من عجائب الدنيا التي تعيشها المنطقة المغاربية، أن بلدا يتوفر على مخزون كبير من النفط والغاز ومن أهم منتجيهما عبر العالم، لكنه عاجز عن تزويد بعض مناطقه بالوقود، وهو ما يعبر عنه المغاربة بالمثل الشهير "جزار ومعشي باللفت"، حيث أصبحت الكثير من المناطق الجزائرية تفتقد للوقود، فلو كان الأمر يتعلق بدولة غير نفطية لكان الأمر مفهوما، لكن أن يعاني البلد، الذي يزود العالم بالنفط والغاز، فتلك هي الطامة الكبرى. وحسب مصادر إعلامية فإن ولاية قسنطينة، عرفت في الآونة الأخيرة، أزمة في التزويد بالوقود على مستوى كل محطات ضخ البنزين، بما فيها الواقعة على مستوى الطريق السيار شرق- غرب، حيث شهدت هذه الأخيرة طوابير أصحاب المركبات المختلفة للحصول على هذه المادة الحيوية.
وأصبحت الأزمة في الجزائر اليوم تنتقل كالجرب أو الأمراض المعدية من منطقة إلى أخرى، فقد انتقلت بسرعة، حسب مدير الطاقة والمناجم لولاية قسنطينةالجزائرية، من الولايات الوسطى والشرقية والتي تهافت قاطنوها على البنزين وازداد الطلب عليه بولاية قسنطينة، حيث ارتفع معدل الطلب إلى 30 بالمائة مقارنة مع الأيام الأخرى، مشيرا إلى أن الإنتاج المحلي كان يغطي الولاية إلا أن تنقل أصحاب السيارات من مختلف الولايات الشرقية إلى ولاية قسنطينة خلق أزمة.
ويذكر هذا الأمر بأزمة العطش في بعض البلدان حيث ينتقل السكان من مكان لآخر بحثا عن الماء، لكن الدول معذورة في هذه المادة الحيوية، فقد تشح الآبار والفرشات المائية، لكن كيف جفت آبار البترول أم ان هناك من سرق الخيرات بدل الاستثمار في البنيات؟
وتعاني الجزائر بشكل كبير من تدهور البنيات بما فيها البنيات التحويلية للنفط والغاز، لأن المبالغ المالية المخصصة للاستثمار تذهب لجيوب المافيات دون حسيب ولا رقيب.
كما أن موجة الرياح الأخيرة أثرت على حركة البواخر التي تحمل شحنات النفط من الخارج، حيث وجدت صعوبة في الوصول إلى موانئ سكيكدة وعنابة وبجاية وتفريغ حمولتها، حيث اضطرت إحدى البواخر على مستوى ميناء سكيكدة إلى تفريغ نصف حمولتها والعودة خوفا من انقلابها.
وتضاف هذه أيضا إلى مآسي الجزائر، التي تبيع النفط خاما في السوق الدولية بدراهم معدودة وتشتريه مصفى من السوق الدولية بأثمان باهظة بدل الاستثمار في تكرير النفط.
وسبق للبنك الدولي، المؤسسة المالية العالمية التي تراقب سير اقتصادات البلدان، أن رفع الورقة الحمراء في وجه الاقتصاد الجزائري، السائر على طريق التدهور والانهيار الشامل مع انخفاض أسعار النفط عالميا.