وصف رئيس البرلمان الدانماركي، موغنس ليكيتوفت، الإصلاحات التي انخرط فيها المغرب في السنوات الأخيرة بالهامة، معتبرا إياها مصدر إلهام بالنسبة لباقي بلدان العالم العربي. وقال ليكيتوفت، حسب ما اوردته "و م ع" من كوبنهاغن، إن الإصلاحات التي تم القيام بها في المغرب خلال السنوات الأخيرة هامة وملموسة، مشيرا إلى أنه في سياق التحولات الأخيرة التي يشهدها العالم العربي، شكلت المملكة استثناء من خلال مسلسلها نحو التغيير الهادئ.
وأضاف ليكيتوفت، السياسي المخضرم والعضو المؤثر في الحزب الديمقراطي الاجتماعي، الذي يقود التحالف الحكومي منذ سنة 2011، "نعتبر أن ما يقع في المغرب وتونس يمكن أن يشكل مثالا جيدا لباقي بلدان العالم العربي".
وبالنسبة لرئيس البرلمان الدنماركي، الذي كان قد قاد الدبلوماسية الدنماركية ويستعد لتقلد رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة السنة المقبلة، أن هذين البلدين المغاربيين، يشكلان في الواقع "مثالا جيدا للانتقال السلمي" بعد "ربيع عربي" لم يؤد إلى تحقيق الآمال المتوقعة منه خاصة في سوريا وليبيا.
وفي هذا الصدد، أشار رئيس فولكتينغ (مجلس الشعب الدنماركي)، الذي حضر لقاءات تحسيسية حول مدونة الأسرة وولوج النساء إلى العدالة، التي نشطها لفائدة الجالية المغربية المقيمة بهذا البلد الاسكندنافي، قضاة قدموا من المملكة المغربية، إلى أهمية مدونة الأسرة والإصلاح الدستوري في المغرب.
وقال في هذا الصدد، إن "إصلاح مدونة الأسرة جزء من التقدم الكبير الذي تحقق خلال السنوات الأخيرة"، مشيرا إلى أنه من الأهمية بالنسبة لمغاربة الدنمارك أن يكونوا مطلعين جيدا سواء على ما يجري في بلدهم الأصلي أو على الأوضاع والامكانيات، وكذا السياق التاريخي للتغيرات التي يعرفها المجتمع الدنماركي.
وأكد أنه "ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار أنه حتى في هذا البلد، كانت المعركة طويلة جدا لتمكين النساء من الولوج لنفس حقوق الرجال".
وأضاف إن إصلاح الدستور من أجل تمكين النساء من التصويت في الدنمارك، الذي يعتبر حاليا نموذجا للمساواة بين الجنسين على المستوى العالمي، لم يكن ممكنا قبل 100 عام.
وحسب ليكيتوفت، فإنه خلال هذا القرن، حيث شهد المجتمع الدنماركي بعض التحولات الأكثر عمقا في تاريخه، كانت النساء يلجن إلى سوق العمل ولكن ليس بنفس الأسس مثل الرجال.
وكانت المشاركة الفعالة للمرأة الدنماركية في الحياة الاقتصادية متاحة بفضل النظام الاجتماعي الحالي الذي يمكن على الخصوص حديثي الولادة من مكان في دار للحضانة منذ بلوغهم ستة أشهر، ويضمن الخدمات الصحية المجانية والتكفل بالمسنين.
وقد أثبتت هذه الدولة السخية وذات الرفاهية التي تساهم بشكل كبير في تنافسية النموذج الدنماركي قدرتها على البقاء في سياق الأزمة التي تعرفها أوروبا، وذلك بفضل "الأمن المرن"، وهي تركيبة اقتصادية لم يبتكرها سوى السيد ليكيتوفت حينما كان وزيرا للمالية. ويتلخص الأمر في منح المرونة لأرباب العمل والسلامة للأجراء.
وجوابا عن سؤل حول طموحاته وأولوياته حينما سيتولى رئاسة الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة، عبر هذا السياسي الدنماركي، البالغ من العمر 68 عاما، عن طموح واقعي، يأخذ بعين الاعتبار حدود ولاية تستمر مدة سنة على رأس هيئة أساسية للمداولات.
وعبر عن الأمل في أن يجلب "للأمم المتحدة النموذج الذي يكون محط إجماع، والذي يميز طريقة ممارسة السياسة في الدنمارك"، موضحا أن الأمر يتعلق بوضع أجندة مناسبة، مع وضع المسؤولين الجيدين وتسهيل عملية صنع القرار.
وفي ما يتعلق بالأهداف، قال إنه يأمل في أن يحدث، بشراكة مع الأمين العام للأمم المتحدة، إطارا لمواصلة محاربة الفقر وعدم المساواة، وتشجيع التمدرس للجميع، وتحسين صحة المرأة والطفل بعد أن تنتهي سنة 2015 أهداف الألفية من أجل التنمية.
وقال هذا السياسي الدنماركي، المرشح الوحيد لهذا المنصب باسم المجموعة الأوروبية التي تعود إليها الرئاسة الدورية لأهم هيئة تداولية بالأمم المتحدة، إن "طموحي هو العمل على تحقيق نمو مستدام يأخذ بعين الاعتبار الرهانات الاجتماعية والبيئية من خلال محاولة كل حكومة وكل دولة قدر الإمكان أن تحافظ على مسؤولية قراراتها".