ناقش مجلس النواب اليوم الإثنين بعض الاختلالات التي رصدها المجلس الأعلى للحسابات على مستوى تنفيذ القانون المالي وذلك في تقريره الأخير حول أعمال المحاكم المالية. وركزت المداخلات على الخصوص على تدبير المالية العمومية، والمقاربة المعتمدة لإصلاح صندوق المقاصة وأنظمة التقاعد. وأكدت ميلودة حازب رئيسة فريق الأصالة والمعاصرة أن التقرير رصد واقع التدبير العمومي وإكراهاته والاختلالات التي شابته، مشيرة إلى أن نمط تدبير مالية الدولة والمؤسسات العمومية وشبه العمومية "يجسد سوء التدبير وغياب إرادة حقيقية للإصلاح". وقالت " إن حسن تدبير المالية العمومية يعد من الإصلاحات التي لم يبذل بشأنها مجهود يذكر"، مشيرة إلى أن تقرير المجلس الأعلى للحسابات "وقف على عدة ملاحظات سلبية بخصوص تنفيذ قوانين المالية". وأشارت إلى أن صناديق التقاعد تعاني من "اختلالات هيكلية" تتطلب استنفار جهود جميع الأطراف وفتح الحوار والتشاور "المفقودين إلى حد الآن وبالسرعة المطلوبة ". وأضافت أن منظومة المقاصة من الإصلاحات "المؤجلة " والتي أشار إليها التقرير، والتي عرفت إجراءات وتدابير "انتقائية"، بغاية التقليص من العجز دونما اعتبار لنتائجها السلبية على القدرة الشرائية للمواطنين. من جانبه أكد خليفي قدادرة عن الفريق الدستوري أن تقرير المجلس الأعلى للحسابات يشكل مرجعا مهما في إطار جمع المعلومات ورصدها ومعاينة جملة من الاختلالات بما يمثله ذلك من إمكانية تقديم رؤى واضحة من أجل التعاطي معها. وأكد بخصوص صندوق المقاصة، على ضرورة تهييئ شروط موضوعية لفرض الأسعار الدولية على السوق المغربي، وإعادة النظر في منظومة الأجور، معبرا عن تحفظ فريقه على صرف إعانات مباشرة، وتوجيهها بالمقابل إلى الجماعات الفقيرة لخلق أنشطة مدرة للدخل. أما عادل بنحمزة عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية فأشار إلى عدم واقعية الفرضيات المعتمدة لمشاريع قوانين المالية خاصة فيما يتعلق بمعدل النمو مما يؤدي إلى تجاوز نسب العجز المسجلة لتلك المتوقعة برسم قوانين المالية. وتناول ما كشف عنه التقرير بخصوص صندوق المقاصة من اختلالات كبيرة تطبع عمل الصندوق وما تتربت عنها من انحرافات وسلوكات غير اقتصادية، من قبيل تبذير الموارد، وعدم التشجيع على استغلال الطاقات المتجددة وعدم التحفيز على تقليص التكاليف. أما بالنسبة لأنظمة التقاعد فقد أكد أن التقرير كشف بشكل واضح الوضعية الصعبة التي تتخبط فيها أنظمة التقاعد، التي يسجل مجموع الديون غير المشمولة بالتغطية حتى نهاية 2011 ما مجموعه 813 مليار درهم ليصل عجز هذه الصناديق إلى مستويات تدعو للقلق ولو بنسب متفاوتة. وتطرق عادل قيشوحي عن الفريق الحركي إلى بعض الملاحظات التي سجلها المجلس الأعلى للحسابات المتعلقة بتنفيذ قوانين المالية كضعف وتيرة تنفيذ ميزانية الاستثمار، وعدم إمداد المجلس بالوثائق الضرورية لإعداد قوانين التصفية في الوقت المطلوب، والارتفاع المتزايد للمبالغ المحولة من ميزانية الدولة إلى المؤسسات العمومية. وأشار إلى كلفة المقاصة التي تشكل إشكالية كبرى لتوازن المالية العمومية، والتي من شأنها تعميق العجز. وأكد محمد التويمي بنجلون عن فريق التجمع الوطني للأحرار أن الظرفية الراهنة تفرض التحكم في المالية العمومية مشددا على ضرورة ممارسة الدولة لرقابتها على المؤسسات والمقاولات العمومية. واعتبر أن أنظمة التقاعد تشكل "خطرا" على المالية العمومية مؤكدا على ضرورة القيام بإصلاح هيكلي يحافظ على القدرة الشرائية للمتقاعدين. من جهته، تطرق عبد الله بوانو رئيس فريق العدالة والتنمية إلى إشكالية العجز الذي تعاني منه ميزانية الدولة مؤكدا على ضرورة مضاعفة الجهود من أجل التقليص من النفقات العمومية. وأكد رشيد ركبان عن فريق التقدم الديمقراطي أن اللانجاعة الاقتصادية واللاعدالة الاجتماعية التي تميز نظام المقاصة، يجب ألا يؤدي إلى حذف صندوق المقاصة أو تخلي الدولة عن مسؤوليتها في الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، خصوصا الأكثر فقرا. وشدد على أن فريقه لا يتفق مع رفع الدعم الشامل، أو التحرير التام للأسعار، وأنه ينبغي على الدولة الاستمرار في دعم بعض المنتجات، و توفير الاعتمادات في قانون المالية لهذا الغرض، في إطار متعدد السنوات لقوانين المالية (3 بالمائة على سبيل المثال من الناتج الداخلي الخام)، مع أخذ تطور الأسعار، دوليا، بعين الاعتبار، ولكن كذلك ضرورة التحكم في معدل التضخم والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين.