تسود موجة غضب عارمة وسط الجزائريين تتوسع دائرتها يوما عن يوم، وهم يتلقون الأخبار تباعا عن مآسي و كوارث ناجمة عن سوء الأحوال الجوية، في غياب تبني السلطات الجزائرية لخطة استباقية، وفي غياب ما سماه متتبعون في الداخل رؤية لدى الدولة الجزائرية لمواجهة الكوارث، مما جعل الجزائريين المحاصرين بفعل الثلوج والعواصف يشعرون أن الدولة تخلت عنهم وجعلتهم يواجهون مصيرهم بأنفسه.... النتيجة السلبية لهذا الاستهتار وعدم وجود مخطط وطني اجرائي لمواجهة الكوارث كانت ثقيلة، حيث لم تقم السلطات المكلفة بالمرور ولا بالأمن والحماية المدنية بالبروتوكول الدولي الخاص لمواجهة الظروف الجوية الخاصة، فسقط أول الضحايا وهو رضيع، بينما يوجد ما يقارب 50 شخصا في وضع حرج جدا من جراء حوادث طرقية خلال اليومين الأخيرين بولاية الجلفة، ونتج عن ارتفاع سرعة الرياح وعدم اتخاذ الاجراءات الوقائية لأجهزة السلامة المدنية والطرقية، وقوع عشرات حوادث السير، وإصابات حرجة من جراء سقوط البنايات والأعمدة الكهربائية وتمزق الحبال الكهربائية و اجثتاث الأشجار ..
الجحيم ذاته عاشه سكان ولاية الاغواط الذين عانوا من هول عاصفة رملية حجبت الرؤية والإحساس بالأمن، فتحالف استهتار الجهات المسؤولة والطبيعة في الولاية المنكوبة لتنقطع حركة المرور، حيث وجد المواطنون انفسهم وسط خيوط الضغط الكهربائي العالي وهي تسقط بقوة، تجرها العواصف وسط كومة الاشجار، ليعثر على طفل لم يتجاوز عمره 14 سنة وسط سيول الامطار القوية التي جرفته. ولم تنج ولاية تيزي وزو أيضا من جحيم الأربع والعشرين ساعة، التي كانت كافية لتعيد عدة مناطق إلى ظلام القرون الوسطى حيث انقطع التيار الكهربائي في عدة قرى بفعل الرياح العاتية، وجرفت السيول المنازل وغمرتها بالمياه عقب فيضان الأودية، ولحدود الساعة تعيش قرى نائية في عزلة تامة جراء تراكم الثلوج وتخلي الدولة عنهم..
تفاقم الوضع مرشح للارتفاع نتيجة نقص التموين بالمواد الأساسية كالخبز والحليب وكذا غاز البوتان، كما تعرف المنطقة في بلد البترول والغاز ندرة في الغازوال ... فغياب فرق الصيانة ذات القدرة والكفاءة العالية على التدخل السريع في الظروف الخاصة، انعكس سلبا على البنيات التحتية للمنشآت الكهربائية الهشة، إذ انقطع التيار الكهربائي عن أكثر من 20 ألف مواطن يقطنون ببلديات شرق ولاية البويرة على غرار أغبالو، مشدالة، آث منصور، السحاريج، أحنيف، بسبب الرياح العاتية.
وبولاية بجاية انهارت الطرق والمسالك، فتعطلت حركة المرور في عدة مناطق وغمرت المياه المؤسسات التعليمية والمنازل، وتعيش الساكنة وسط عزلة في عدة مناطق وسط الظلام ونضوب المواد الغذائية الأساسية، وانقطاع المسالك والطرق، فيما لاتزال الأجهزة المسؤولة الجزائرية تباشر الوضع بمنظومة متجاوزة وبوسائل غير محينة ولا ملائمة.
وكشفت هاته الأحوال الجوية التي عرفتها الجزائر على غرار عدة دول من حوض البحر الأبيض المتوسط عن اختلالات جمة في البنيات التحتية الطرقية وفي جودة المنشآت الكهربائية، وضعف آليات التدخل السريع، كما عرّت عن غياب مخطط للدولة لتدبير الكوارث الطبيعية وفق البروتوكول الدولي، وفي أجواء هاته الكارثة استعر النقاش حول الفساد المالي الذي أثر على جودة الطرق والبنيات وعدم تأهيل الموارد البشرية في مجال الصيانة والتدخل الوقائي والمعدات، ليلهب "صقيع" الجزائر الذي تحالف على شعبها عبث المسؤولين وفساد نظامها والطبيعة ويحرمه من وسائل الغوث والحماية والتطبيب الملائمة لمنظومة الحماية والوقاية في زمن الكوارث.