قال سعيد الخمري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن الخطاب السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى الأمة أمس الأربعاء بمناسبة الذكرى الواحدة والستين لثورة الملك والشعب، تميز بجرأته من حيث شفافيته ووضوحه وصراحته إزاء الوضع الحالي للمغرب في أبعاده الشاملة . وأضاف في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء " يجب تسجيل جرأة الخطاب الملكي ، إلى جانب الخطاب الملكي الأخير بمناسبة عيد العرش ، من حيث شفافيته ووضوحه ، ومن حيث صراحته إزاء الوضع الحالي للمغرب في أبعاده الشاملة ، ومن حيث المكاسب ، ولكن أيضا من حيث تحديد الاختلالات التي يجب تصحيحها ".
وفي معرض تطرقه للنموذج التنموي المغربي ، كما ورد في الخطاب الملكي ، أوضح أن الأمر يتعلق ب " نموذج تنموي واعد يحتاج إلى تعزيز وكذا إلى تصحيح للاختلالات ، من أجل أن ينعكس هذا النموذج إيجابا على حياة المواطن العادي ، وبما يفضي إلى تقويم الاختلالات الاجتماعية".
واعتبر، من جهة أخرى، أن المعايير التي يتعين توفرها حتى ينتمي المغرب إلى مصاف الدول الصاعدة ، حددها الخطاب الملكي بوضوح من خلال تركيز جلالة الملك على ثلاثة معايير أساسية، تتمثل في التطور الديمقراطي والمؤسساتي ، والتقدم الاقتصادي والاجتماعي، والانفتاح الجهوي .
فبشأن المعيار الأول ، أوضح الأستاذ الخمري أن المغرب حقق في مجال التطور الديمقراطي والمؤسساتي مكاسب مهمة ، و" يبقى فقط التركيز على المقتضيات التي أتى بها دستور سنة 2011 ، المتعلقة بتعزيز المبدأ الديمقراطي، وتوزيع السلط ، وتعزيز مبدأ الشفافية والمحاسبة والمسؤولية ، وتعزيز دور المؤسسات الدستورية ، وإرساء مؤسسات وهيئات الحكامة ، وتقوية منظومة الحقوق والحريات " .
وأكد في هذا السياق أن تفعيل هذه المكاسب على أرض الواقع وحسن تطبيقها يظل رهينا بالمؤسسات المعنية وبمستوى النخبة الفاعلة في المغرب .
وفي ما يتعلق بالمعيار الثاني ، أعرب عن اعتقاده بأن المغرب حقق " تقدما لا بأس به بشأن تقوية عملية تحصين الاقتصاد الوطني أمام المنافسة العالمية ، حيث تمكن من الصمود أمام الهزات التي عرفها الاقتصاد العالمي ، ومع ذلك يجب تسجيل أنه لم نصل بعد إلى مستوى إصلاح هيكلي يفضي إلى تعزيز وإرساء تنافسية حقيقية للاقتصاد الوطني دوليا وداخليا ".
وشدد في هذا الصدد، على أنه يجب الانتباه إلى " استمرار الاختلالات الاجتماعية مع العمل على تصحيحها بما يجعل الاقتصاد الوطني ينعكس إيجابا على المواطن المغربي في حياته اليومية وبما يحقق نوعا من العدالة الاجتماعية في ما يخص توزيع ثمار الدخل ".
أما بشأن المعيار الثالث المتمثل في الانفتاح الجهوي ، فقد أبرز الأستاذ الخمري أن المغرب حقق خطوات مهمة على هذا المستوى ليس فقط بشأن انفتاح الاقتصاد الوطني ، ولكن أيضا على مستوى الانفتاح السياسي للدولة ، إذ لم يعد التركيز فقط على الشركاء التقليديين (الاتحاد الأوروبي / الولاياتالمتحدةالأمريكية )، لكون المغرب يركز حاليا على التواجد بقوة بالقارة الإفريقية من خلال تعزيز الاستثمار خاصة ببلدان إفريقيا جنوب الصحراء .
كما أشار إلى أن هناك توجها للانفتاح أكثر على فاعلين آخرين مثل روسيا والصين ، و" هو توجه يجب الإشادة به ".