطقة ميزاب، وإهانة هيئات نظامية وتهديد الأمن الوطني، وقد أدين بتهم التجمهر المسلح وإهانة الراية الوطنية وحكم عليه بالسجن عاما حبسا نافذا.
وتعود أحداث القضية إلى شهر أبريل من عام 2013، عندما شارك العشرات من حركة المواطنة الميزابية في احتجاج ضد تنظيم تظاهرة عيد الزربية في غرداية. وقد انتهى الاحتجاج بتدخل الشرطة واعتقال كمال الدين فخار مع 14 من أعضاء الحركة، قبل ان يتم الافراج عنه ويخضع للمحاكمة بطريقة الاستدعاء المباشر.
وتمت تبرئة ساحة ثمانية أشخاص آخرين متهمين بالتورط في هذه الأحداث التي كانت قد شهدتها مدينة غرداية في مارس 2013، وتم توقيف هؤلاء الأشخاص المتهمين بارتكاب أعمال تخريب حينما اقتحم نحو 15 شخصا المنصة الرسمية بغرض منع سير هذه التظاهرة بدعوى "إهدار المال العام".
وقد اندلعت مناوشات بين المحتجين وقوات حفظ الأمن، قبل أن تتحوّل إلى احتجاجات حقيقية تسببت في تخريب مباني عمومية وحرق سيارات وتجهيزات حضرية وإتلاف موزعات آلية للأوراق البنكية، تدخلت على إثرها قوات مكافحة الشغب باستعمال الغاز المسيّل للدموع.
واعتقلت الشرطة فخار، عقب الاحتجاجات والاحداث المأساوية التي عرفتها غرداية ومنطقة مزاب هذه السنة، بعد سنتين من اندلاع الاحداث بين الامازيغ الاباضيين والشعانبة العرب، عندما كان بصدد الخروج من مسجد بغرداية، وتم اتهامه ب"التحريض" على العنف عبر كتاباته في شبكة التواصل الاجتماعي.
ويعد فخار من أشد المدافعين عن "أمازيغية غرداية"، وكان عضواً فاعلاً في الحزب "جبهة القوى الاشتراكية" الذي أسسه الحسين ايت احمد أحد الوجوه البارزة للثورة الجزائرية، إلا أنه استقال منه منذ سنوات لخلافات مع قيادته.
ولم يهضم حزب جبهة القوى الاشتراكية، قيام كمال الدين فخار ببعث رسالة إلى رئيس الجمهورية، يطالبه فيها بحق الأقليات تجاوبا مع دعوات فرحات مهني، الذي أعلن من باريس عن تشكيل حكومة القبايل المؤقتة، وهو الأمر الذي صدم الزعيم التاريخي، حسين آيت أحمد، وأثار حفيظة السكرتير الأول لل"FFS"، معتبرين خطوة فخار تجاوزا لخط المرسوم داخل الحزب، والمتعلق بقضية الوحدة الوطنية.
وفصلت وزارة الصحة الناشط الميزابي من سلك الأطباء، بسبب مواقفه السياسية، وحدّة معارضته للسلطة التي كانت وراء دخوله السجن مرات عدة.
وتتحاشى السلطات الدخول في مواجهة مع نشطاء الحكم الذاتي، للحيلولة دون ظهورهم في صورة "أقلية إثنية تتعرض للقمع"، ولكنها تحرص بشدة على وضع حدود لمساعيهم في نشر أطروحة الانفصال التي تحظى بتأييد كبير في ولايات القبائل، وهي تيزي وزو وبجاية والبويرة، وفي بومرداس وسطيف.
كما لا يتعاطى الإعلام المحلي مع هذا الموضوع في الغالب، وإذا فعل، يشن هجوماً على رئيس ما يعرف ب"حكومة الحكم الذاتي في القبائل" (التي تأسست بباريس)، فرحات مهني، الذي كان قيادياً في حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" المعارض الذي اسسه سعيد السعدي.
ومند اندلاع الاحداث الماساوية بغرداية ومنطقة مزاب ككل، لوحظ التورط المباشر والمفضوح للسلطة ممثلة في قوات الامن في هذه الأحداث وذلك من خلال دعمها وتواطئها مع المجرمين ضد السكان الأصليين للمنطقة وهم المزابيون الذين يتبعون المذهب الاباضي، حيث غدت السلطة هذا العنف بإطلاق المجرمين والمتطرفين الذين نعتوا المزاب بأقدح الاوصاف لا لشيء سوى انهم أقلية إباضية أمازيغية في مواجهة العرب الشعانب السنة..
وحاول النظام الجزائري شيطنة المناضل كمال الدين فخار وتحميله رفقة بعض المناضلين في حركته، مسؤولية ما يقع في المنطقة من أحداث، إلا أن الواقع يكشف ان اعتقال فخار هي محاولة لاسكات احد الاصوات التي تحرج نظام العسكر في الداخل وفي المحافل الدولية بالنظر إلى حضوره الدائم في الملتقيات والندوات والانشطة الحقوقية والثقافية في الخارج، ودفاعه المستميت على حق الامازيغ وبالخصوص المزابيين من ذويه في العيش بكرامة وحرية في ظل نظام يكفل لهم حرية ممارسة شعائريهم وثقافتهم والتحدث بلغتهم كما كان يفعل آباؤهم وأجادهم منذ آلاف السنين..