من بين المواضيع الاساسية المتنوعة التي تطرقت إليها استمارة الاحصاء العام للسكان والسكنى، المزمع انطلاقه يوم فاتح شتنبر القادم، إدراج سؤال حول كتابة وقراءة اللغة الأمازيغية بحرف "تيفيناغ"، وذلك ضمن خانة الأسئلة المرتبطة بمجال التربية والتعليم واللغات المحليّة المُستعملة. إدراج سؤال حول كتابة وقراءة اللغة الأمازيغية بحرف "تيفيناغ"، يطرح عدة اسئلة حول خلفيات هذا الادراج لأن الفرق بين سؤال "هل تتحدث او تتحدثين بأحد اللهجات الامازيغية؟" يختلف عن سؤال " هل تتقن او تتقنين كتابة وقراءة اللغة الأمازيغية بحرف "تيفيناغ"؟
ويتضح من خلال طبيعة السؤال ان الغرض منه هو:
اولا: التحكم في العدد الاجمالي للناطقين بالامازيغة في المغرب وإعطاء نسبة هزيلة لعدد "الامازيغفون" علما ان الكتابة بحروف تيفيناغ لا يتقنها كل من يتحدث بالامازيغية، وحتى بعض المناضلين في الحركة الامازيغية، وهي ظاهرة معروفة ومسندة موضوعيا وذاتيا بالنظر إلى حداثة تدريس الامازيغية واعتماد حرف تيفيناغ في كتابتها سواء في المدارس او في الفضاءات العمومية. .
ثانيا: وهو الامر الخطير في هذا الاجراء، إذ الهدف منه هو التشكيك في نجاعة الاعتماد على حرف تيفيناغ لكتابة الامازيغية، لأن المغاربة والامازيغفونيين منهم لا يتقنون جميعا قراءة وكتابة اللغة الامازيغية بهذه الحروف نظرا لما اوردناه في السابق، ومن تم الاعتماد على هذه الاحصائيات التي ستكون فيها نسبة الذين يكتبون ويقرأون الامازيغية بتيفيناغ ضعيفة جدا، والركوب عليها لإعادة النظر في قرار اعتماد تيفيناغ كحرف رسمي للامازيغية..
ونحن نرجح التأويل الثاني أكثر، بالنظر إلى ما جاء على لسان المندوب السامي للتخطيط أحمد الحليمي، خلال ندوة امس الاربعاء، حيث اعتبر ان ادراج سؤال حول كتابة وقراءة اللغة الأمازيغية بحرف "تيفيناغ" جاء نتيجة عدم فهم المغاربة لهذه الكتابة حسب قوله، وهو ما يسير في اتجاه الطرح الذي حاول ويحاول حزب العدالة والتنمية ومجموعة من المعارضين لترسيم الامازيغية وكتابتها بتيفيناغ، الدفاع عنه من خلال الدعوة إلى اعادة النظر في حروف كتابة الامازيغية وميلهم الشديد لكتابتها بالحرف الارامي الذي يعتقدون انه عربيا، ومطالبتهم باستفتاء شعبي حول هذه المسألة !..
كما ان هذا الاجراء يأتي كنوع من الارضاء وجبر الخاطر لحكومة بنكيران، وذلك بعد معركة تقارير المندوبية السامية للتخطيط التي جاءت معاكسة لتخمينات حكومة بنكيران، وغضب لحليمي من الانتقادات الموجهة إليه من طرف عبد الاله بنكيران وكذا محمد نجيب بوليف، وزير الحكامة والشؤون العامة في النسخة الاولى لحكومة الاسلاميين، واتهامه بالتشويش على الحكومة بأرقم مغلوطة، والمطالبة بالتقليص من صلاحيات المندوبية لتشمل مجال الإحصاء فقط، في حين تتولى الحكومة التخطيط وبالتالي الخروج باستنتاجات وأرقام من داخل البنية الحكومية باعتبارها المسؤولة الأولى على حصيلتها..
وإذا تم السكوت على هذا الاجراء، فإن المتشبثين بحرف تيفيناغ سيجدون انفسهم غدا في مواجهة "النكوصيين" الذين سيعتمدون على نسبة المغاربة الذين يتقنون قراءة وكتابة الامازيغية بتيفيناغ، وهو قلة قليلة حاليا، وذلك لضرب احد المكتسبات التي حققتها الحركة الامازيغية منذ عقد من الزمن والمتمثل في اعتماد تيفيناغ في كتابة اللغة الامازيغية..