بالإضافة إلى تركيزها على مواضيع ومحاور تقليدية من قبيل "الحريات العامة"، "التأسيس الديمقراطي"، "الاعتقال السياسي" و "ظروف الاعتقال"، التي يتم إثارتها على المستوى المركزي، تنخرط الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في نشاطات ملغومة تتوزع حسب خصوصيات كل جهة على حدة. ففي هذا الإطار، تعبر الجمعية عن مواقف تتناقض مع الإجماع الوطني فيما يخص القضية الوطنية، منساقة في ذلك مع إستراتيجية انفصاليي جبهة البوليساريو التي عملت منذ سنة 2000 على خلق ثغرة في الصف الداخلي حول الوحدة الترابية للمملكة من خلال إستراتيجية هجومية مبنية على اختراق الأوساط السياسية و النقابية و الجمعوية المغربية، لتمكين ناشطيها من اعتلاء منابر قانونية لتمرير خطابها الانفصالي بطريقة خفية.
فوعيا منهم بمدى تأثير وأهمية عمل منظمات المجتمع المدني في مجال حقوق الإنسان، في خدمة دعايتهم المغرضة ضد المغرب، عمل انفصاليو البوليساريو على دفع عملائهم إلى اختراق الجمعيات المغربية لحقوق الإنسان، خاصة AMDH بهدف السيطرة على فروعها في الأقاليم الجنوبية لحملها على تبني أفكارهم الانفصالية، في تناغم تام مع الاهداف المرسومة من طرف قيادة الرابوني.
وفي هذا الصدد، لا بد من الإشارة أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تتشبت، إلى حد الخروج عن الإجماع الوطني، بالدفاع عن ما يسمى "بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير"، و هي بذلك تتناغم مع المنطق المضاد و المتعنت لحزب النهج الديمقراطي اتجاه النظام الملكي، في توافق تام مع جبهة "البوليساريو"، حيث إن عددا من أعضاء هذا الحزب لم يتورعوا في المشاركة في احتفالات تخليدية لهؤلاء المرتزقة بالجزائر.
من هذا المنطلق ، تقوم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالدعاية للأطروحة الانفصالية و خصوصا المطالبة بمراقبة حقوق الإنسان بالصحراء من طرف هيئة أممية، لما يشكل هذا الطرح من اضرار لمصالح المغرب وسيادته على صحرائه.
إن هذا التعاقد الضمني بين الجمعية المغربية لحقوق الإنسان و جبهة "البوليساريو" بايعاز من الجزائر يصب في مصالح هذه الأخيرة التي تستغل تنديد هذه الجمعية بالسياسة المغربية الخارجية، خصوصا تلك المتعلقة بقضية الوحدة الترابية للمملكة، للنيل من سمعة المغرب،ضاربة بذلك عصفورين بحجر: فهي تروج من جهة لصورة جمعية حقوقية "ذات مصداقية" و من جهة ثانية تضمن الحصول على تمويلات خارجية، تستعمل لاحقا في تأطير نشاطاتها لضرب أسس الدولة المغربية.
وتجدر الإشارة في هذا الباب على سبيل المثال لا الحصر إلى أن أيقونة الجمعية خديجة الرياضي لم تتوان بعد أن نالت جائزة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان لسنة 2013 عن مساندة المشروع الانفصالي لأعداء الوحدة الترابية عبر مشاركتها في العديد من اللقاءات المنظمة من طرف الانفصاليين كأشغال الجامعة الصيفية من أجل التضامن الدولي المنعقدة من 30 يونيو إلى 06 يوليوز 2014 بمدينة رين الفرنسية والتي عرفت حضور الانفصالية دجيمي الغالية وريجيم فيلمونت عضوة "الجمعية الفرنسية لأصدقاء البوليساريو".
على مستوى الريف، فإن هذه الجمعية تعتمد على تيمة خاصة لشحن الجماهير من خلال التنديد بالهشاشة المجتمعية و الفقر و ضعف البنيات التحتية الأساسية و مطالب من قبيل الدفاع عن الهوية الأمازيغية و جبر الضرر المادي و المعنوي لساكنة الريف عقب أحداث سنتي 1959-1958.
