يظهر أن الجزائر بدأت تطلب من المغرب "السلة بلاعنب" كما يقول المثل المغربي، وبدت السلطات الجزائرية جد مسالمة مع المغرب في خضم صراعات الجيش والمخابرات، والفوضى التي يعرفها الشارع الجزائري عقب ترشح بوتفليقة. ففي وقت تشهد فيه الجزائر اضطرابات داخلية، وقمع تظاهرات جماهيرية وطلابية دعت إلى الاعتراض على تمكين الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة من الترشح لعهدة رابعة، حيث أسفر تدخل القوات الأمنية الجزائرية عن بعض الجرحى والموقوفين، الذين تم إطلاق سراح البعض منهم بعد التحقيق معهم في مراكز الشرطة، ومن بينهم أطر عليا وطلبة ومنتمون سياسيون وغير منتمين.
وفي الوقت الذي يبدو فيه أن المغرب يسجل نقاط تفوق تلو أخرى على صعيد السياسة الخارجية والاستثمار الخارجي، من خلال الجولة الإفريقية الناجحة التي قام بها جلالة الملك محمد السادس لأربع دول من غرب القارة السوداء. في ظل هذا المشهد يطل علينا مسؤول جزائري رفيع حاول أن يتكلم بلسان الحكمة والتعقل، على غير المألوف من الساسة الجزائريين الملجومين بتعليمات العسكر.
ففي برنامج تلفزيوني على إحدى القنوات الجزائرية، بث يوم الثلاثاء 4 مارس 2014، تحدث مجيد بوقرة، الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، عن ما أسماه ب "ضبط النفس" و "التعقل" بين المغرب والجزائر، إثر الحملات المتبادلة التي شنها مسؤولون سياسيون وأحزاب سياسية ووسائل إعلام مغربية وجزائرية.
وألح السيد بوقرة، الذي نزل ضيفا على برنامج "على الخط " لقناة التلفزيون الجزائري (كنال ألجيري)، على "ضرورة وضع حد لهذه (الحملة) لنتمكن في ظل السكينة والهدوء من بناء علاقة هادئة بين البلدين الشقيقين والجارين اللذين يتقاسمان الكثير."
وبعد أن أكد أن العلاقات بين الجزائر والمغرب "لا ترقى للمستوى المطلوب"، أوضح السيد بوقرة أن الجزائر "ما انفكت تبذل الجهود من اجل إدراج علاقتها مع المغرب في إطار مسار تطبيع تدريجي".. وتأسف قائلا: "مع الأسف إخواننا في المغرب لم يتجاوبوا مع هذه الإرادة، وهذا الاستعداد"، مذكرا بأنه رغم الانتهاك الأخير لحرمة مبنى القنصلية الجزائرية بالدار البيضاء، وتدنيس العلم الوطني يوم العيد الوطني عرفت الجزائر "كيف تتحلى بما يلزم من السكينة وضبط النفس و التعقل"..
وبخصوص طلب المغرب الملح من أجل إعادة فتح الحدود مع الجزائر، قال السيد بوقرة: "لقد سبق وأن حاولنا سنوات 2000 و 2005 و 2011 العمل في مسار تدريجي، لأننا كنا نريد تسوية كل المشاكل القائمة على الصعيد الثنائي قبل التوجه نحو هذا المنظور"..
وبخصوص تهريب المخدرات على الحدود قال في هذا الصدد "لقد كان بإمكاننا معالجة هذا المشكل لو كان هناك تعاون حقيقي من طرف مصالح جارنا المكلفة بمكافحة هذه الظاهرة ".. و أوضح أن "الجزائر تريد معالجة هذا المشكل في إطار التعاون الثنائي للجوار إذ- كما قال- إنها أحكم طريقة لتسوية هذا المشكل".. واستدل السيد بوقرة من جهة أخرى بخبراء يعتبرون أن كمية المخدرات المحتجزة على الحدود مع المغرب لا تتجاوز 10 إلى 20 بالمائة من العدد الإجمالي للكمية التي تفلت من حراسة مصالح الأمن الجزائرية.
وأكد أن "ذلك لا يعني أن المسالك و المسارات الأخرى للتهريب تحظى بمراقبة أفضل أوهي مغلقة، ولكن ذلك يعني إن هناك إرادة في ترك كميات معتبرة من المخدرات تمر عبر التراب الجزائري"..
الوزير الجزائري أراد من خلال خرجته هاته أن يبرق الى الرباط رسائل تطمين، مؤكدا على أن تخف وثيرة الضغط الاعلامي المغربي على الجزائر وهو ما يعني أن المغرب نجح في مخططاته لتحصين الموقف المغربي السيادي.