أكد المشاركون في الدورة الثانية للمنتدى الإفريقي للصحة بمراكش "أفري سونتي"، اليوم الأربعاء بمراكش، أن النفقات الصحية بإفريقيا غير كافية في الوقت الراهن للقيام بعدد من الإصلاحات بالقطاع. وأبرز المشاركون في هذا الحدث المنظم على مدى يومين حول موضوع "إفريقيا في زمن الإصلاحات"، أنه على الرغم من الارتفاع الملموس للمبالغ المالية المخصصة لقطاع الصحة بالعديد من البلدان الإفريقية فإنها تظل غير كافية لتفعيل الإصلاحات التي تقوم بها هذه الدول .
واستحضروا، في هذا السياق، نموذج دول إفريقيا جنوب الصحراء والتي لا تمثل فيها النفقات الصحية سوى 1 في المائة من النفقات العالمية في قطاع الصحة، داعين إلى الاستثمار في الموارد البشرية من أجل تحسين الحكامة وتطوير الطب الوقائي موازاة مع الطب العلاجي.
وأبرز المفتش العام بوزارة الصحة لحسن شطيبي ، في كلمة بالمناسبة، أن تحسين الأوضاع الصحية لساكنة القارة الإفريقية يبقى رهينا بوضع سياسات تتلاءم مع خصوصيات القارة وسمات كل منطقة وبلد.
وأضاف أن هذه السياسات مدعوة إلى الأخذ بعين الاعتبار الآليات والمحددات التي ستسمح بتطوير أداء الأنظمة الصحية وتطور المؤشرات المرتبطة بها.
وشدد على أن الانخراط في إصلاحات جديدة يفرض نفسه اليوم أكثر من أي وقت مضى من أجل توحيد الأهداف التي تتعارض في الغالب من حيث طبيعتها، موضحا أن الأمر يتعلق بالتحكم في النفقات الصحية التي أصبحت كبيرة ومكلفة ومتطلبات الساكنة المتزايدة والتي تضمنها المفاهيم الجديدة للحق في الصحية.
وأضاف، في هذا الصدد، أن المملكة المغربية انخرطت منذ سنوات التسعينات في مسلسل كبير لإصلاح نظامها الصحي الذي أضفت عليه الإستراتيجية القطاعية للصحة 2016-2012 دفعة جديدة.
كما سجل أن تحسين وتوسيع التغطية الصحية يشكلان إحدى دعامات التنمية البشرية والاجتماعية التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
من جهة أخرى، أشاد المسؤول المغربي بتعميم نظام "راميد" والذي تجاوز نسبة التغطية الصحية الأساسية بالمغرب من 34 في المائة إلى 62 في المائة، قائلا إن الرهان يتمثل في الوصول التدريجي للتغطية الصحية الشاملة.
وبخصوص الموارد البشرية بالقطاع الصحي، أشار شطيبي إلى أن الخصاص في هذا الجانب يقدر ب15 ألف إطار ضمنها 6 آلاف طبيب و9 آلاف ممرض، في الوقت الذي لا تتجاوز فيه المناصب المالية المخصصة لوزارة الصحة 3 آلاف منصب سنويا.
من جهته، أبرز الكاتب العام المساعد لوزارة الصحة بالغابون فيليكس ندونغ أوبيانغ ، الإطار القانوني المتقدم المنظم لميدان الصحة ببلاده.
وأشار إلى أن "الحكومة الغابونية تبنت سنة 2010 سياسة وطنية للصحة تأخذ بعين الاعتبار مختلف انشغالات الساكنة وتوصيات منظمة الصحة العالمية"، معتبرا أن الإصلاحات التي تم القيام بها بالغابون تهدف بالدرجة الأولى إلى الوصول إلى نظام صحي متطور.
وبعد أن استعرض أبرز الإصلاحات الجارية بقطاع الصحة بالغابون وآليات تفعيلها، سجل المسؤول الغابوني أن حوالي 60 في المائة من ساكنة البلاد تتوفر على تأمين عن المرض.
من جانبه، سجل الخبير الدولي في الصحة العمومية البروفسور جعفر هيكيل ، أن قطاع الصحة بإفريقيا يبقى جد واعد ومستقطب للاستثمارات الأجنبية، مشيرا في المقابل، إلى أن النظام الصحي بإفريقيا يواجه اكراهات مختلفة من بينها ارتفاع الطلب على العلاجات وتمويل العلاجات الصحية.
وتناقش دورة هذه السنة، المنظمة من قبل "إي كانفيرانس" تحت إشراف وزارة الصحة، موضوعا محوريا يهم تحديات ورهانات إصلاح قطاع الصحة بإفريقيا.
ويشكل هذا المنتدى، الذي يعرف مشاركة أزيد من 200 مهني من إفريقيا وباقي دول العالم إلى جانب مسؤولين حكوميين يمثلون العديد من البلدان الإفريقية، مناسبة للتبادل حول المحاور الأساسية لتنمية سوق القطاع الصحي وتحديد آفاق تطوره على مستوى القارة السمراء.
ويسعى هذا الحدث الإقليمي والسنوي لقطاع الصحة بشمال وغرب ووسط إفريقيا إلى أن يشكل أرضية حقيقية للقاءات الثنائية والنقاشات والتبادل بين الحكومات والمهنيين والفاعلين بالقطاع وهيئات التمويل والتعاون والخبراء الدوليين.
وتتمحور النقاشات، بالخصوص، حول طريقة عمل الأنظمة الصحية الإفريقية والفرص الجديدة المتعلقة بإضفاء قيمة مضافة على هذا القطاع بالمنطقة