زيادة على ذلك تستغل الجمعية قضية التعذيب و سوء المعاملة في هذه المنطقة ، يشهد على ذلك استعمالها المغرض لقضية الخمسة أشخاص الذين وجدوا محروقين داخل وكالة بنكية بالحسيمة سنة 2011 و أيضا حادث وفاة المسمى قيد حياته "كريم لشكر" (ناشط بحزب الاتحاد الاشتراكي بهذه المدينة)، من أجل اللعب على ورقة ما يسمى "الاضطهاد الممنهج" للريفيين من طرف الدولة وبهدف إذكاء الكراهية الدفينة للشباب المحلي ضد السلطة المركزية.
كما تركز هذه الجمعية نشاطها في باقي جهات المغرب على غرار جهة سوس ماسة درعة على القطاع العمالي تكريسا لتوجهها الإيديولوجي المرتبط بمبادئ الثورة البولشفية ، و ذلك نظرا لما تزخر به المنطقة من ثروات فلاحية جعلتها قبلة للمستثمرين في هذا المجال، حيث لم تنفك الجمعية عن تبني مطالب اليد العاملة في القطاع الفلاحي، كالعمال الذين يتم تسريحهم ، بهدف استعمال هذه الملفات المطلبية التي غالبا ما يتم تضخيمها لزعزعة الاستقرار، كما هو الشأن بالنسبة للقافلة التي نظمتها الجمعية، مؤخرا، تضامنا مع مجموعة من العمال بشتوكة آيت باها، تم استغلالها من طرف أعضاء هذه المنظمة الحقوقية لتحريضهم على تبني خيار التصعيد ورفض أي حلول سلمية.
في نفس السياق، فإن الأعضاء المنضوين تحت لواء "النهج الديمقراطي" و "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" في مدينة مراكش الذين يتقمصون دور المندد بالعقلية "الرجعية" للأجهزة الأمنية خاصة في التعاطي مع ظاهرة السياحة الجنسية بالمدينة قاموا بإنشاء خلية "مكافحة الدعارة و الإخلال بالحياء العام" بهذه المدينة، مع اللجوء إلى الأساليب الملتوية المرتكزة على الأكاذيب العارية من الصحة و إدانة ما تتعرض له حقوق المرأة من انتهاكات تحت لواء تنفيذ المساطر القانونية.
ومن جهة أخرى ، اختار ناشطو هذه الجمعية في الجهة الشرقية ، موضوعا يتناسب وموقعها الجغرافي ، حيث يشكل موضوع الهجرة السرية المتفشية في الحدود المغربية الجزائرية ورشا لتعتيم صورة المغرب على الصعيد الدولي، و ذلك بإصدار تقارير سوداوية و مغلوطة لا تعكس بأي وجه السياسة الرشيدة التي تنهجها المملكة في التعاطي مع هذه الإشكالية.
أما في ما يتعلق بجهة الدارالبيضاء، و بغية اتخاذ موقف الناطق الرسمي باسم الفئات الشعبية، اختارت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن تقرع على طبول إشكالية السكن، و ذلك عبر تبني عدة ملفات مطلبية من قبيل السكن العشوائي، المنازل الآيلة للسقوط و إخلاء السكن الوظيفي بما فيه الحالات المتعلقة بمتقاعدي المديرية العامة للأمن الوطني.
وبالتالي، فإن تيمات من قبيل : غلاء المعيشة، ارتفاع مستحقات التزود بالماء والكهرباء، الحق في الشغل، تردي الخدمات الاجتماعية (الصحة، التعليم، ...) إضافة إلى النزاعات القبلية المرتبطة باستغلال الأراضي من (سلالية وأراضي الجموع والكيش)، تشكل أرضية صلبة يرتكز عليها دعاة التوتر المجتمعي بغرض النيل من ممثلي السلطة وضرب مصداقية مؤسسات الدولة.
من جهته في محاولة منه لتأجيج بؤر التوترالاجتماعي أبى حزب "النهج الديمقراطي" الذي اعتاد الصيد في الماء العكر، إلا استصراخ المركزيات النقابية مذكرا إياها بدورها في حماية مصالح مختلف الفئات المجتمعية، لدفعها لاستعمال ورقة الإضراب العام بدلا من الاكتفاء بالإكراهات التي يفرضها السلم الاجتماعي، والتي تعتبر حسب أعضاء هذا الحزب باللاشعبية.
الحلقة القادمة بعنوان:"توظيف غطاء الدفاع عن حقوق الإنسان من أجل خدمة أهداف سياسوية".